غادر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الجزائر مساء أول من أمس، دون أن يستقبله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما أثار الجدل من جديد، وبشكل أكثر حدة هذه المرة، حول مدى قدرته على الاستمرار في الحكم، وذلك قبل عام ونصف من نهاية ولايته الرابعة (2014 - 2019)، علما بأن التلفزيون الحكومي بث الأربعاء الماضي صورا للرئيس بوتفليقة وهو يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء، ورغم ذلك استمرت الشكوك حول صحته.
ونقلت صحف محلية عشية زيارة مادورو عن «مصادر بالرئاسة الجزائرية» أن الرئيس «سيجري محادثات مع رئيس الدولة الصديقة فنزويلا»، غير أن ذلك لم يحدث.
وأضحى ظهور بوتفليقة إلى العلن حدثا تترقبه الأوساط السياسية والإعلامية، المشدودة إلى تطورات حالته الصحية منذ 27 أبريل (نيسان) 2013، تاريخ إصابته بجلطة دماغية أفقدته التحكم في حواسه، وأقعدته على كرسي متحرك. وقال مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئاسة حضرت لتنظيم لقاء بين بوتفليقة وضيفه مادورو نزولا عند رغبة الرئيس الجزائري، بحسب نفس المصدر الذي أضاف أن «ظروفا مشابهة يمر بها البلدان، أهمها معاناتهما من انخفاض أسعار النفط، وكان بوتفليقة يريد أن يناقش هذا الملف مع مادورو، غير أن حالته الصحية لم تسمح بالمقابلة».
يشار إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ألغت في فبراير (شباط) الماضي زيارة إلى الجزائر، بعد أن أبلغتها الرئاسة الجزائرية بأن بوتفليقة «أصيب بوعكة صحية مفاجئة».
وعوّض الرئيس في مراسم استقبال مادورو بمطار العاصمة عبد القادر بن صالح، رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، وهو بحسب الدستور الرجل الثاني في الدولة. كما أجرى مباحثات بقصر الحكومة مع رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي صرح الجمعة الماضي بأن «ظهور الرئيس في اجتماع مجلس الوزراء كان أفضل رد على المشككين في قدرته على تسيير دفة الحكم»، موضحا أن المعارضة التي تطالب بعزل الرئيس بحجة أنه مريض «فارغة شغل»، وهي جملة باللهجة العامية تعني أن المعارضة ليس لديها ما تفعله سوى الاهتمام بصحة الرئيس.
وكان رئيس الكونغو الديمقراطية دونيس ساسو أنغيسو، الذي زار الجزائر في 28 مارس (آذار) الماضي، أول وآخر رئيس أجنبي استقبله بوتفليقة منذ بداية العام الجاري. واللافت أن كل استقبالات الرئيس، على قلتها، تتم بالصورة فقط ومن دون أن يسمع له صوت. كما أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الجزائري عبر رسالة نشرتها الصحافة الفرنسية في يونيو (حزيران) الماضي، بأنه «يترقب تحديد موعد من جانبكم لتنظيم لقاء بيننا»، وفهم ذلك بأن الجانب الجزائري عاجز عن تحديد تاريخ اللقاء بسب ظروف الرئيس الصحية.
وتعالت في الأيام الأخيرة أصوات يطالب أصحابها بتطبيق المادة 102 من الدستور، التي تتحدث عن عزل الرئيس وتنظيم انتخابات مبكرة، في حال ثبت أنه لن يستطيع بدنيا أداء وظيفة الرئاسة. والمؤسسة التي تطلق ترتيبات العزل، هي «المجلس الدستوري» (المحكمة الدستورية). غير أن الدستور لا يحدد الجهة في الدولة التي تطلب من «الدستوري» الاجتماع لإثبات «المانع الصحي المزمن»، وهو فراغ لم يستدرك في المراجعة الدستورية التي جرت في 2016. وبالنظر إلى ولاء رئيس هذه المؤسسة، وهو وزير الخارجية سابقا مراد مدلسي، تجاه بوتفليقة، لا يتوقع أن يبادر بأي خطوة تتعلق بإبعاده من الحكم.
وحمل وزير التجارة سابقا، الرجل السياسي المعروف نور الدين بوكروح، في مقابلة مع صحيفة محلية، قادة بارزين في الجيش «مسؤولية حالة شغور منصب الرئيس»، بذريعة أن الرئيس الذي وضعوه في الحكم عام 1999، يرفض التنحي رغم عجزه. واشتغل بوكروح مع بوتفليقة في الحكومة لمدة خمس سنوات، وكان أحد الكتبة البارزين لخطاباته.
وتطرح حاليا سيناريوهات كثيرة بخصوص مستقبل الحكم، أبرزها أن يضيف بوتفليقة لنفسه ولاية خامسة في انتخابات 2019 المرتقبة، أو يختار هو بنفسه خليفته. وعلى هذا الصعيد يبرز رجلان، أولهما أحمد أويحيى الذي يصفه خصومه بـ«خادم النظام»، والثاني السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه الذي يستفيد من دعم قوي لأكبر رجال الأعمال في البلاد.
عودة الجدل حول صحة بوتفليقة بعد زيارة رئيس فنزويلا للجزائر
عودة الجدل حول صحة بوتفليقة بعد زيارة رئيس فنزويلا للجزائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة