قوات روسية تنتشر في تل رفعت للفصل بين الأتراك والأكراد

المعارضة السورية أدرجتها ضمن ترتيبات الحلّ السياسي

سوريون تجمعوا عند بوابة معبر اونكوبينار قرب كيليس بتركيا للدخول إلى سوريا في عطلة عيد الأضحى (إ.ف.ب)
سوريون تجمعوا عند بوابة معبر اونكوبينار قرب كيليس بتركيا للدخول إلى سوريا في عطلة عيد الأضحى (إ.ف.ب)
TT

قوات روسية تنتشر في تل رفعت للفصل بين الأتراك والأكراد

سوريون تجمعوا عند بوابة معبر اونكوبينار قرب كيليس بتركيا للدخول إلى سوريا في عطلة عيد الأضحى (إ.ف.ب)
سوريون تجمعوا عند بوابة معبر اونكوبينار قرب كيليس بتركيا للدخول إلى سوريا في عطلة عيد الأضحى (إ.ف.ب)

دخلت قوات روسية، بلدة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تتشكّل بغالبيتها من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي، التي تتعرّض لقصف متكرر من قبل القوات التركية وفصائل الجيش السوري الحرّ العاملة ضمن قوات «درع الفرات»، وفيما أفادت معلومات بأنها «ستكون قوات فصل بين الطرفين»، فإن المعارضة السورية، أدرجتها في سياق ترتيبات الحلول السياسية التي تسلكها الحرب السورية.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «دخول القوات الروسية إلى تل عفر، جاء في أعقاب الهجوم الفاشل الذي شهدته منطقة عين دقنة قبل أسابيع، وقضى وأصيب فيه عدد كبير من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية ومقاتلي الفصائل». وقال إن «دخول القوات الروسية ضمن رتل عسكري إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بالريف الشمالي لحلب، جاء بعد مساعٍ قام بها الجانب الروسي منذ منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، للتوصل لاتفاق وموافقة من القوات الكردية، حول نشر قوات الشرطة العسكرية الروسية، في المنطقة الممتدة بين مدينة مارع وبلدة دير جمال بريف حلب الشمالي، على خطوط التماس مع القوات التركية والفصائل المقاتلة المدعومة منها».
وأشار المرصد إلى أن الدخول العسكري الروسي «يأتي بالتزامن مع مواصلة تركيا تحضير قواتها لبدء عملية عسكرية، تهدف من خلالها استعادة القرى التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية في أواخر 2015 وأوائل 2016، بين مارع ودير جمال، والهجوم على منطقة مدينة عفرين».
في هذا الوقت، أكد أبو حاتم الشامي، القيادي في «الجبهة الشامية»، أحد فصائل قوات «درع الفرات» لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات الروسية دخلت بالفعل إلى تل رفعت، ولكن لا نعلم ما هي مهمة هذه القوات، وهل دخلت ضمن اتفاق تركي روسي؟»، معتبراً أن «الجانب التركي لديه بالتأكيد معلومات حول هذا التحرّك، الذي هو من ضمن ترتيبات سياسية معينة».
وعمّا إذا كان التدخل الروسي، يؤدي إلى توقف عملية «سيف الفرات» في شمال حلب، قال أبو حاتم الشامي، إن «عملية سيف الفرات لم تبدأ أصلاً حتى تتوقف، لكن يبدو أن الحرب في سوريا بدأت تتجه نحو الحلول السياسية»، لافتاً إلى أن «هناك دولاً مهتمة بالملف السوري، وباتت تتعاطى معه على أنه جزء من أمن المنطقة».
من جهته، أعلن موقع «الدرر الشامية»، أن «القافلة الروسية انطلقت من القاعدة بكفر جنة، وتوجَّهت إلى بلدة أحرص ثم إلى مدينة تل رفعت، وقامت بالتجول داخل مطار منغ، ثم أنهت جولتها على جبهة عين دقنة لتعود بعد ساعات إلى قاعدتها بريف مدينة عفرين». ونقل الموقع عن مصادر وصفها بـ«الخاصة»، قولها إن «القوات الروسية تقوم بين الحين والآخر بجولات عسكرية في المنطقة»، مشيرة إلى أن «وجود القوات الروسية، محصور في القاعدة المشتركة لها مع وحدات الحماية في قرية كفر جنة بريف عفرين».
أما مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل، فلفت إلى أن «دخول القوات الروسية إلى تل رفعت، يهدف إلى محاولة وقف مزيد من التمدد التركي، لكنه لا يوقف التهديد». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا «تحاول أن تكون صاحبة تأثير قوي في شمال سوريا، وأن تحدّ أيضاً من نفوذ إيران وحزب الله في هذه المنطقة».
ولا يبدو هذا التحرّك خارج الموافقة الأميركية، حيث أشار نواف خليل، وهو المتحدث السابق باسم حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي»، إلى أن «ما يجري ليس بعيداً عن ترتييبات الجانبين الروسي والأميركي، اللذين يحددان قواعد الاشتباك في سوريا»، معتبراً أن «البوصلة الأساسية لهذين القطبين في سوريا، هي هزيمة (داعش)، ولديهما مصلحة في وقف التوتر في ريف حلب، وعدم إشغال قوات سوريا الديمقراطية عن معركة الرقة»، لافتاً في الوقت نفسه، إلى أن «الدور التركي بات أقل تأثيراً في سوريا، في ظلّ ما يعانيه الائتلاف والفصائل المحسوبة على أنقرة»، داعياً إلى «الأخذ في الاعتبار التحضيرات الحالية لمعركة دير الزور الكبرى والاستراتيجية، التي ستحدد مع معركة الرقة مستقبل سوريا».
وكانت روسيا افتتحت لها موقعاً عسكريّاً في قرية كفر جنة بريف مدينة عفرين، خلال شهر مارس (آذار) من العام الحالي، ووضعت فيه عدداً من آلياتها وجنودها، بحجة أنه موقع لمتابعة وقف إطلاق النار بين قوات الـ«YPG» وفصائل الجيش السوري الحر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.