الرئيس الفلسطيني يجمد التحركات الدبلوماسية ضد إسرائيل مانحاً الأميركيين فرصة

كوشنر طلب بضعة أشهر لتقديم خطة سلام... وعباس أراد ضمانات لحل الدولتين وسقفاً زمنياً

فلسطيني يمر من أمام غرافيتي لترمب على جدار الفصل في بيت لحم يظهره أمام حائط المبكى في القدس (إ.ب.أ)
فلسطيني يمر من أمام غرافيتي لترمب على جدار الفصل في بيت لحم يظهره أمام حائط المبكى في القدس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس الفلسطيني يجمد التحركات الدبلوماسية ضد إسرائيل مانحاً الأميركيين فرصة

فلسطيني يمر من أمام غرافيتي لترمب على جدار الفصل في بيت لحم يظهره أمام حائط المبكى في القدس (إ.ب.أ)
فلسطيني يمر من أمام غرافيتي لترمب على جدار الفصل في بيت لحم يظهره أمام حائط المبكى في القدس (إ.ب.أ)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قرر الاستجابة لنصائح عربية، بإعطاء الإدارة الأميركية، الحالية، فرصة أطول لتقديم خطة سلام.
وبحسب المصادر، قرر عباس تأجيل أي تحركات فلسطينية في مجلس الأمن والأمم المتحدة ومؤسسات أخرى ضد إسرائيل حتى لا يتهم بأنه عرقل السلام وأحبط المبادرة الأميركية قبل أن تبدأ.
وأكدت المصادر، أن جاريد كوشنر، رئيس الوفد الأميركي، الذي زار المنطقة الأسبوع الماضي، طلب من عباس والقادة والمسؤولين العرب، إعطاءه فرصة لتقديم خطة سلام ودفع عملية جادة في المنطقة.
وبحسب المصادر، «قدم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وزعماء آخرون النصيحة لعباس بالتروي، على الرغم من الغموض الأميركي والمواقف التي تبدو منحازة لإسرائيل، حتى لا يصبح (الرئيس الفلسطيني) كمن خرب المساعي الأميركية، وتظهر إسرائيل كطرف راغب في السلام بخلاف الفلسطينيين».
وطلب عباس من كوشنر ضمانات من أجل عملية سلام مرجعيتها حل الدولتين ومحكومة بسقف زمني.
وقال كوشنر لعباس بحسب المصادر، إنه سيعمل على ذلك، وسيعرض الأمر على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لكنه لم يلتزم بدعم حل الدولتين في هذا الوقت.
وكان كوشنر حريصا طيلة جولته، على تجنب ذكر حل الدولتين، واكتفى بالقول: إنه ملتزم بتحقيق السلام.
وتقول واشنطن إن «الالتزام بحل الدولتين سيكون بمثابة انحياز»، وإنه يجب أن يصل الطرفان إلى هذا الحل أو حلول أخرى.
وأغضب هذا المسؤولين الفلسطينيين الذين هاجموا الوفد الأميركي بشدة واتهموه بالانحياز لإسرائيل، قبل أن تأتي تعليمات عليا بالتوقف عن مهاجمتهم.
وبدلا من حل الدولتين، تسعى واشنطن، كما يبدو، لطرح خطة سلام قد تكون إقليمية.
وتعتقد واشنطن أن سلاما إقليميا سيكون هو الحل الأكثر إمكانية في المنطقة، لكن الفلسطينيين رفضوا هذا الطرح.
وقال مسؤول أميركي، إنه بعد اللقاءات التي أجريت بشأن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإنه يتضح أن حل الصراع بين الجانبين، بيد الدول العربية المعتدلة.
وأضاف: «إن الإدارة الأميركية بزعامة دونالد ترمب تدرس نهجا جديدا (وسبل) تخفيف حدة الصراع، من خلال إطلاق محادثات مع الائتلاف العربي»، متابعا: «الجيل الجديد من القيادات العربية يفهم الوضع، وبالتالي يجب أن يشارك بطريقة أكثر عمقا».
وقال مسؤول فلسطيني فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، «التوجه الأميركي غير واضح تماما حتى الآن».
وأضاف: «نحن لسنا ضد سلام عربي إسرائيلي إذا كان هذا هو المقصود، لكن ليس قبل إنهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية».
وأضاف، «أما أن يكون السلام العربي الإسرائيلي قبل ذلك، بمعنى: تمهيد وبادرات عربية من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، فسيكون هذا مثل خدعة كبيرة يجب أن لا نسقط فيها، أو يسقط فيها أي عربي».
وتابع: «نحن أبلغنا الجميع أن سلاما إقليميا مرفوض».
وأردف، «قلنا لهم لن نقبل أي تعديل على مبادرة السلام العربية، ونرفض محاولة تعديلها والتلاعب بها».
وبحسب المسؤول، سمع كوشنر، أيضا، هذا الكلام، وأُبلغ أن الحل الوحيد هو حل الدولتين الذي يدعمه جميع العرب، دولة فلسطينية على حدود 67 إلى جانب إسرائيل.
وكان كوشنر، التقى في جولة الأسبوع الماضي بالرئيس عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعماء آخرين في المنطقة، في الجولة التي قادته، أيضا، إلى المملكة العربية السعودية والأردن ومصر وقطر والإمارات.
وبدا التنسيق الفلسطيني العربي في حال ممتازة، بعد تبادل وجهات النظر بين عباس والعاهل الأردني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قبل لقاء كوشنر وبعده.
وتلقى عباس الدعم من العاهل الأردني وولي العهد السعودي. ودعمت السعودية والأردن ومصر موقف الفلسطينيين، بعدم إجراء أي تعديلات على المبادرة العربية.
ووضع الفلسطينيون خططا بديلة إذا فشلت الجهود الأميركية في نهاية المطاف، من بينها التوجه إلى مجلس الأمن والطلب منه تطبيق قراراته بشأن إنهاء الاحتلال وحق تقرير المصير، والطلب منه كذلك، الاعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة العضوية، ومواصلة الانضمام إلى مؤسسات دولية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.