ترقب اندلاع مواجهات دامية بين الجيش الليبي والميليشيات المسلحة

خفر السواحل الليبي أنقذ قرابة 500 مهاجر في البحر غرب طرابلس

TT

ترقب اندلاع مواجهات دامية بين الجيش الليبي والميليشيات المسلحة

استمرت أمس، عملية الحشد العسكري لقوات الجيش الوطني الليبي وميليشيات مسلحة في عدة مناطق في ليبيا، تحسبا لهجوم تعتزم هذه الميليشيات شنه على منطقة الهلال النفطي الحيوية.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، إن طائرات حربية تابعة للجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر قامت برصد المزيد من عمليات التحشيد التي تقوم بها قوات معادية في عدة اتجاهات حول سرت ومنطقة الهلال النفطي، مشيرة إلى أن حفتر أصدر تعليماته لقوات الجيش بالرد على أي هجوم.
وتوقعت المصادر أن تكون المواجهات المترقبة دامية، بالنظر إلى ما وصفته بالاستعدادات الضخمة التي تقوم بها الميليشيات المسلحة التي ينتمي بعضها إلى مدينة مصراتة وتحظى بدعم ما من حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس بقيادة فائز السراج.
من جانبه، قال غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية، في أول إحاطة له عبر دائرة تلفزيونية، أمام مجلس الأمن الدولي مساء أول من أمس منذ توليه مهام منصبه قبل نحو شهر، إنه من الحكمة ضمان تلبية الشروط السياسية والفنية الأساسية اللازمة لإنجاح الانتخابات، ولا سيما التزام جميع الأطراف بقبول نتائج الانتخابات، معتبرا أن الانتخابات لا تعني التراكم، بل التناوب السلمي والمنظم. وأضاف: «ليس بوسع الليبيين أن يحققوا نجاحا في هذه العمليات الثلاث سوى من خلال قيامهم بتحديد تسلسل هذه العمليات وبأي قدر من الاستعجال عليهم القيام بذلك، ومن خلال مساعدتنا لهم على الجمع بين العناصر الثلاث في حزمة واحدة». ورأى أن «أي جهود تُبذل للتوصل إلى حل يجب أن تكون بقيادة وبملكية ليبية»، مشيرا إلى أن «الأمم المتحدة هنا لدعمهم في مساعيهم، لا لتحل محلهم بالتأكيد».
ورسم سلامة صورة قاتمة للأوضاع في العاصمة طرابلس، عبر قوله: «يسيطر الإحباط على الناس إزاء تدهور أوضاعهم المعيشية، فقد مررت بنفس المصرف في طرابلس عدة مرات من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة العاشرة ليلا ورأيت الكثير من الناس لدرجة اعتقدت أنها مظاهرة. لم تكن كذلك! كانوا ينتظرون فقط الحصول على جزء ضئيل من مرتبهم الشهري - ما يعادل الآن ما قيمته 25 دولاراً».
إلى ذلك، أعلن خفر السواحل الليبي أنه أنقذ قرابة 500 مهاجر في البحر غرب العاصمة طرابلس أمس ليسلط الضوء على صعوبة محاولة إبطاء وتيرة النزوح من أفريقيا والشرق الأوسط. وقال متحدث باسم القوات البحرية الليبية إن خفر السواحل أنقذ 140 مهاجرا غير شرعي غرب طرابلس، بالإضافة لمجموعة أخرى تضمنت 164 مهاجرا قبالة صبراتة بينهم سبع نساء وستة أطفال، موضحا أن المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء ومصر والمغرب وتونس.
واتفقت أربع دول أوروبية وثلاث دول أفريقية، بينها ليبيا أول من أمس، في باريس على خطة لدعم الدول التي تعاني لاحتواء تدفق المهاجرين. واتفق الزعماء من حيث المبدأ على وضع آلية لتحديد المهاجرين الشرعيين الذين يهربون من الحرب والاضطهاد، والاستعانة بالأمم المتحدة في عملية تسجيلهم في النيجر وتشاد للحيلولة دون وقوعهم ضحية لاستغلال مهربي البشر.
وشارك رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، في أعمال القمة الأوروبية - الأفريقية في باريس التي ركزت على الاستقرار في ليبيا وأزمة المهاجرين غير الشرعيين، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، إضافة إلى مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، كما حضرها رئيسا النيجر محمد إيسوفو، وتشاد إدريس ديبي.
واعتبر السراج، في كلمته أمام القمة، أن ليبيا ضحية لهذه الهجرة مثلها مثل الدول الأوروبية، لافتا إلى ما تتحمله ليبيا من أعباء كبيرة استقطاعا من ميزانياتها المحدودة لمواجهة هذه الظاهرة والحد من تأثيرها أمنيا واقتصاديا واجتماعيا.
وأشار إلى أن حرس السواحل وحرس الحدود يفتقدان إلى الإمكانيات القادرة على مواجهة شبكات التهريب المسلحة بالتسليح الجيد بسبب الحظر عليها.
وعلى الرغم من أنه أثنى على المساعدات التي تقدمها دول الاتحاد الأوروبي وجهود إيطاليا في تدريب خفر السواحل خلال الآونة الأخيرة وتزويده بمعدات وأجهزة، لكنه قال إنها «لا تفي رغم أهميتها بمتطلبات المواجهة». وأضاف: «نؤكد بوضوح لا لبس فيه أن سياسة ليبيا في السابق والحاضر ضد أي مسعى لتوطين المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها بأي صورة كانت». وشدد على أن «الحل الحاسم لمشكلة الهجرة يكمن في استقرار ليبيا، عندها بمقدور الدولة الليبية أن تحمي حدودها».
على صعيد آخر، أعلنت قوة الدرع الخاصة في العاصمة الليبية طرابلس أنها أوقفت ناقلة لتهريب الوقود قبالة السواحل الليبية واعتقلت طاقمها المكون من 20 فلبينيا. وقالت القوة في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن «توقيف الناقلة تم في إطار عمل متكامل بين مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية وتحت مظلة مكتب النائب العام»، مشيرة إلى أن الناقلة (Levante) كانت راسية قبالة سواحل زوارة وعلى بُعد ثلاثة أميال منذ الأربعاء الماضي وترفع علم دولة ليبيريا. وأوضحت أنه «تم ضبط الناقلة والتوجه بها إلى ميناء طرابلس والتحفظ على أفراد طاقمها بمقر قوة الردع الخاصة وجار التحقيق معهم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.