بري يستعجل الانتخابات و«الحر» يلاقيه ويسقط «البطاقة الممغنطة»

TT

بري يستعجل الانتخابات و«الحر» يلاقيه ويسقط «البطاقة الممغنطة»

يدفع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري باتجاه تقريب موعد الانتخابات النيابية المزمع عقدها في مايو (أيار) 2018، عبر تفعيل الاستعدادات العملية وتأهيل الماكينات الانتخابية الموجودة لموائمة قانون الانتخابات الجديد، ليكون أول المستعدين لها فعلياً وعملياً، في وقت لاقاه «التيار الوطني الحر» على تأييد تقريب موعد الانتخابات بعد «انتفاء الذرائع» التي كانت تحول دون إجرائها خلال فترة قصيرة.
وفي ظل المعلومات عن التعذر التقني لإنجاز البطاقات الممغنطة للمقترعين التي وردت شرطاً في قانون الانتخابات الجديد المنجز في يوليو (تموز) الماضي، دفع بري أمس باتجاه تقريب موعد الانتخابات حيث جدد، في لقاء الأربعاء النيابي، الدعوة إلى تقريب موعدها «إذا تعذر تأمين البطاقة الممغنطة»، مشيراً إلى أنه «علينا إجراء الانتخابات حتى لو اقتضى ذلك في الشتاء».
ويعد موقف بري بمثابة تحدٍّ للسلطات اللبنانية لمنع تأجيل الانتخابات مرة أخرى في حال عدم إنجاز البطاقات الممغنطة للمقترعين من جهة، والدفع باتجاه إجرائها «في كل الظروف»، وإلغاء مفاعيل التمديد للمجلس الحالي في حال كان متعذراً على وزارة الداخلية إنجاز البطاقات التي يقدر عددها بنحو 3 ملايين بطاقة، ويتوجب إنجازها قبل موعد الانتخابات المقررة في مايو المقبل.
ورغم المنافسة الحادة بين بري و«التيار الوطني الحر» في بعض المقاعد الانتخابية، وخصوصاً في منطقة جزين (شرق صيدا)، يلاقى «الوطني الحر»، رئيس البرلمان، عند فكرة تقريب موعد الانتخابات في حال تعذر إنجاز البطاقات الممغنطة، إذ أكد القيادي في «الوطني الحر» النائب السابق سليم سلهب أن تأجيل الانتخابات لوقت طويل نسبياً لنحو عام عند إقرار القانون الحالي (في يوليو الماضي) يعود إلى عذر «البطاقات الممغنطة»، مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حينما ينتفي وجود هذا العذر، يصبح الأجدى أن تجرى الانتخابات في أقرب فرصة»، لافتاً إلى أن تياره «وافق على التمديد لهذه الفترة نتيجة عذر البطاقات الممغنطة التي نعتبرها من الإصلاحات الأساسية».
وقال عون: «هذا كان موقفنا منذ البداية، واليوم نطالب بتقديم موعد الانتخابات في حال انتفى عذر تأجيلها المتمثل في تلك البطاقات، ويتلاقى موقفنا اليوم مع موقف الرئيس بري، ما يعني أنه باتت هناك قوة سياسية وازنة (نحن وبري) للمطالبة بتقريب الموعد»، معتبراً أن إجراء الانتخابات بأقرب فرصة «سيكون مكسباً للعهد الجديد (برئاسة الرئيس ميشال عون) وللحياة السياسية وللديمقراطية في لبنان».
لكن موافقة الطرفين، لا تعني أن فرص تقديم موعد الانتخابات ممكنة، من غير توافق سياسي. ويلتقي تأكيد عون أن الأمر يتوقف على موافقة الأطراف السياسية الوازنة الأخرى، في إشارة إلى «تيار المستقبل» والنائب وليد جنبلاط و«القوات اللبنانية»، مع تأكيد عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر يحتاج إلى توافق بين الكتل السياسية بعد إطلاق الرئيس بري هذا الدفع باتجاه تقصير ولاية المجلس الحالي، مشيراً إلى أن ذلك «يحتاج أيضاً جلسة تشريعية لإصدار قانون لتقصير ولاية المجلس الحالي». وشدد موسى على أن «لا ذرائع يمكن أن تعيق إجراء الانتخابات، لا فصل الشتاء في لبنان ولا غيرها».
ويتزامن هذا الدفع السياسي الذي أعطاه بري، أمس، مع الاستعدادات العملية ضمن ماكينته الانتخابية. وكشفت مصادر رئيس البرلمان لـ«الشرق الأوسط» أن الاستعدادات «بدأت منذ إقرار قانون الانتخابات، حيث بدأت الاجتماعات للماكينات الانتخابية بهدف اطلاعها على تفاصيل القانون الجديد وتوزيع الدوائر الانتخابية وآليات الاقتراع الجديدة»، بالنظر إلى أن الانتخابات تجري للمرة الأولى وفق القانون النسبي الذي يستدعي تعريفاً بالقانون وآليات الاقتراع فيه.
وقالت المصادر إن الماكينات الانتخابية الموجودة «يجري تعريفها على مواءمة القانون الجديد».
وتستبق تلك الاستعدادات العملية مرحلة التحالفات الانتخابية التي لم تظهر بعد في كل الدوائر الانتخابية، ولو أن ملامحها موجودة، كما تستبق تسمية المرشحين عن الكتل السياسية للمقاعد الانتخابية التي «ستظهر قريباً». وبفعل القانون الجديد، والتبدل في خريطة التحالف عما كانت عليه في عام 2009، فإن إطلاق الماكينات الانتخابية عن سائر الأحزاب والأطراف السياسية سيكون تمهيداً لمرحلة التحضيرات لنسج التحالفات وإقرار أسماء المرشحين في الدوائر الانتخابية.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».