السعودية تدعو أكراد العراق إلى العدول عن إجراء الاستفتاء

العبادي: سيكون تراجع الإقليم بلا ثمن ونحن من يطالب بالضمانات

TT

السعودية تدعو أكراد العراق إلى العدول عن إجراء الاستفتاء

دعت السعودية أكراد العراق، أمس، إلى العدول عن تنظيم الاستفتاء حول الاستقلال المقرر في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، منبهة إلى وجود «مخاطر» قد تترتب على تلك الخطوة. كما دعت الأطراف العراقية كافة، إلى الدخول في حوار لتحقيق مصالح الشعب العراقي، بجميع مكوناته: «وبما يضمن تحقيق الأمن والسلام في العراق الشقيق ويحفظ وحدته وسيادته».
وقالت الرياض، إنها تتطلع إلى حكمة وحنكة رئيس الإقليم مسعود بارزاني في العدول عن إجراء الاستفتاء الخاص باستقلال إقليم كردستان العراق: «لتجنيب العراق والمنطقة مزيداً من المخاطر التي قد تترتب على إجرائه». وقال مصدر سعودي مسؤول: إن دعوة السعودية لتأجيل الاستفتاء، تأتي «تقديراً للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، وما تواجهه من مخاطر، وحرصاً منها على تجنب أزمات جديدة قد ينتج منها تداعيات سلبية، سياسية، وأمنية، وإنسانية، تشتت الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، بما في ذلك مكافحة التنظيمات الإرهابية والأنشطة المرتبطة بها. وانسجاماً مع المواقف الإقليمية والدولية بهذا الشأن».
وقال المصدر، إن السعودية وهي إذ تعبر عن تقديرها لرئيس الوزراء العراق حيدر العبادي على جهوده في خدمة العراق والشعب العراقي، بمكوناته كافة، كما تعبر عن تقديرها للقادة ومكونات الشعب في إقليم كردستان العراق، وما حققه من إنجازات وتقدم في المجالات كافة «لتدعو إلى الحفاظ على هذه المكتسبات وعدم التسرع في اتخاذ أي مواقف أحادية الجانب من شأنها أن تزيد من تعقيد الوضع الإقليمي، والعمل وفق ما تقتضي مصلحة الطرفين ويحقق تطلعات الشعب العراقي بالعودة إلى الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين وأحكام الدستور العراقي».
وفي بغداد، اعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن «تراجع الكرد عن قضية الاستفتاء سيكون بلا ثمن، ونحن من سيطالب بضمانات». وتتطابق وجهة النظر هذه مع أغلب وجهات النظر العربية التي ترى أن «لا معنى لتقديم ضمانات للطرف المتسبب بالأزمة». موقف العبادي الأخير عبّر عنه خلال لقائه مجموعة من الصحافيين مساء أول من أمس (الثلاثاء)، وجدد فيه رفضه استفتاء كردستان «سواء حصل الآن أو في المستقبل، أو أقيم داخل حدود الإقليم أو خارجها، وهو مخالف للدستور وفيه تجزئة وإضعاف للبلاد».
وتكلم العبادي بلغة هادئة رفض خلالها القبول ببعض المواقف التصعيدية الصادرة من الأطراف الكردية أو العربية، معتبرا أن «أصحاب الخطابات النارية هم أول المنهزمين، فشعارات التهديد الرنانة تنتهي بهزيمة أصحابها». مضيفا: «لن يأتي اليوم الذي يتقاتل فيه العراقيون فيما بينهم». وأشار العبادي إلى القاعدة الشرعية التي يستند إليها في قضية حجاجه مع الكرد، وذلك من خلال «إصدار جميع السلطات في العراق قراراً بعدم دستورية استفتاء كردستان»، في إشارة إلى رفض مجلس النواب والمحكمة الاتحادية العليا موضوع الاستفتاء. لكن العبادي لم يتجاهل الإشارة إلى استعمال القوة أن تطلب الأمر ذلك في معرض حديثة عن محافظة كركوك. وداعياً جميع الجهات في كركوك أن «لا يقحموها في المشاكل»، وكشف عن أنه أبلغ «الأكراد بأنهم في مرحلة معينة أخذوا نفط كركوك بالقوة».
وذكر العبادي إلى أنه أبلغ الكرد مرارا بعدم «القبول بفرض سياسة الأمر الواقع؛ لأننا شركاء في كل شيء، وحتى لو أرادوا التحول إلى النظام الكونفيدرالية، فيجب أن نحتكم للدستور ونصوت سوية على أي تعديل». وأعرب العبادي عن عدم قبوله بالمبادرة التي أطلقها ممثل الأمين العام في العراق يان كوبيتش، التي تقترح العدول عن الاستفتاء، مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل خلال ثلاث سنوات، معتبرا أن «الأمم المتحدة ليس لديها إشراف ووجودها بطلب من الحكومة العراقية».
إلى ذلك، رفض ائتلاف «دولة القانون» الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي هو الآخر مبادرة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق؛ لأنها «احتوت ضمنياً على فقرات غير دستورية» كما ورد في البيان الائتلاف الذي يتزعمه نائب الرئيس نوري المالكي. وقال البيان «نرفض المبادرة المقدمة من قبل السيد يان كوفيتش ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق والتي طرحها رئيس الجمهورية؛ لأنها حددت مدداً زمنية لنجاح المفاوضات الأمر الذي يعد شرطاً مسبقاً للحوار، وهو ما نرفضه إطلاقاً»، مضيفا: «نرفض إجراء الاستفتاء في كردستان وفي المناطق المتنازع عليها، ونرفض نتائجه وما يترتب عليه، باعتباره موضوع مخالف لمواد الدستور بصورة فاضحة، وعلى الإقليم الخضوع لقرارات المحكمة الاتحادية وإيقاف الاستفتاء فوراً». وجدد ائتلاف القانون دعمه إلى الحكومة ومجلس النواب في موقفهما من الأزمة، وشكر «دول العالم الشقيقة والصديقة التي تلتزم بوحدة العراق وشعبه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.