انتشرت في السنوات القليلة الماضية، ظاهرة مزاحمة الفتيات الخريجات في الجامعات والكليات الفلسطينية الكثيرة في قطاع غزة، للشباب الخريجين والجامعيين في سوق العمل، من أجل الحصول على فرص عمل «على قلّتها»، للظفر بوظيفة في مؤسسات أو شركات أو محال تجارية، من أجل المساعدة في إعالة عوائلهن، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها غالبية العوائل في غزة.
وتعد فرص الحصول على عمل في قطاع غزة، نادرة جدا، بسبب تراجع الوضع الاقتصادي، ما يدفع الخريجات، حتى الجامعيات اللواتي ما زلن على مقاعد الدراسة، إلى المنافسة بينهن وبين الشباب للحصول على ما يمكن اقتناصه من فرص.
تقول خولة إسماعيل (26 عاما)، وهي خريجة قسم الهندسة بجامعة الأقصى، وواحدة من بين عشرات الخريجات والخريجين من الشباب، الذين تقدموا لوظيفة لدى أحد مكاتب الهندسة مؤخرا، واستطاعت بقدراتها وخبرتها الظفر بالفرصة، خاصة أنها تخرجت قبل سنوات ولديها خبرة أكثر من المتقدمين للوظيفة من الخريجين الجدد، إن ما دفعها للتقدم للوظيفة هو كونها الأكبر بين شقيقاتها الخمس، اللواتي لم يرزق والدهن بغيرهن، وأنها سعت للوظيفة من أجل مساعدة والدها في تأمين مصاريف البيت ومتطلباته، خاصة أن الوالد يعمل على بند التشغيل المؤقت في إحدى الوزارات الحكومية، بمبلغ يصل إلى 970 شيقلا فقط (ما يعادل 275 دولارا) في الشهر.
وتضيف خولة: «ظروف الحياة في غزة صعبة للغاية، ولم يرزق والدي بابن ذكر يعينه على هذا الوضع الصعب، وجميعنا بنات في المنزل، وهو بحاجة إلى من يساعده خاصة أن مصاريفنا كثيرة، وهو يستدين كثيرا من أجل أن يدرسنا في الجامعات لأننا متفوقات علميا».
وأشارت إلى أنها كثيرا ما واصلت السعي ومنافسة الفتيات والشباب الذكور، للحصول على فرصة عمل، حتى وإن كانت مؤقتة أو بمبلغ مالي بسيط. وقد اضطرت في وقت ما، إلى العمل التطوعي، ثم العمل بمبلغ مالي بسيط بهدف مراكمة الخبرة.
وبحسب إحصائيات فلسطينية، فإن 21 ألف طالب وطالبة يتخرجون، سنويا، في 29 جامعة وكلية تنشط في قطاع غزة، من بينهم نحو 14 ألف خريج بكالوريس و6 آلاف خريج دبلوم.
ويظهر من إحصائيات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، أن نحو 23 ألف خريج وخريجة من بينهم (43 في المائة من الخريجات) شاركوا في اختبارات توظيف لصالح مدارس الأونروا، ما يشير إلى أن أرقام البطالة والباحثين عن عمل، كبيرة، وتتضاعف من فترة إلى أخرى.
وتقول ياسمين النشار، وهي خريجة في قسم التعليم الأساسي بالجامعة الإسلامية منذ 6 سنوات، إنها لم تحصل على أي فرصة عمل إلى الآن، على الرغم من تقدمها لكثير من اختبارات توظيف الخريجين سواء في مدارس الأونروا أو المدارس الحكومية، وكذلك في مؤسسات تعليمية خاصة. مشيرة إلى أن الأعداد الكبيرة من المتقدمين للوظيفة، تقلل حتما من فرص الحصول عليها، خاصة أن بعض تلك الجهات تفضل المعلمين الذكور على الفتيات.
وتشير ياسمين النشار، إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة لعائلتها، بعد وفاة والدها، قبل سنوات طويلة، وعدم حصول أشقائها الثلاثة على عمل جيد، واعتماد اثنين منهم على دخل محدود في محلين تجاريين، في حين الثالث عاطل عن العمل، زاد من إصرارها على البحث عن عمل.
وأعربت النشار عن أملها في أن تحظى بفرصة مماثلة لتلك التي حصل عليها خريجون من الضفة الغربية، للعمل مدرسين في دول عربية مجاورة، أو في إحدى دول الخليج. مشيرة إلى أن المدرسين في غزة، حصلوا على فرص مماثلة في وقت ما مضى، غير أن ظروف الحصار والانقسام الفلسطيني الداخلي، حرمت الجميع منها. لافتة إلى أنها كانت إحدى المتقدمات لوظيفة مدرسة خارج قطاع غزة، على الرغم من أنها آنسة وتقاليد المجتمع الغزي تتحفظ على سفر الفتيات بمفردهن.
وتشير ميساء صالح، التي تخرجت في كلية الإدارة في جامعة الأقصى في غزة، إلى أنها نجحت في عملها في مؤسسة خيرية سكرتيرة، بعد منافسة مع ثلاث خريجات أخريات، و12 خريجا من الشباب، لكنها اضطرت للاستقالة بعد عام ونصف العام، بسبب ما قالت إنه استغلال تلك المؤسسات للخريجات والخريجين، وللوضع الحالي، ودفع رواتب محدودة لا تزيد على 150 دولارا شهريا. مشيرة إلى أن الخريجين سواء من الذكور أو الإناث، يتعرضون للاضطهاد حتى في حين تتاح لهم فرصة الحصول على عمل.
وقالت ميساء، إن عدم وجود حكومة فلسطينية واحدة، تطبق قوانين العمل والحد الأدنى للأجور، يجعل الخريجين عرضة لاستغلال كبير.
خريجات الجامعة في غزة يزاحمن الشباب في سوق العمل
23 ألف خريج وخريجة شاركوا في اختبارات توظيف أملاً في فرص عمل نادرة
خريجات الجامعة في غزة يزاحمن الشباب في سوق العمل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة