برلين ترى السماح لنوابها بزيارة قاعدة لـ{الناتو} في تركيا «حلاً وسطاً مؤقتاً»

أنقرة تحث مواطنيها في ألمانيا على عدم الخوض في السياسة

TT

برلين ترى السماح لنوابها بزيارة قاعدة لـ{الناتو} في تركيا «حلاً وسطاً مؤقتاً»

وسط تصاعد التوتر بين أنقرة وبرلين، حثت وزارة الخارجية التركية الأتراك المقيمين في ألمانيا، أو من يعتزمون التوجه إليها على توخي الحذر والامتناع عن الدخول في مناقشات سياسية قبل الانتخابات المقرر إجراؤها هناك في 24 سبتمبر (أيلول) الحالي. وقالت الخارجية التركية في بيان أمس السبت، إن المناخ السياسي في ألمانيا يخضع حاليا لتصاعد الخطاب اليميني المتطرف، وتستند الحملات الانتخابية إلى موقف مناهض لتركيا وجهود لعرقلة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
واتهم البيان برلين باحتضان أتباع منظمات سماها بـ«الإرهابية»، مشيرا إلى حزب العمال الكردستاني المحظور، وحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا.
وطالب البيان المواطنين الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا، وأولئك الذين يخططون للسفر بتوخي الحذر والامتناع عن المناقشات السياسية والمظاهرات الحزبية.
وارتفعت حدة التوتر بين أنقرة وبرلين في الأسابيع الأخيرة في ظل اقتراب الانتخابات وتعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن تطرح على زملائها في الاتحاد الأوروبي مسألة إنهاء المفاوضات»المتعثرة من الأساس» الخاصة بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي خضم هذا التوتر، زار وفد برلماني ألماني، الجنود الألمان العاملين في قاعدة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في محافظة كونيا وسط تركيا، وضم الوفد 7 نواب من أحزاب مختلفة، تفقدوا الجنود الألمان، مع نائب أمين عام الحلف، روز غوتيموللر.
وشارك في الوفد، رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الاتحادي، وولفغانغ هيلميتش، وثلاثة نواب من حزب الاتحاد المسيحي، ونائب من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وآخر من حزب الخضر، فضلا عن نائب من حزب اليسار.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قررت الحكومة الألمانية سحب طائراتها وقواتها المتمركزة في قاعدة إنجيرليك الجوية في أضنة جنوب تركيا، وإعادة نشرها في الأردن بعد أن رفضت السلطات التركية، في 16 مايو (أيار) الماضي، طلبا تقدم به نواب بالبرلمان الألماني؛ لزيارة القاعدة، وقالت، إن الأمر «ليس ملائماً في الفترة الحالية» بسبب توتر العلاقات بين البلدين. وعقب القرار التركي أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن بلادها تبحث عن بدائل لقاعدة إنجيرليك، ليكون القرار بعد ذلك نقلهم إلى الأردن. واعتبرت الحكومة الألمانية، أن زيارة نواب البرلمان الألماني للجنود في قاعدة كونيا التركية مجرد حل وسط مؤقت.
وقال مارتن شيفر، المتحدث باسم الخارجية الألمانية، إن هذا «بالطبع ليس حلا قابلا للتطبيق على الدوام» بسبب كلفته السياسية والدبلوماسية، ويتعين العثور على سبل أخرى تتمتع بمرونة سياسية أكبر مما عهدناه خلال الأشهر الماضية... ستبحث هذا الأمر عقب الانتخابات حكومة ألمانية جديدة مع الناتو والبرلمان الألماني والحكومة التركية بالطبع».
وزار البرلمانيون الألمان قاعدة الناتو، والتي يتمركز فيها 30 جنديا ألمانيا ضمن بعثة للناتو، بعد أشهر من الجدل مع أنقرة. وقال النائب راينر أرنولد من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني لـ«الصحافة الفرنسية» قبل العودة إلى برلين «استقبلنا ضباط كبار وأبدى الجانب التركي رغبة واضحة في تهدئة التوتر... الزيارة شكلت خطوة في الاتجاه الصحيح».
وترفض أنقرة التصريحات الداعية لتعليق أو إنهاء مفاوضات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتعتبرها «دعما كبيرا للتطرف». وقال وزير الشؤون الأوروبية كبير المفاوضين الأتراك مع الاتحاد الأوروبي عمر تشيليك «إذا لم يتعاونوا مع دولة غالبيتها مسلمة، وذات نظام سياسي علماني وديمقراطي مثل تركيا، فكيف سيكافحون التطرف؟» مطالبا بعدم الزج بتركيا في الشؤون السياسية الداخلية لأي دولة أخرى.
وتلقى دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لإنهاء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي رفض الكثير من شركائها الأوروبيين الذين حذروا من اتخاذ إجراء متسرع ضد حليف مهم (تركيا).
وكانت ميركل أعلنت أنها ستطلب من الاتحاد الأوروبي إنهاء المفاوضات مع تركيا بعد أن أدت حملة «التطهير» الواسعة المستمرة في تركيا بعد محاولة الانقلاب العام الماضي إلى تدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. والأسبوع الماضي، قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إن أنقرة «تنسحب من أوروبا بخطوات عملاقة».
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وافقت دول الاتحاد الأوروبي على عدم فتح فصول جديدة للمفاوضات مع تركيا حتى تتراجع عن مسارها، بشأن توسيع صلاحيات الرئيس رجب طيب إردوغان والتضييق على الصحافيين والمعارضين، وتوسيع الحملة التي شملت اعتقال أكثر من 50 ألفا، وفصل أكثر من 150 ألفا آخرين من أعمالهم في أجهزة الدولة المختلفة بعد محاولة الانقلاب، لكن تركيا لا تزال لاعبا مهما بالنسبة لأوروبا في عدد من القضايا الرئيسية، وخصوصا أزمة الهجرة.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصحيفة «كاثيميريني» اليونانية، الخميس، إنه يريد «تجنب انقطاع العلاقات» مع تركيا التي وصفها بأنها «شريك أساسي».
كما عبر كل من المجر وليتوانيا وبريطانيا عن معارضتها للموقف الألماني، في حين أيدته النمسا ولوكسمبورغ.
واتهم وزير الشؤون الأوروبية التركي عمر تشليك ألمانيا باستغلال الاتحاد الأوروبي في خلافها مع أنقرة، مشيدا بامتناع معظم دول الاتحاد عن تأييد طلب مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل وقف مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد. ودعا برلين إلى كسر «الحلقة المفرغة» بين البلدين ووقف التصريحات المسيئة لتركيا، قائلا: «ألمانيا حليفتنا... ولدينا روابط تاريخية معها، لكن هناك بالطبع موضوعات غير مريحة تشغلنا في الوقت الحالي».
وبدأت مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي عام 2005، لكنها توقفت بسبب معارضة دول في الاتحاد، منها قبرص وفرنسا، فضلا عن انتقادات بعضها لما تصفه بانتهاكات لحقوق الإنسان في تركيا. وينبغي موافقة دول الاتحاد بالإجماع لإلغاء مفاوضات الانضمام، لكن تعليقها يحتاج فقط إلى دعم الأغلبية. ومن المتوقع أن يبحث أعضاء الاتحاد الأوروبي المسألة في اجتماعهم ببروكسل خلال الشهر المقبل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.