واصلت قوات النظام السوري يوم أمس الثلاثاء تقدمها في المنطقة الواقعة شرق الفرات بعد ساعات على اجتيازها النهر، وهو ما اعتبرته «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركيا «تحديا مباشرا لها» كونها تشن ومنذ التاسع من الشهر الحالي حملة عسكرية على تنظيم داعش في الريف الشرقي، تتزامن مع حملة مماثلة أطلقها النظام في الريف الغربي أوشك على إثرها على محاصرة عناصر التنظيم داخل مدينة دير الزور.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها تمكنت من السيطرة على قرية مراط الواقعة في الضفاف الشرقية لنهر الفرات، بحيث تعد هذه أول قرية تسيطر عليها في الضفة الشرقية للنهر، بعد نحو 24 ساعة من عبورها النهر. وأفاد المرصد بأن اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام وعناصر تنظيم داعش على محاور واقعة في محيط منطقة مراط والقرى القريبة منها، في محاولة من النظام تحقيق مزيد من التقدم في المنطقة، والسيطرة على مناطق مقابلة لمدينة دير الزور ومطارها العسكري. ويحاول «داعش» بشتى الوسائل صد الهجوم الكبير الذي تشنه قوات النظام المدعومة روسياً، بحيث أفيد عن تكثيف عملياته الانتحارية، وآخرها استهدفت المجموعة التي عبرت نهر الفرات إلى الضفاف الشرقية للمدينة، في محور مراط، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام.
وبالتزامن مع التقدم الذي يحققه شرق الفرات، واصل النظام معاركه في الريف الشمالي الغربي لدير الزور، حيث تحدث المرصد عن اشتباكات عنيفة تخوضها قواته مع عناصر «داعش» الذين «يستميتون لاستعادة السيطرة على المنطقة التي ضاق الخناق عليهم فيها». وبحسب مصادر متقاطعة، فإن النظام يسيطر حاليا على نحو 75 في المائة من مدينة دير الزور ويتحضر بعد استقدام تعزيزات عسكرية إلى المدينة في الأيام الماضية لعملية عسكرية يسعى من خلالها إلى إجبار التنظيم على الانسحاب منها.
وتتوالى خسارات «داعش» على كل المحاور، فكما في دير الزور كذلك في الرقة حيث أوشك على خسارة المدينة كاملة، وهي التي كان تُعتبر حتى الأمس القريب عاصمته ومعقله الرئيسي.
وقال أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة (الرقة تذبح بصمت)، إن «سوريا الديمقراطية» سيطرت على نحو 80 في المائة من المدينة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن 600 عنصر من «داعش» ما زالوا يقاتلون فيها. من جهته، رجّح مهاب ناصر، الناشط المعارض في الشمال السوري والمتابع عن كثب لمجريات معركة الرقة انتهاء العمليات داخل المدينة خلال شهر، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نحو 15 ألف مدني ما زالوا محاصرين في عدة أحياء ووضعهم الإنساني سيئ للغاية بسبب الحصار والقصف والمعارك الدائرة».
ميدانيا، قال المرصد السوري يوم أمس إن القتال بين عناصر «داعش» من جهة، ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية من جهة أخرى، لا يزال مستمرا على محاور في محيط مركز مدينة الرقة وفي شمال شرقي المدينة ومحاور بالقسم الغربي منها، فيما أفاد المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية بـ«اشتباكات عنيفة تدور في معظم أحياء المدينة»، وبخاصة في حيي الأمين والحني الواقعين في مركز المدينة وحيي الرميلة والروضة الواقعين في شرقها.
أما حملة «الرقة تذبح بصمت» فأفادت بسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على شارع تل أبيض وسط الرقة، والذي يعتبر أهم سوق في المدينة، موضحة أنه وبهذا التقدم تكون هذه القوات قد سيطرت على «النصف الشرقي لمدينة الرقة بشكل كامل، فيما لا تزال أجزاء من القسم الغربي تحت احتلال «داعش»، الذي يتخذ من قرابة 20 ألف مدني دروعا بشرية». ونشرت الحملة حصيلة لمعارك الرقة بعد 100 يوم على انطلاقها، لافتة إلى مقتل 1463 مدنياً خلالها وإصابة الآلاف. وأحصت الحملة 2832 غارة جوية لطائرات التحالف الدولي وآلاف القذائف المدفعية التي أطلقتها «قسد» على مدينة الرقة، مشيرة إلى أن «داعش» نفذ أكثر من 80 عملية انتحارية للتصدي للقوات المهاجمة. وقالت الحملة في إحصائيتها، إن المعارك في الرقة تسببت بتدمير 75 في المائة من المدينة، كما تم تدمير 5 مستشفيات و29 مسجداً.
وفي محافظة الحسكة، أفيد يوم أمس بمقتل خمسة أشخاص بينهم عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» جراء تفجيرات استهدفت معمل غاز الجبسة في منطقة الشدادي التي تسيطر عليها القوات جنوبي المحافظة. وقال المرصد السوري إن أربعة من عناصر تنظيم داعش، تمكنوا من التسلل لمنطقة المعمل ومن ثم تفجير أنفسهم في المنطقة، عقب اشتباكات دارت بين المهاجمين وعناصر من «سوريا الديمقراطية»، بالأسلحة الخفيفة، أعقبها تفجير مقاتلين لأنفسهم بأحزمة ناسفة مستهدفين مقراً ومواقع لـ«سوريا الديمقراطية».
إلى ذلك، حذر أحمد الجربا، رئيس (تيار الغد السوري)، من غياب النفوذ العربي في الصراع السوري، مؤكدا في كلمته أمام اللقاء التشاوري الأول للقبائل والقوى السياسية العربية السورية في المنطقة الشرقية، الذي تستضيفه القاهرة، أن سوريا أصبحت محور لمواجهات دولية في مكافحة الإرهاب وتقاسم النفوذ في الوقت نفسه، وأن مصير سوريا والمنطقة يتم تحديده في الوقت الراهن ما يستوجب التوافق في وجهات النظر بين الدول العربية بشأن هذا الملف الحساس.
النظام يتقدم شرق الفرات و«داعش» يصد الهجمات بالانتحاريين
«سوريا الديمقراطية» تسيطر على معظم الرقة... و75 % من المدينة مدمر
النظام يتقدم شرق الفرات و«داعش» يصد الهجمات بالانتحاريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة