تعديلات تخفف من عقوبات أميركية مقترحة على «حزب الله»

بعد ضغط من بيروت وقبل تصويت الكونغرس في الخريف

مقاتلون من حزب الله في جنازة زميل لهم في الجية بلبنان قتل في معارك في سوريا في يوليو الماضي (إ ف ب)
مقاتلون من حزب الله في جنازة زميل لهم في الجية بلبنان قتل في معارك في سوريا في يوليو الماضي (إ ف ب)
TT

تعديلات تخفف من عقوبات أميركية مقترحة على «حزب الله»

مقاتلون من حزب الله في جنازة زميل لهم في الجية بلبنان قتل في معارك في سوريا في يوليو الماضي (إ ف ب)
مقاتلون من حزب الله في جنازة زميل لهم في الجية بلبنان قتل في معارك في سوريا في يوليو الماضي (إ ف ب)

قالت مصادر مصرفية وسياسية إنه تم تعديل مقترحات لتشديد العقوبات الأميركية على جماعة حزب الله بما يكفي للتخفيف من حدة المخاوف من أن يلحق ضرر بالاقتصاد اللبناني، فيما يمثل إشارة على أن واشنطن تنظر بجدية للمخاوف على استقرار لبنان.
غير أن شخصيات مصرفية أبلغت (رويترز) أن السلطات اللبنانية يجب ألا تستكين لذلك، لأنه لا يمكن التنبؤ في المستقبل بموقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من إيران وحلفائها ولأن مشروع قانون العقوبات لن يخضع للبحث والتصويت إلى أن يعود الكونغرس للانعقاد في الخريف.
وعندما بدأ تداول مسودات قيل إنها خطط أميركية لتوسيع التشريعات الخاصة بالعقوبات على حزب الله في لبنان في وقت سابق من العام الحالي، حذرت وسائل الإعلام المحلية من عواقب وخيمة على الاقتصاد اللبناني الضعيف والتشرذم السياسي ذي الطابع الطائفي. ومبعث الخوف الرئيسي لدى السلطات اللبنانية هو احتمال أن تعتبر بنوك المراسلة الأميركية أن المعاملات مع البنوك اللبنانية تمثل مجازفة. وتواجه البنوك الأميركية غرامات ضخمة إذا تبين أنها تتعامل مع أشخاص أو شركات مفروض عليها عقوبات. وسيمثل ذلك إضعافا للاقتصاد الذي يعتمد على الودائع الدولارية التي يحولها اللبنانيون في الخارج.
وقد مارست الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي والبنوك الخاصة ضغوطا كبيرة على الساسة والبنوك في الولايات المتحدة هذا العام، وما زالت تمارس ضغوطها لإقناع واشنطن بالموازنة بين موقفها المتشدد المناهض لحزب الله وضرورة الحفاظ على الاستقرار.
وكانت الرسالة الأساسية في هذا الصدد هي أن آخر ما تحتاج إليه الولايات المتحدة دولة أخرى فاشلة في الشرق الأوسط وهي التي تدعم الجيش اللبناني في حربه على امتدادات تنظيم (داعش) وغيره من المتشددين من سوريا.
وربما تكون تلك الجهود قد نجحت. فمشروع القانون الذي قدم للكونغرس في أواخر يوليو (تموز) لا يتضمن العناصر الرئيسية التي أثارت ما وصفه مصدر مصرفي بالقلق في بيروت.
وقالت مصادر مالية لـ(رويترز) إن التشريع المقترح الخاص بحزب الله، أكثر تحديدا في تعريف من يستهدفه عند مقارنته بمسودات المقترحات السابقة، ولم يعد يعتبر شاملا كل سكان لبنان من الشيعة.
يشارك حزب الله المدعوم من إيران ويتمتع بنفوذ كبير في حكومة الوحدة الوطنية في لبنان، غير أن واشنطن تعتبره جماعة إرهابية. ويقول مسؤولون أميركيون إن حزب الله لا تموله إيران فحسب بل شبكات من الأفراد والشركات اللبنانية والدولية.
وكان قانون منع التمويل الدولي لحزب الله الصادر في أميركا عام 2015 استهدف قطع مصادر تمويل الجماعة في مختلف أنحاء العام. وفي يوليو الماضي، اقترح أعضاء في الكونغرس الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تعديلات لتشديد القانون. وقالت المصادر المصرفية إن تعديلات العام 2017 لا تفرض تشديدا كبيرا للقانون الأصلي الذي استوعب لبنان صدمته الأول، ومن المستبعد أن يكون لهذه التعديلات أثر كبير في حالة سريانها.
وقال ماتياس انجونين المحلل بمؤسسة موديز للتصنيفات الائتمانية «حتى الآن نجحت السلطات اللبنانية في الحد من تداعيات العقوبات الأميركية على البنوك اللبنانية». وقال ياسين جابر عضو البرلمان الذي رأس وفدا سياسيا زار واشنطن في منتصف مايو (أيار) بعد ظهور الصياغات الأولى، لـ«رويترز»: «من المؤكد أنه مخفف بالمقارنة بالمشروع الذي رأيناه عندما كنا هناك ومن الواضح أن نقاشاتنا أُخذت في الاعتبار.... فهو أكثر تحديدا فيمن يستهدفه».
وتفضل البنوك أن تكون قواعد العقوبات محددة فيما يتعلق بالمستهدفين من أجل تجنب الغرامات غير المتوقعة وتحاشي استبعاد أفراد من الجهاز المصرفي بلا داع. وتبين نسخة من التشريع متاحة للجمهور اطلعت عليها رويترز أنه على النقيض من الصياغات الأولى فإن التعديلات لا تستهدف حركة أمل الشيعية التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري.
وتمنح المقترحات الحالية الرئيس الأميركي صلاحية تحديد من يجب استهدافه بالعقوبات بدلا من ترك هذه الصلاحيات لمسؤولين أدنى درجة. كما تتطلب المقترحات فرض العقوبات على أفراد يقدمون دعما ماليا أو ماديا أو تكنولوجيا «كبيرا» لجماعة حزب الله. ولم تكن كلمة «كبيرا» واردة في الصياغة السابقة.
ويمثل الدور الذي يلعبه حزب الله في الحرب الأهلية السورية التي يقاتل فيها إلى جانب الرئيس بشار الأسد سببا للتوتر السياسي في بيروت. وسبق أن قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إن المحاولات الأميركية لإضعاف الجماعة لن تفلح.
ويعاني لبنان من واحد من أعلى معدلات الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم وضعف النمو، بسبب أثر الحرب الدائرة منذ ست سنوات في سوريا والصعوبات التي تواجهها الحكومة في الاتفاق على إصلاحات ضرورية. وتسند البنوك اللبنانية الاقتصاد إذ تستخدم ما يودعه المغتربون اللبنانيون من أموال في شراء الدين الحكومي لتمويل عجز الميزانية المتزايد والدين المتنامي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».