تكثفت، أمس، الحركة الدبلوماسية والسياسية حول ملف الأزمة الليبية، قبل الاجتماع الذي دعا إليه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك قبل نهاية الشهر الجاري، واجتماع اللجنة الرئاسية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي المعنية بمتابعة الأزمة الليبية، المقرر عقده بالكونغو برازافيل يوم السبت المقبل، حيث التقى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبين، مع وزير داخلية إيطاليا، بينما اجتمع وزير الخارجية التونسية خميس الجهيناوي مع رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة.
ولم يفصح المشير حفتر عن فحوى أول لقاء معلن ورسمي يعقده مع مسؤول إيطالي رفيع المستوى مساء أول من أمس بمقره العسكري في منطقة الرجمة بشرق مدينة بنغازي، مكتفيا بالقول في بيان أصدره مكتبه، إنه التقى وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي والوفد المرافق له.
ويعتبر هذا الاجتماع هو الأول من نوعه بين حفتر ومسؤول في الحكومة الإيطالية، منذ أن تبادل الطرفان التهديدات بعمل عسكري ضد أحدهما الآخر، على خلفية إرسال إيطاليا لقطع حربية بحرية إلى سواحل العاصمة طرابلس دعما لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج هناك.
والتقى حفتر مع ماركو بعد ساعات قليلة فقط من اجتماعه بوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، فيما بدا أنه بمثابة تكريس لصراع إيطالي - فرنسي حول ملف ليبيا.
وزار لودريان طرابلس، بالإضافة إلى مصراتة وبنغازي وطبرق، حيث قالت الخارجية الفرنسية، في بيان لها أمس، أن الزيارة تأتي استكمالا لبيان لاسيل سان - كلو الذي أُعلن في 25 يوليو (تموز) الماضي، بغية تعزيز الحوار ودعم وساطة رئيس بعثة الأمم المتحدة.
وأجرى المسؤول الفرنسي محادثات مع السراج ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي ورئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح والمُشير حفتر وعميد بلدية مصراتة وممثلين مدنيين وعسكريين، من بينهم ممثلون عن عملية البنيان المرصوص التي قادت تحرير مدينة سرت.
وطبقا للبيان، فقد أكد السراج وحفتر التزامهما بالتقيّد بالبنود المتفق عليها في بيانهما الأخير برعاية فرنسية، وعلى رأسها استئناف عملية المصالحة الوطنية التي تجمع جميع الليبيين، وتأكيد أن الحل لا يمكن إلا أن يكون حلا سياسيا، ووقف إطلاق النار وعدم اللجوء إلى القوة المسلحة في جميع المسائل الخارجة عن نطاق مكافحة الإرهاب، وتفعيل اتفاق الصخيرات الليبي من خلال إجراء التعديلات اللازمة، وتوحيد القوات المسلحة تحت لواء السلطة المدنية وإجراء الانتخابات.
واعتبر لودريان، أن تعزيز قدرات الدولة الليبية والمصالحة الوطنية هما أولويتان من أجل محاربة الجماعات الإرهابية على نحو فاعل، ومن أجل تفكيك شبكات المهرّبين وتحسين ظروف المهاجرين، مع الحرص على مراعاة حقوق الإنسان. ودعما لهذه الأولويات، أكد أن بلاده ستواصل تعاونها في المجال الأمني والإنساني ومن أجل تحقيق الاستقرار.
وأعلن عن تقديم مساهمة جديدة بقيمة مليون دولار إلى صندوق تحقيق الاستقرار في ليبيا، ولإنجاز مشاريع إنسانية ومشاريع ترمي إلى إرساء الاستقرار في مجال نزع الألغام وإعادة تأهيل جرحى الحرب.
ودعت فرنسا مجددا جميع الأطراف الليبية إلى المحافظة على التزامها التام بالحوار السياسي من أجل إجراء التعديلات اللازمة على اتفاق الصخيرات قبل تاريخ انتهاء مدّة الاتفاق المحدد في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مشيرة إلى أنها تقدّم دعمها الكامل لجهود المبعوث الأممي الذي زار عددا كبيرا من الأطراف الليبية في البلاد سعيا لمواصلة استئناف العملية السياسية.
إلى ذلك، أبلغ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وزير الخارجية الفرنسي، عدم قدرة فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة على السيطرة على العاصمة طرابلس.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية للبرلمان الموجود في شرق البلاد عن مستشار إعلامي لصالح قوله إنه أكد لوزير خارجية فرنسا، أن مجلس النواب يشترط إعادة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من رئيس ونائبين، على أن يتم تكليف رئيس وزراء جديد يتولى تشكيل حكومة تمهيدا لعرضها على مجلس النواب لمنحها الثقة، بالإضافة إلى إلغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي المتعلقة بالمراكز العسكرية والأمنية، وكذلك أن يكون مجلس الدولة من كل أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته.
من جهة أخرى، وبحسب بيان للخارجية التونسية، فقد أطلع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، المسؤول الأممي غسان سلامة خلال لقائهما أول من أمس في تونس، على نتائج الاتصالات التي أجرتها تونس مع مختلف الأطراف الليبية في إطار مبادرة الرئيس الباجي قايد السبسي حول ليبيا، مشيرا إلى أنه شدد على الدور المحوري للأمم المتحدة في قيادة وتنسيق الجهود الهادفة إلى إيجاد حل سياسي شامل للأزمة الليبية.
وبعدما أكد «استعداد تونس لمواصلة دعم البعثة الأممية وتوفير الإمكانيات الكفيلة بتمكينها من أداء مهامها في أفضل الظروف»، أكد أيضا «أهمية دور كل من تونس والجزائر ومصر في المسألة الليبية، وفي دعم الجهود الأممية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة»، مشددا على ضرورة إشراكها كفاعل أساسي في المساعي التي تهدف إلى دفع الفرقاء الليبيين إلى الحوار والتفاوض.
في المقابل، أكد سلامة «ضرورة التسريع في اتخاذ خطوات عملية لحل الأزمة في ليبيا باعتبارها رهانا إقليميا ودوليا والحيلولة دون انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة»، محذرا من أن «تعدد المبادرات وتوازي المسارات من شأنه أن يشتت الجهود الهادفة إلى تسوية هذا الملف».
وكان سلامة قد خاطب أمس اجتماعا للجنة العليا المعنية بعودة النازحين داخليا في ليبيا، قائلا: «من أهم شروط العودة الأمن وشعور النازح أنه لن يتعرض للثائر وعودة الثقة بين الجار وجاره»، معتبرا أن «خصوصيات المجتمع الليبي تسمح بإقامة مصالحات على مستوى محلي، دون الانتظار الطويل للمصالحة على مستوى وطني».
صراع معلن حول ليبيا بين روما وباريس
حفتر يستقبل وزير الداخلية الإيطالي بعد ساعات من لقائه وزير الخارجية الفرنسي
صراع معلن حول ليبيا بين روما وباريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة