واشنطن تمنع فصائل «البادية السورية» من قتال قوات النظام

«الجيش الحر» ينتظر توضيحات من حلفائه

مقاتلون من «فصائل البادية» خلال المعارك مع قوات النظام. (جيش الشهيد أحمد عبدو)
مقاتلون من «فصائل البادية» خلال المعارك مع قوات النظام. (جيش الشهيد أحمد عبدو)
TT

واشنطن تمنع فصائل «البادية السورية» من قتال قوات النظام

مقاتلون من «فصائل البادية» خلال المعارك مع قوات النظام. (جيش الشهيد أحمد عبدو)
مقاتلون من «فصائل البادية» خلال المعارك مع قوات النظام. (جيش الشهيد أحمد عبدو)

أعلنت «فصائل البادية» السورية، أمس، تعرضها لضغوط من «غرفة العمليات العسكرية» بقيادة وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) للتوقف عن قتال النظام السوري، في خطوة لاقت استنكارا واسعا وإن لم تكن مفاجئة بالنسبة إلى المعارضة بعد فترة من تراجع الدعم العسكري لهذه الفصائل استطاع النظام خلالها تحقيق تقدم لافت.
وأعلن كل من «جيش أسود الشرقية» و«قوات الشهيد أحمد العبدو» في بيان لهما رفض هذه الضغوط والتأكيد على الاستمرار في القتال في المنطقة التي لم تدرج ضمن «مناطق تخفيف التصعيد» في اتفاق الجنوب والتي تشكل في معظمها الحدود مع الأردن. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن هناك بعض الجهود التي تبذل على خط الأردن قائلة: «الفصائل لا تزال تنتظر الجواب الواضح والصريح من عمان بعدما تبلغت هذا القرار من الأميركيين».
ورفضت كل من «أسود الشرقية» و«قوات الشهيد أحمد العبدو» التعليق على الموضوع، فيما قال المتحدث باسم «الجبهة الجنوبية» عصام الريس لـ«الشرق الأوسط»: «لا تزال النقاشات مستمرة بهذا الشأن، ومن المتوقع أن يتم الإعلان رسميا عن نتائجها».
ووضعت المعارضة طلب «غرفة العمليات» (موك) في دائرة التفاهمات الدولية ولا سيما بين أميركا وروسيا في ظل تكثيف الاجتماعات بين ممثلين عن الطرفين، وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن فصائل البادية وبعدما كانت قد تعرّضت لضغوط للقتال إلى جانب «قوات سوريا الديمقراطية» في معركة دير الزور والتوقيع على عدم قتال النظام، وهو الأمر الذي رفضته وحاولت التوحد في تجمّع واحد معلنة الاستعداد للمعركة، لم يعد أمامها الكثير من الخيارات، أما الانسحاب من المعركة أو القتال تحت مظلة «سوريا الديمقراطية»، وهو الأمر الذي لا تزال ترفضه، كما لا تقبل به «سوريا الديمقراطية». ورأت المصادر أن مصير هذا القرار الذي يهدف إلى سيطرة النظام على الحدود الأردنية مع ضمان عدم وجود الإيرانيين، يتوقف على الموقف الأردني، مضيفة: «المشكلة الكبرى هي إذا كان الهدف منه إنهاء دور هذه الفصائل وإبعادها كذلك عن معركة دير الزور». وكان 24 فصيلا اجتمعت في تركيا قبل نحو عشرة أيام وأعلنت الدعم السياسي والمعنوي لانطلاق معركة تحرير دير الزور انطلاقا من البادية الجنوبية.
من جهته، نفى مدير المكتب الإعلامي لـ«سوريا الديمقراطية»، مصطفى بالي، علمه بأي مفاوضات لقتال الفصائل إلى جانب قواته في دير الزور، مرحبا في الوقت عينه بأي فصيل يشارك في دحر «داعش» من سوريا.
وفي قراءته لطلب «الموك» اعتبر الخبير في الشأن السوري، أحمد أبا زيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «طلب (الموك) من الفصائل يأتي في سياق التفاهمات الأميركية - الروسية لإعادة تأهيل النظام السوري لتسلم الحدود والمعابر الحدودية حتى يستعيد شكل الدولة»، مشيرا إلى «أن انسحاب الفصائل من البادية سيسهّل للنظام والموالين له بعد ذلك مهمّة فتح الطريق مع العراق ووصلها بطهران».
وجاء في بيان «أسود الشرقية» «وقوات الشهيد أحمد العبدو» أمس: «اليوم مارسوا (غرفة الموك) علينا أشد أنواع الضغوط لكي نستسلم ونتوقف عن قتال النظام، وتسليم المنطقة في البادية الشامية».
وأكد البيان أن «فصائل الجيش الحر مستعدة للتعاون مع أصدقاء وأشقاء الشعب السوري، من دول ومنظمات وهيئات»، مستدركا: «ولكننا ما تعودنا الدنية في ديننا ومبادئنا وأرضنا وعرضنا، فلنا حق في موقف، ولنا جولة وصولة». وناشد «الفصائل الثورية في الغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة والشمال السوري نصرة البادية الشامية والقلمون»، قائلاً: «هذه فرصتكم في هذه المرحلة الحرجة من تغيير المواقف الدولية تجاه سوريا». وهنا أكّد وائل علوان، المتحدث باسم فيلق الرحمن، الموجود في الغوطة الشرقية، الدعم لفصائل البادية وموقفها، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «لكن للأسف في ضوء الضغوط التي نتعرض لها عدم تقيد النظام بهدنة الغوطة إضافة إلى الخريطة العسكرية المعقدة وتقطع أوصال المناطق لا يمكن إرسال مؤازرة عسكرية».
وأتى طلب «غرفة الموك» من الفصائل بالانسحاب من البادية، في وقت يواصل فيه النظام محاولات التقدم عبر جبهات عدة في ريف دمشق الجنوبي الشرقي المتصل مع ريف السويداء الشمالي الشرقي، حيث تشن قواته الهجمات على المناطق التي كان الجيش الحر قد استعادها من قبضة «داعش» خلال الأشهر الأخيرة، وتحاول غرفة عمليات «الأرض لنا» المتمثلة بفصيلي «جيش أسود الشرقية» و«قوات الشهيد أحمد العبدو» صد الهجمات وخوض معارك.
وكانت «الموك»، قد تأسّست في 2013، باتفاق وتنسيق بين مجموعة أصدقاء سوريا، على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول ومقرها الرئيسي في الأردن، وتقوم هذه الغرفة بتقديم الدعم العسكري واللوجيستي للجيش الحر.
على صعيد اخر نشرت مصادر اعلامية موالية للنظام مساء صوراً تُظهر طياراً أسره فصيل «اسود الشرقية» الشهر الماضي وقد تم الإفراج عنه مع عسكريين آخرين، في إطار صفقة لم تتضح معالمها فوراً. وسقطت طائرة الطيار في ريف السويداء الشرقي منتصف اغسطس (آب).وظهر الطيار مع عدد من المفرج عنهم في احتفال مع مسؤولين عسكريين في قوات النظام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».