ديل بونتي تكرر المطالبة بمحكمة دولية لسوريا

TT

ديل بونتي تكرر المطالبة بمحكمة دولية لسوريا

طالبت كارلا ديل بونتي المستقيلة من لجنة التحقيق الأممية حول سوريا بمحكمة دولية للنظر في الجرائم المرتكبة في هذا البلد الغارق في الحرب منذ سبع سنوات وسط إفلات تام من العقاب، بحسب آخر كلمة لها أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وقالت القاضية السابقة المعروفة بصراحتها وعفويتها: «سبع سنوات من الجرائم في سوريا وسط إفلات تام من العقاب. هذا ليس مقبولاً»، مضيفة: «كان يمكننا أن نحصل من المجتمع الدولي ومجلس الأمن على تشكيل محكمة (...) تعنى بجميع الجرائم المرتكبة في سوريا»، متسائلة: «لم لا يمكن الحصول على محكمة؟».
وطلبت لجنة التحقيق حول سوريا التابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي عدة مرات من مجلس الأمن الدولي إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية. واصطدمت مبادرة بهذا الاتجاه في 2014 في مجلس الأمن بمعارضة الصين وروسيا، الداعمتين الرئيسيتين لدمشق.
وأسفر النزاع السوري عن أكثر من 330 ألف قتيل وملايين النازحين واللاجئين.
وسبق أن أصدرت اللجنة التي يرأسها البرازيلي باولو بينييرو 14 تقريرا لكنها لم تحصل على إذن دمشق للتوجه إلى سوريا.
وكانت ديل بونتي السويسرية البالغة 70 عاماً من العمر عضوا في لجنة التحقيق الأممية لسوريا منذ سبتمبر (أيلول) 2012، لكنها أعلنت في 6 أغسطس (آب) أنها ستستقيل بسبب إحجام مجلس الأمن عن التحرك.
وصرحت آنذاك: «في البداية كان هناك الخير والشرّ، فكانت المعارضة من جهة الخير، ونظام الأسد يلعب دور الشرّ، لكن الآن جميع الأطراف في سوريا تصطف في جهة الشرّ. إذ إن نظام الأسد ارتكب جرائم فظيعة ضد الإنسانية، واستخدم أسلحة كيميائية، أما المعارضة فلم تعد تضم إلا المتطرفين والإرهابيين».
وأضافت: «صدقوني لم أر مثل الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في سوريا، لا في رواندا ولا في يوغوسلافيا السابقة».
تولت ديل بونتي منصب المدعية العامة في محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة بين 1999 و2007، ونجحت في إدانة الرئيس السابق الصربي سلوبودان ميلوشفيتش أمام القضاء الدولي. كما عرفت بمطاردتها لمجرمي الحرب في رواندا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.