قبل إطلاق الحكم صافرة النهاية بـ10 دقائق في لقاء برمنغهام سيتي وبريستون نورث إند، السبت، الذي انتهى بهزيمة الأول بنتيجة 3 - 1، مرر المدافع مايكل موريسون الكرة على نحو اعتيادي إلى ناحية اليسار، لكن بدلاً من ذهابها إلى زميل له، مضت في طريقها قدماً نحو الخارج، لتستقر على بعد بضع ياردات من مدربه. أما هاري ريدناب، فقد انتفخت خدوده على نحو يوحي بأنه كان غير آبه للكرة.
وفي أقل من ساعتين من انطلاق صافرة النهاية، خرجت هذه المعضلة برمتها من يديه؛ كانت أصوات جماهير بريستون قد تعالت تصيح: «اطردوه في الصباح»؛ توقيت بدا لاحقاً أنه مفرط في التفاؤل، بفارق قرابة 12 ساعة عن التوقيت الفعلي لصدور قرار الاستغناء عن خدمات ريدناب. كان برمنغهام قد أصابه الذعر جراء المأزق العصيب الذي عايشه الموسم الماضي، عندما سمح لفترة عمل مدربه جيانفرانكو زولا بأن تمتد حتى أصبح الفريق قاب قوسين أو أدنى من الهبوط (الأمر الذي أنقذهم منه ريدناب). وعليه، اتخذ قراره بأن التعرض لست هزائم متتالية، واحتلال المركز الثاني من الأسفل بجدول ترتيب أندية دوري الدرجة الثانية، أمر من المتعذر أن تقف إدارة النادي ساكنة أمامه.
ومع هذا، جاء قرار فصل ريدناب بعد أقل من ساعتين من انطلاق صافرة نهاية المباراة، متسرعاً بجميع المقاييس، ولا يبشر بأي خير بخصوص مستوى التخطيط داخل النادي على المديين الطويل والمتوسط، بل والحاضر. وبالتأكيد، قرار طرد ريدناب تطور سيء بالنسبة لمشجع برمنغهام الذي رسم وشماً على جسده لصورة ريدناب وهو يطل برأسه خارج نافذة سيارة، وإن كان إقدام أي شخص طواعية على مثل هذا الأمر ينبئ عن معاناته من مشكلات أكبر.
جدير بالذكر أنه قبل انطلاق المباراة، عرضت الشاشات الكبيرة داخل الاستاد مقطعاً مصوراً يرحب بأحدث ستة لاعبين ضمهم برمنغهام إلى صفوفه خلال الصيف؛ اللاعبين الستة الجدد الذين انضموا إلى النادي خلال الساعات الأخيرة من موسم الانتقالات، لينضموا بذلك إلى 8 آخرين كانوا قد انضموا للنادي في وقت سابق. وجاءت عدم مشاركة هؤلاء الستة أمام الجماهير صاحبة الأرض لتؤكد على النهج غير المنطقي في التفكير الذي تتبعه إدارة النادي: لماذا يجري السماح لمدرب بإجراء إصلاح كامل لفريق، عبر ضمه 14 لاعباً جديداً، ثم الاستغناء عن خدماته بعد 3 مباريات فقط من عملية الشراء؟ في الواقع، الأمر أشبه بأن تطلب من شخص تجديد ديكورات منزلك، ثم تطرده لأن الطلاء الجديد لم يجف خلال 20 دقيقة.
صباح الأحد، أطلق مدير برمنغهام، شواندونغ رين، تغريدة قال فيها: «لن نتمكن أبداً من توجيه الشكر الذي يوفي ريدناب حقه لإنقاذه النادي من الهبوط (الموسم الماضي)، لكن حان الوقت للمضي قدماً. لم يكن قراراً متسرعاً، بل لم يكن قراراً سهلاً على الإطلاق». وفي الواقع، لا يملك المرء هنا سوى التساؤل: ما الذي يعد إذن قراراً متسرعاً لو أن هذا القرار ليس كذلك؟ الملاحظ أن ثمة شعوراً بالارتياح ساد العام الماضي، عندما استحوذت «تريليون تروفي إيجا غروب» على الحصة المتبقية من النسبة التي كان يملكها كارسون يونغ من النادي. ومع هذا، فمن الواضح أن الدماء الجديدة التي تدفقت على المستويات العليا من إدارة النادي لم تفلح في تحقيق الاستقرار.
وخلال الشهور الـ11، منذ تولي المجموعة الجديدة السيطرة على مقاليد إدارة النادي، أقدمت على طرد المدرب غاري رويت لأسباب مبهمة بعض الشيء، بينما سمحت لزولا بالاستمرار لفترة طويلة للغاية، في الوقت الذي طردت فيه ريدناب في قرار لا يمكن وصفه سوى بأنه رد فعل إزاء الشعور بحالة من الذعر. ولو أن هناك أي مؤشر على وجود خطة، أو مسار واضح للتفكير، ربما كان يصبح من الممكن افتراض حسن النية من جانبهم، لكن هذا غير واضح.
وفي الوقت الراهن، يبدو برمنغهام مجموعة من الأشخاص الذين يقفون في شكل دائري، بينما يشيرون بأصابع الاتهام في وجه بعضهم بعضاً، ولسان حال كل منهم - بما في ذلك المدرب - يقول: «لا بد أن هذا الوضع نتاج خطأ ارتكبه شخص ما، لكنه ليس أنا».
تجدر الإشارة إلى أن قرار طرد ريدناب جاء إعلانه بعد 50 دقيقة من المؤتمر الصحافي الذي شارك به في أعقاب المباراة، والذي تحدث خلاله لمدة 13 دقيقة. وخلال ذلك الوقت، أشار ريدناب 19 مرة إلى موقفه باعتباره «صعباً» أو «قاسياً»، وذكر إصابات اللاعبين 12 مرة. كما أشار إلى أخطاء فردية وقع فيها لاعبوه ليس أمامه سبيل للسيطرة عليها 10 مرات، بل وأوعز إلى أن اللاعبين أخفقوا في الالتزام بتعليماته. أما اللحظة الوحيدة التي بدا فيها أنه يذعن أمام فكرة أنه قد يتحمل، ولو بصورة جزئية، المسؤولية عما حدث، فجاءت عندما قال: «عن نفسي، أتحمل اللوم... أليس كذلك؟ هذه هي طبيعة كرة القدم».
وبطبيعة الحال، لا يبدو هذا إقرارا واضحاً بالتقصير من جانب رجل لا يتوانى عن نسب كامل الفضل لنفسه، عندما تسير الأمور على ما يرام. وقد أضاف وهو يهز كتفيه: «ماذا يمكن للمرء فعله إزاء ذلك؟ أنت تقف هناك باعتبارك المدرب - ماذا يمكنني فعله حيال ذلك؟ ماذا يمكن لأي شخص فعله؟». في الواقع، هناك الكثير الذي يمكن فعله.
وتضمن حديث ريدناب كثيراً من الشكاوى الأخرى. فحتى فيما يخص اللاعبين الـ14 الجدد، تحسر ريدناب على فشل النادي في ضم جوردان آيو جيل، الحائط البشري صاحب القميص رقم 9، الذي سجل الهدف الثاني لبريستون. كما أن العذر الذي طرحه لاستعانته «بظهير أيمن محل ظهير أيسر» تقوض بوجود كوهين برامال على مقعد البدلاء. كما أن تعليقه حول أنه كان يفضل لو أنه لم يختر اللاعبين الثلاثة الذين بدأ بهم مباراة السبت في خط الهجوم، وأن الفريق يضم «بعض اللاعبين الجيدين، ربما واحد أو اثنين»، لم يكن بناءً على الإطلاق.
وطرح ريدناب وجهة نظره بخصوص الإصابات: نجح اللاعبون المنضمون حديثاً إلى الفريق، كارل جنكنسون وجيسون لوي وخوتا، فيما بينهم في المشاركة أقل من 300 دقيقة قبل تعرضهم (الثلاثة) لإصابات مختلفة. أما تشي آدامز، فقد عاد من إصابة في العرقوب تعرض لها، ليشارك أمام ليدز يونايتد، لكن سرعان ما خرج من الملعب بعد 20 دقيقة بسبب إصابة جديدة في عرقوب القدم الأخرى. ومع هذا، ظل بمقدور ريدناب ذكر 11 لاعباً جديداً انضموا إلى الفريق، السبت.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الإصابات حرمت بريستون من 4 من لاعبي الفريق الأول، بينهم قائد الفريق، إلى جانب فقدان الفريق لمدربه بعد أسبوع من بدء تدريبات الاستعداد للموسم الجديد. وكان أليكس نيل قد حل محل سيمون غريسون قبل شهر من المباراة الأولى للفريق. ومع هذا، نجح بريستون في التعامل مع الأمر بهدوء، وتمكن من سحق برمنغهام خلال الشوط الثاني، ليحتل حالياً المركز الرابع في جدول ترتيب أندية دوري الدرجة الثانية (تشامبيون شيب).
ويكمن الاختلاف الأكبر بين الفريقين في أن بريستون يتمتع ببعض الاستقرار المؤسسي، الأمر الذي يبدو غائباً تماماً عن برمنغهام. والآن، قد يشعر ريدناب بأنه بحال أفضل بعيداً عن برمنغهام، وقد يشعر برمنغهام بحال أفضل من دونه، لكن تبقى الجماهير محصورة في قلب هذه الفوضى.
سياسات برمنغهام المتخبطة وراء طرد ريدناب
النادي سمح للمدرب بضم 6 لاعبين جدد في موسم الانتقالات ثم تخلص منه بعد 3 مباريات
سياسات برمنغهام المتخبطة وراء طرد ريدناب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة