التقت قوات النظام السوري المتقدمة من جهة البادية إلى مدينة دير الزور بالقوات المحاصرة فيها أمس، وفكت الطوق عن المدينة المحاصرة منذ ثلاث سنوات، تحت غطاء جوي وصاروخي روسي، دفع عناصر تنظيم داعش للانسحاب باتجاه جنوب المدينة، فيما واصلت قوات النظام عملياتها لفك الحصار عن مطارها العسكري.
ويعتبر هذا التطور العسكري، الأكبر منذ انطلاق عمليات النظام وحلفائه ضد «داعش» في ريف حلب الشرقي في يناير (كانون الثاني) الماضي، التي أسفرت عن استعادة النظام السيطرة على 35 ألف كيلومتر مربع من المناطق الصحراوية التي كانت خاضعة لسيطرة «داعش» في أرياف حلب وحماة والرقة وحمص ودير الزور، علما بأن مسؤولين ومقربين من النظام، كرروا إعلانهم أن أهداف المعركة الجارية منذ أشهر تتمثل في الوصول إلى دير الزور وفك الحصار عنها.
وأكد مصدران سوريان معارضان في دير الزور وخارجها لـ«الشرق الأوسط»، أن الغطاء الناري الكثيف الذي وفرته الطائرات والصواريخ الروسية المتطورة، والغطاء المدفعي والصاروخي الضخم الذي وفرته قوات النظام: «دفعت عناصر (داعش) لإخلاء مواقعهم والانسحاب باتجاه الريف الجنوبي لدير الزور».
وقال مصدر في المدينة إن عناصر «داعش»، «كانوا يقاتلون جيوشاً تتقدم، على وقع غارات جوية كثيفة، لافتاً إلى أن الغطاء الناري من الجهتين في اللواء 137 غرب المدينة، والقوات المتقدمة منعا (داعش) من استخدام سلاح المفخخات، بالنظر إلى أن عناصره باتوا مكشوفين، ما مكن القوات المتقدمة من فك الطوق عن دير الزور». وتوقع أن يلجأ عناصر التنظيم إلى ريف دير الزور، بعد انسحابهم من أطراف المدينة.
وجاء كسر الحصار بعد التقاء القوات المهاجمة من غرب مدينة دير الزور بتلك التي كانت محاصرة داخل مقر الفوج 137، المتصل بالأحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «كسر الجيش السوري ظهر اليوم (أمس) الحصار عن مدينة دير الزور، بعد وصول قواته المتقدمة من الريف الغربي إلى الفوج 137»، وهي قاعدة عسكرية محاذية لأحياء في غرب المدينة يسيطر عليها الجيش السوري.
وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات النظام المدعومة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، تمكنت من إنهاء عملية إزالة الألغام وفتح ممر لقواتها، للالتقاء بالقوات المحاصرة في اللواء 137، بعد تمكنها من تحقيق تقدم واسع قادمة من محوري جبل البشري وطريق السخنة – دير الزور، محققة أول خطوة لفك الحصار عن مدينة دير الزور.
وإثر هذا التطور، بات تقدم النظام يفصل الريف الجنوبي لدير الزور عن ريفها الشمالي، حيث توقفت قوات النظام وحلفاؤها عند مدينة معدان، آخر المدن الواقعة تحت سيطرة «داعش» في ريف الرقة الجنوبي الشرقي المتصل بدير الزور، وتسعى لمواصلة تقدمها للسيطرة على كامل الضفة الغربية لنهر الفرات، بين محافظتي الرقة ودير الزور. أما من الجهة الجنوبية، فإن النظام يحرز تقدماً إضافياً من ريف حمص الشرقي باتجاه الضفة الغربية لنهر الفرات في شمال المدينة. وتتوغل قواته في الصحراء تحت غطاء ناري روسي.
وواصلت قوات النظام أمس عملياتها العسكرية لتأمين حزام آمن إضافي للمدينة، عبر التقدم شرقاً في جنوب المدينة لفك الحصار عن مطار دير الزور، وهي المعركة التي دعمتها الصواريخ الروسية المجنحة أمس.
في غضون ذلك، أوردت حسابات الرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي خبر التقاء القوات المهاجمة «بأبطال الحرس الجمهوري والفرقة 17» الذين «صمدوا ودافعوا عن المدينة في وجه الإرهابيين طوال فترة الحصار»، بحسب قولها.
وقبل فك الحصار، كان اللواء 104 في الحرس الجمهوري الذي يرأسه العميد عصام زهر الدين، والفرقة 17، أبرز التشكيلات الموجودة في دير الزور ومطارها العسكري.
وهنأ رئيس النظام السوري بشار الأسد وحدات الجيش التي ساهمت الثلاثاء في كسر الحصار عن مدينة دير الزور. وقال الأسد في اتصال هاتفي أجراه مع قادة القوات التي كانت محاصرة في دير الزور، وفق ما نقلت حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي: «ها أنتم جنباً إلى جنب مع رفاقكم الذين هبوا لنصرتكم وخاضوا أعتى المعارك لفك الطوق عن المدينة، وليكونوا معكم في صف الهجوم الأول لتطهير كامل المنطقة من رجس الإرهاب، واستعادة الأمن والأمان إلى ربوع البلاد حتى آخر شبر منها».
وأفادت وكالة «سانا» عن احتفالات عمت أحياء مدينة دير الزور «ابتهاجا بالنصر». وشاهد صحافي متعاون مع وكالة الصحافة الفرنسية، صباحاً، أعلاماً رسمية كثيرة رفعت في الشوارع، كما نقل مشاهدته لسكان يلقون التحية الصباحية قائلين: «صباح النصر» بدلا من «صباح الخير».
وبدأ السكان منذ أيام التحضير لاحتفالات كسر الحصار. وقال عدي العلي (31 عاما) الاثنين، عبر الهاتف من دير الزور: «المدينة تستعد لتعيش العيد الحقيقي وتتخلص من طغاة العصر، وتفتح باب السجن للحرية».
ومن شأن سيطرة قوات النظام على مدينة دير الزور بدعم روسي، أن تشكل ضربة جديدة لتنظيم داعش. واعتبر الباحث في الشأن السوري أرون لوند، في تعليق للصحافيين عبر البريد الإلكتروني، أن تقدم الجيش «يشكل من الناحية السياسية انتصاراً نوعياً للأسد ومؤيدي الحكومة السورية، وهزيمة كبرى لتنظيم داعش». ورأى أن ما جرى يبدو وكأنه «نقطة تحول محتملة في الحرب في شرق سوريا، حيث سيصبح الأسد حالياً في وضع جيد يمكنه من تحسين موقعه، في وقت يتلاشى فيه تنظيم داعش».
قوات النظام تفك الحصار عن دير الزور... و«داعش» ينسحب جنوباً
عزلت ريفها الشمالي واتجهت إلى مطارها العسكري
قوات النظام تفك الحصار عن دير الزور... و«داعش» ينسحب جنوباً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة