تستعد قوات النظام السوري لعبور الضفة الغربية لنهر الفرات في دير الزور باتجاه الضفة الشرقية، بعدما عرقلت تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» التي تسابقها للسيطرة على هذه المنطقة، عبر غارات جوية استهدفت «سوريا الديمقراطية» على بعد كيلومترات قليلة من المدينة.
وفي حين أعلن النظام أن قواته انتزعت السيطرة على ضاحية في مدينة دير الزور بشرق البلاد أمس، لتضيّق الخناق بذلك على مقاتلي تنظيم داعش وتؤمن مطارها العسكري الذي سيعاد تأهيله لاستئناف الطلعات الجوية منه، نقلت وسائل إعلام قريبة من النظام أن قواته «تستعد للعبور إلى الضفة الشرقية من نهر الفرات» الذي تعرقله الجسور المدمرة، بموازاة قصف جوي عنيف؛ سوري وروسي، يستهدف تمركزات «داعش» على الضفة الشرقية من النهر، لتدحض بذلك وجود «خطوط حمراء» تمنع عبورها إلى شرق المدينة وريفها الشرقي والجنوبي الشرقي.
وغداة الغارة الجوية التي استهدفت «قوات سوريا الديمقراطية» في شرق الفرات، واتهمت روسيا والنظام بتنفيذها، قال المتحدث باسم تلك القوات مصطفى بالي لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام يعرقل حملتها لمحاربة الإرهاب وتنظيم داعش؛ سواء في الرقة أو دير الزور، عادّاً الضربة «رسالة تحذيرية من النظام السوري ضد قواتنا». وقال: «نحن لا نعترف بخطوط حمراء... سنلاحق الإرهاب أينما كان».
ويحمل الهجوم مؤشرات على أن النظام يسعى لوضع خطوط حمراء أمام تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة في الولايات المتحدة الأميركية إلى الضفة الشرقية من نهر الفرات، كونه يسعى لشن هجمات ضد «داعش» في شرق دير الزور وامتدادا إلى ريفيها الجنوبي الشرقي في مدينتي الميادين والبوكمال، حيث تنفذ طائرات التحالف ضربات ضد معقلي التنظيم في المنطقة.
لكن مصدراً كردياَ رأى أن الهجوم يتخطى برسائله «الخطوط الحمراء»، عادّاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها «محاولة لخرق ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين الأميركي والروسي على هامش قمة هامبورغ، وكذلك الاتفاقات العامة المحددة بأن (قوات سوريا الديمقراطية) لا تهاجم النظام، كما يحظر على تلك القوات مهاجمة قوات النظام».
وقال المصدر: «هناك استشفاف من قبل النظام وبدفع إيراني، وربما بموافقة روسية مبطنة، لخرق ما تم الاتفاق عليه بشكل مسبق»، عادّاً أن «المسألة مرتبطة بالدور الإيراني». وأضاف: «المؤشرات تثبت تورط النظام به، كون الهجوم جاء بعد يوم واحد على تصريح مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان بأنهم سيهاجمون أي قوة»، متسائلاً: «لماذا إذن التنصل من الهجوم؟».
ولا تزال «قوات سوريا الديمقراطية» تقاتل في المدينة الصناعية على بعد 6 كيلومترات من مدينة دير الزور في شرق الفرات منذ 4 أيام، خلافاً للزخم العسكري الذي بدأته الأسبوع الماضي، وحققت خلاله نتائج سريعة في المعركة.
ونفى مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن تكون هناك خطوط حمراء منعت «قوات سوريا الديمقراطية» من إحراز تقدم سريع، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات العنيفة «تعرقل التقدم».
وكان «المرصد السوري» قد أفاد باستمرار الاشتباكات العنيفة إلى ما بعد منتصف ليل السبت - الأحد، بين «مجلس دير الزور العسكري» المنضوي تحت راية «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة؛ وتنظيم داعش من جهة أخرى، في شمال مدينة دير الزور، شرق نهر الفرات، إثر هجمات معاكسة ينفذها التنظيم على تمركزات «مجلس دير الزور العسكري».
في غضون ذلك، استهدفت قوات النظام بعدة قذائف بعد منتصف ليل أول من أمس، مناطق في بلدتي مراط ومظلوم بريف دير الزور الشرقي، في حين واصلت الطائرات الحربية قصفها لمناطق في بلدة البوعمر بريف دير الزور الشرقي، ووسعت الطائرات الروسية ضرباتها على ضفتي نهر الفرات.
ولم يستبعد رامي عبد الرحمن أن القصف على جانبي النهر «يمثل تمهيداً لعبور النهر»، لافتاً إلى أن «القرار اتخذ في اجتماع بين جنرال روسي وقيادة قوات النظام، وأعطيت الأوامر لعبور النهر بعد تجهيز الاستعدادات التقنية واللوجيستية لذلك».
وتعد الجسور المدمرة أبرز العراقيل التي تؤخر عبور قوات النظام إلى الضفة الشرقية للنهر، وقد استهدف القصف تلك الجسور على مدى السنوات الماضية، بهدف منع عناصر «داعش» من العبور ورفد قواته على الضفة الغربية للنهر بالتعزيزات والإمدادات.
وتعزز الاعتقاد بأن النظام سيعبر الضفة الغربية لنهر الفرات، باستهدافه القرى المحاذية للنهر شرق النهر، بحسب ما أفاد ناشطون. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن قوات النظام «بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة واصلت عملياتها في مطاردة إرهابيي تنظيم داعش في ريف دير الزور الشرقي، ودمرت آخر تجمعات وتحصينات التنظيم في محيط قرية الجفرة». وأشار المصدر إلى أن العمليات أسفرت عن «تأمين محيط مطار دير الزور بشكل كامل والقضاء على الكثير من إرهابيي تنظيم داعش وتدمير أسلحتهم».
ويعد تأمين المطار، أبرز أهداف النظام لاستئناف الطلعات الجوية منه. وأكد «المرصد» أن قوات النظام مدعومة بغطاء جوي روسي وبمساندة ومشاركة المسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، تحاول التقدم والسيطرة على منطقة حويجة صكر، التي ستتيح للقوات الروسية وقوات النظام استخدام مطار دير الزور العسكري قاعدةً للعمليات العسكرية الجارية في محافظة دير الزور، كما تأتي محاولة السيطرة على المنطقة الواقعة في أطراف منطقة دير الزور، بعد تمكن قوات النظام من تحقيق تقدم مهم، أمس، والسيطرة على قرية الجفرة ومنطقة المريعية وأجزاء من بلدة البوعمر، مع سيطرتها النارية على الأجزاء المتبقية من البلدة، إذ تسعى قوات النظام بعد تطويقها ومحاصرتها مدينة دير الزور، إلى التقدم في الريف الشرقي لمدينة دير الزور بمحاذاة النهر عند ضفافه الغربية.
وقالت وكالة الإعلام الروسية نقلا عن مصدر لم تكشف عن اسمه، إن الجيش السوري قطع خط الإمداد الرئيسي لتنظيم داعش في المدينة أمس الأحد، بعدما استعاد السيطرة على حي الجفرة.
النظام يتحضر للعبور إلى شرق الفرات... والجسور المدمرة تعوقه لوجيستياً
مصدر كردي يعد الغارة على قواته «خرقاً لاتفاق قمة هامبورغ»
النظام يتحضر للعبور إلى شرق الفرات... والجسور المدمرة تعوقه لوجيستياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة