قوات النظام تتوسّع في دير الزور... و«داعش» يستميت لصد الهجوم

جنود في قوات النظام يتابعون طائرة مروحية وهي تقصف تنظيم داعش في أطراف دير الزور شرق سوريا (إ.ف.ب)
جنود في قوات النظام يتابعون طائرة مروحية وهي تقصف تنظيم داعش في أطراف دير الزور شرق سوريا (إ.ف.ب)
TT

قوات النظام تتوسّع في دير الزور... و«داعش» يستميت لصد الهجوم

جنود في قوات النظام يتابعون طائرة مروحية وهي تقصف تنظيم داعش في أطراف دير الزور شرق سوريا (إ.ف.ب)
جنود في قوات النظام يتابعون طائرة مروحية وهي تقصف تنظيم داعش في أطراف دير الزور شرق سوريا (إ.ف.ب)

بقي محيط مدينة دير الزور وباديتها الغربية، مسرحاً للمعارك وعمليات الكرّ والفرّ، بين النظام السوري والميليشيات الموالية له من جهة، وبين تنظيم داعش من جهة أخرى، ورغم الغطاء الجوي الكثيف وعشرات الغارات الجوية التي نفذتها الطائرات الروسية، لم تفلح قوات النظام في الوصول إلى المطار العسكري (الذئب)، الذي لا يزال محاصرا من قبل التنظيم.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن قوات النظام «لم تنجح بشكل كامل، في إعادة تأمين الثغرة التي تمكنت من فتحها والوصول من خلالها إلى اللواء 137 بمحيط مدينة دير الزور». وقال: «لا تزال عمليات تأمين الممر مستمرة من قبل قوات النظام لاستكمالها؛ تمهيدا لإدخال شاحنات مساعدات إنسانية عبر طرق ترابية إلى داخل الكتلة الأكبر المحاصرة والواقعة في القسم الشمالي الغربي من مدينة دير الزور والمتصلة مع اللواء 137»، مشيراً إلى أن منطقة الممر «شهدت هجوماً عنيفاً منذ مساء الثلاثاء وحتى فجر الأربعاء، تمكن التنظيم خلالها من سد الثغرة عبر رصدها نارياً».
ولم تتوقف الاشتباكات في محيط اللواء 137، في ظلّ الهجمات المعاكسة ينفذها تنظيم داعش على مواقع النظام في منطقة كباجب، الواقعة على طريق دمشق – السخنة – دير الزور، في البادية الغربية لدير الزور، في وقت تمكنت قوات النظام من توسيع سيطرتها على الطريق، وهي تعمل على تأمين الطريق عبر توسعة نطاق السيطرة على محيطها لتأمينها.
وقال «المرصد السوري»: «مع سعيها للتقدم والوصول إلى دوار البانوراما، بغية فتح طريق دير الزور – السخنة، وإدخال قوافل المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى مناطق سيطرة قوات النظام في المدينة».
وتنتظر قوات النظام معركة صعبة لدى تحولها من مرحلة كسر الحصار، إلى مرحلة طرد التنظيم من نصف مدينة دير الزور الذي يسيطر عليه، في قتال شوارع يبرع مقاتلو «داعش» في خوضها، وفق ما أفادت وكالة «رويترز»، التي نقلت عن قائد عسكري غير سوري من التحالف العسكري الداعم لنظام بشار الأسد، إن «الخطوة التالية هي تحرير المدينة». وأضاف أن «الأسد وحلفاءه، روسيا وإيران وفصائل شيعية منها (حزب الله)، سيشرعون في هجوم بمحاذاة وادي الفرات بعد تحرير مدينة دير الزور».
وكان تنظيم داعش، تمكن صباح أمس (الأربعاء) من إعادة إغلاق الممر الذي فتحه النظام باتجاه اللواء 137 المحاصر، بعد سيطرته نارياً على هذا الممر إثر هجوم عنيف نفذه التنظيم، بدءاً من مساء الثلاثاء. وقال ناشطون، إن عناصر التنظيم «يواصلون هجماتهم المعاكسة، ويعملون على منع قوات النظام من التقدم نحو مدينة دير الزور وكسر حصارها». وقالوا: إن «الهجمات، تأتي وسط قصف للطائرات الحربية على محاور القتال، واستهدافات متبادلة بين الطرفين، وتفجير التنظيم 6 عربات مفخخة على الأقل، استهدفت مواقع النظام في محيط اللواء 137».
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد، هنّأ القادة العسكريين على «عملية فك الحصار عن دير الزور». وقال الأسد في اتصال هاتفي مع اللواء رفيق شحادة، رئيس اللجنة الأمنية في دير الزور، واللواء حسن محمد، قائد الفرقة 17 والعميد عصام زهر الدين قائد اللواء 104 في الحرس الجمهوري «لقد أثبتم بصمودكم في وجه أعتى التنظيمات الإرهابية على وجه الأرض، أنكم على قدر المسؤولية فصنتم العهد وكنتم خير قدوة للأجيال القادمة». وأضاف الأسد: إن «الدماء الطاهرة، سطرت نصراً مدوياً على الفكر التكفيري الإرهابي المدعوم إقليمياً ودوليا»، مشدداً على «تطهير المنطقة الإرهاب، واستعادة الأمن إلى آخر شبر من ربوع البلاد».
ومع دخول معركة دير الزور شهرها الرابع، فقد تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» من السيطرة على 64 من مدينة الرقة، التي تعدّ عاصمة إمارة «داعش» في سوريا، وقال «المرصد السوري»: إن المعركة «قلصت سيطرة التنظيم إلى 36 في المائة، وبات الأخير يحكم قبضته على بضعة أحياء، أهمها الأندلس وشمال سكة القطار والحرية وتشرين والتوسعية في القسم الشمالي من مدينة الرقة». وقال «المرصد»: إن «المعارك تتركز الآن في أحياء، البريد والنهضة والدرعية في القسم الغربي من المدينة، وأطراف المنصور والأمين وحيي المرور والثكنة بوسط مدينة الرقة، والروضة والرميلة في شمال شرقي مدينة الرقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».