فصائل مقاتلة تبدي استعدادها لـ«الوحدة» في الشمال

TT

فصائل مقاتلة تبدي استعدادها لـ«الوحدة» في الشمال

أعلنت فصائل معارضة في الشمال السوري استعدادها للتوحّد، ضمن «جيش وطني»، وذلك تجاوبا مع دعوة كل من رئيس الحكومة المؤقتة جواد أبو حطب، و«المجلس الإسلامي السوري».
وأكدت مصادر عدة في المعارضة تأييد هذه الخطوة، التي كان قد سبقها خطوات مماثلة، كان آخرها في الجنوب، عبر تأسيس «تحالف الجنوب»، في وقت نفت فيه أنها تحتاج إلى جهود من قبل قياديي الفصائل ودعم من الدول المعنية في القضية السورية، وهو الأمر الذي لا يزال غير واضح حتى الآن.
وقالت مصادر معارضة في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، إن تجاوب الفصائل مع دعوة الحكومة المؤقتة و«المجلس الإسلامي»، جاء بعد رفضها مبادرة «هيئة تحرير الشام» في إدلب، والتي دعت خلالها لتشكيل إدارة مدنية، وهو الأمر الذي لم تتجاوب معه الفصائل، انطلاقا من رفضها لتوجه «الهيئة» المصنفة إرهابية. وفي حين نفت المصادر أي دعم دولي حتى الآن لجهود التوحّد، استبعدت تحقيق هذا الأمر، موضحة: «في كل مرة كانت تبذل جهود في هذا الاتجاه، كانت تقابل بالرفض أو الإفشال».
في المقابل، قالت مصادر في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الخطوة لا تزال في بدايتها وغير واضحة المعالم حتى الآن، مؤكدة في الوقت عينه أن التجاوب مع دعوة «المجلس الإسلامي» له أهمية؛ انطلاقا من أنه يعتبر مرجعية شرعية بالنسبة إلى معظم قياديي الفصائل المعارضة، إضافة إلى أن «الحكومة المؤقتة تلقى قبولا لدى السوريين، وهو ما قد يؤسس لخطوة ولو أولى نحو التوحّد». وأضافت: «لا شك أن هذه الخطوة هي تحد كبير، يحتاج الإرادة لدى القادة، وإدارة تنظيمية عسكرية جيدة، وكذلك تجاوب الدول الداعمة للفصائل وعدم إعاقتها».
وفي حين أثنى الرائد قاسم نجم، قائد «تحالف الجنوب» الذي أعلن عنه قبل نحو أسبوعين في خطوة لترتيب صفوف الجبهة الجنوبية، على استعداد فصائل الشمال للتوحد، نفى وجود أي تنسيق فيما بينهما، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن جهود الاندماج والتوحّد في المناطق، بعضها غير مرتبط ببعض حتى الآن، إنما هناك جهود لتعميمها قدر الإمكان؛ آملا الوصول إلى تشكيل جيش وطني موحّد.
وكانت 6 فصائل، هي «فيلق الشام»، و«حركة نور الدين الزنكي»، العاملة بريف حلب وإدلب، و«الفرقة الوسطى»، و«لواء أنصار السنة»، و«حركة أحرار الشام الإسلامية»، و«الجبهة الشامية»، قد أعلنت في بيانات منفصلة تأييدها دعوة «المجلس الإسلامي السوري» والحكومة المؤقتة إلى توحيد صفوفها وتشكيل جيش وطني.
بدوره، تعهد العميد الركن أحمد بري، بوضع كل إمكاناته وخبرته تحت تصرف أي مشروع يخدم الشعب السوري، ويعمل على جمع الفصائل والمقاتلين تحت قيادة واحدة وكيان واحد، تحت أي مسمى.
وقبل يومين، أطلق «المجلس الإسلامي السوري»، ورئيس الحكومة السورية المؤقتة، جواد أبو حطب، دعوة لوحدة صف الثوار جميعاً في كل أرجاء سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.