رد موسكو على واشنطن يكبح حرب العقوبات

TT

رد موسكو على واشنطن يكبح حرب العقوبات

يسعى الكرملين إلى فرض مخرج من دوامة تبادل العقوبات مع الولايات المتحدة، ونقل الأمر إلى قاعات المحاكم الأميركية، دون التخلي عن الحق الروسي في الرد، وإن كانت موسكو لا تنوي حاليا توجيه أي رد جديد. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن خلال مؤتمر صحافي أمس، عقب قمة مجموعة «بريكس» في الصين، عن الخطوط الرئيسية للرد الروسي على تدابير أميركية بحق مقار دبلوماسية روسية في الولايات المتحدة، وقال إن روسيا تحتفظ بحقها في تقليص عدد الدبلوماسيين الأميركيين، لكنها لن تفعل ذلك الآن. وأشار إلى أن موسكو وواشنطن اتفقتا على أن يكون عدد الدبلوماسيين الروس العاملين في الولايات المتحدة مساويا لعدد الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في روسيا، موضحاً أن 455 دبلوماسيا روسيا يعملون الآن في الولايات المتحدة، بما في ذلك 155 دبلوماسيا يعملون في الأمم المتحدة، ما يعني أنهم ليسوا معتمدين كدبلوماسيين لدى الولايات المتحدة، ولدى الخارجية الأميركية، بل يعملون في المنظمات الدولية. في إشارة منه إلى أن روسيا يمكنها بموجب هذه الأرقام، وبناء على اتفاق مساواة أعداد الدبلوماسيين، تقليص 155 دبلوماسيا أميركيا من العاملين في روسيا.
إلا أن بوتين مع ذلك أظهر ضبطا للنفس، وتجنب التصعيد، حين أكد أن روسيا لن تقوم حاليا بطرد دبلوماسيين أميركيين، لكنه شدد على أن موسكو «تحتفظ بحقها في اتخاذ القرار بخصوص عدد الدبلوماسيين الأميركيين لديها، لكننا لن نفعل هذا، وسننظر كيف سيتطور الوضع لاحقاً». ووصف تقليص الأميركيين لعدد المكاتب الدبلوماسية الروسية على الأراضي الأميركي بأنه من حق الأميركيين، لكن عبر عن استيائه من الأسلوب وقال إن «المسألة ليست في إغلاقهم ممثلياتنا، بل في كيفية قيامهم بهذا الأمر، وجرى كل شيء بأسلوب فظ، وهذا لا يزين الشركاء الأميركيين». هذا ما قاله الرئيس الروسي في تعليقه على إغلاق الولايات المتحدة مكاتب قنصلية روسية في سان فرانسيسكو وواشنطن ونيويورك. وقالت واشنطن إنها اتخذت هذا القرار رداً على قرار روسي بتقليص عدد العاملين في البعثة الدبلوماسية الأميركية في روسيا، ضمن «متاهة تبادل للعقوبات» بين موسكو وواشنطن، تعود بداياتها إلى مطلع أغسطس (آب) الماضي، حين وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مشروع قانون عقوبات جديدة ضد روسيا.
وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من رد روسي حازم على الممارسات الأميركية، كما وجهت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية انتقادات حادة اللهجة للأمن الفيدرالي الأميركي، الذي قام بتفتيش المكاتب الدبلوماسية الروسية التي تقرر إغلاقها. إلا أن الرد النهائي على لسان بوتين خلال تصريحاته أمس، كان مغايراً وبعيداً عن التصعيد، بل ربما يمهد لاحتواء تبادل العقوبات بين البلدين. إذ وصف الرئيس الروسي الأزمة حول تلك المكاتب بأنها «واقعة غير مسبوقة»، وقال إن الجانب الأميركي حرم روسيا من استخدام ممتلكات خاصة روسية، ورأى أن «هذا انتهاك واضح لحقوق الملكية»، وكشف عن عزمه نقل المسألة إلى المحاكم الأميركية، وقال: «بداية سأكلف وزارة الخارجية الروسية بالتوجه إلى المحكمة، وسنرى كيف تعمل المنظومة القضائية الأميركية». وبغض النظر عن نتائج هذه الخطوة، إلا أنها تعفي روسيا مؤقتاً من توجيه رد، يرجح أن واشنطن سترد عليه، ما يعني المزيد من التصعيد، وتثبيت «شاهدة» على «نعش» العلاقات الثنائية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».