قانون المصالحة مع رموز النظام السابق يخرج التونسيين إلى الشوارع

احتجاجات ومظاهرات في أكثر من عشر مدن كبرى لإسقاطه

مظاهرة في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
مظاهرة في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
TT

قانون المصالحة مع رموز النظام السابق يخرج التونسيين إلى الشوارع

مظاهرة في تونس العاصمة (أ.ف.ب)
مظاهرة في تونس العاصمة (أ.ف.ب)

نظمت منظمات حقوقية تونسية عدة مظاهرات للتعبير عن رفضها الشامل لقانون المصالحة الإدارية داخل أكثر من عشر مدن كبرى، من بينها قفصة وسوسة والقيروان وبنزرت ومدنين وتوزر، كان آخرها مظاهرات أمس، التي جاءت بالتزامن مع احتجاجات العاصمة، وصفاقس (جنوب شرقي تونس) على أن تنتقل اليوم إلى مدينة نابل (شمال شرق) التي ستعرف بدورها تحركات احتجاجية ضد نفس القانون.
ونظمت حملة «لن أسامح» وسط العاصمة أمس وقفة احتجاجية رافضة لقانون المصالحة الإدارية، الذي صادق عليه البرلمان يوم الخميس الماضي، والذي ما يزال يثير الكثير من الجدل في الأوساط السياسية، وفي غضون ذلك دعت كل الهيئات الرافضة لقانون المصالحة إلى مساندة التحركات الهادفة إلى إسقاطه بالاعتماد على ضغط الشارع، واختارت الحملة شعار «مسيرة الثبات ضد حكم المافيات».
وكانت أحزاب المعارضة قد احتجت بقوة تحت قبة البرلمان ضد تمرير قانون المصالحة مع رموز النظام السابق، وبدأت محاولات إسقاطه عبر محورين أساسيين: الأول قانوني يشمل التقدم بطعن في دستورية قانون المصالحة من خلال هيئة الرقابة على دستورية مشاريع القوانين. والثاني يتمثل في حشد منظمات المجتمع المدني الرافضة لعملية المصالحة دون المساءلة، والاعتماد على الشرعية الثورية لضمان استحقاقات ثورة 2011.
وتتهم أحزاب المعارضة الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي اقترح مشروع قانون المصالحة المالية والاقتصادية على البرلمان، بالسعي إلى مكافأة رجال الأعمال الذين مولوا حملته الانتخابية سنة 2014. وجلهم من رموز النظام السابق.
ومن الناحية العملية تلتقي أحزاب الجبهة الشعبية، التي يتزعمها حمة الهمامي، وحزب حراك تونس الإرادة بزعامة المنصف المرزوقي، والحزب الجمهوري الذي يتزعمه عصام الشابي، وحزب التيار الديمقراطي بزعامة محمد عبو، حول رفض قانون المصالحة الإدارية، بيد أن الخلافات السياسية التي تعود إلى فترة حكم الترويكا منذ 2011 وإلى نهاية 2013. تحول دون التقاء هذه الأحزاب وتنسيق تحركات احتجاجية جماعية.
وبخصوص الاحتجاجات المنتظرة ضد قانون المصالحة الإدارية، أكدت سمر التليلي، أحد أعضاء حملة «لن أسامح» لـ«الشرق الأوسط»، أن معارضة قانون المصالحة «مسألة مبدئية لعدم حصول البرلمان على رأي المجلس الأعلى للقضاء بشأن هذا القانون وهو رأي إلزامي»، مشيرة إلى تعرض أعضاء الحملة للعنف أمام البرلمان إثر تنظيمهم احتجاجات سلمية ضد قانون المصالحة، غير أن ذلك لن يثنيهم عن مواصلة الاحتجاج بكل الطرق السلمية، على حد تعبيرها.
وفي إطار ردود الفعل الرافضة لتمرير هذا القانون، اعتبرت سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية تعنى بمسار العدالة الانتقالية)، خلال لقاء مع ممثلي عدد من مكونات المجتمع المدني، أن قانون المصالحة في المجال الإداري يمثل «ضربا لمسار العدالة الانتقالية ولآليات كشف الحقيقة والمساءلة وإصلاح المؤسسات».
وأكدت بن سدرين على التزام الهيئة بالقيام بمهامها، واتخاذ مجموعة من الإجراءات لاستكمال هذه المهام في الآجال القانونية المحددة. وفي السياق ذاته، قال سمير ديلو، القيادي في حركة النهضة الذي لم يصوت لصالح قانون المصالحة الإدارية، إن حزب النداء استعجل تمرير هذا القانون، على الرغم من وجود عدة إخلالات دستورية تشوبه وتوقع إسقاطه من قبل الهيئات الدستورية المختصة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».