الانقلاب يأكل أبناءه في اليمن

الحوثي وصالح حليفا «البقاء» يؤجلان «اشتباكا مؤجلا»

جانب من تجمع أتباع المؤتمر الشعبي العام في ميدان السبعين بصنعاء الخميس الماضي (إ.ب.أ)
جانب من تجمع أتباع المؤتمر الشعبي العام في ميدان السبعين بصنعاء الخميس الماضي (إ.ب.أ)
TT

الانقلاب يأكل أبناءه في اليمن

جانب من تجمع أتباع المؤتمر الشعبي العام في ميدان السبعين بصنعاء الخميس الماضي (إ.ب.أ)
جانب من تجمع أتباع المؤتمر الشعبي العام في ميدان السبعين بصنعاء الخميس الماضي (إ.ب.أ)

مر على انقلابيي اليمن في صنعاء أسبوع اختزل استحالة شراكة عبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله (الحوثية) والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
ولولا نقطة الالتقاء الوحيدة المتمثلة بالقبول على مضض، بحلف من أجل البقاء، وضمان ابتزاز ما تبقى من اليمن، لنجمت حرب سابعة داخل بلد أكلته الحرب، ونهشه المرض، وصودر قراره من قبل أقلية داخل أقلية، وحزب مخلوع استغرق 6 أعوام ليستيقظ الخميس الماضي في ساحة السبعين، ليخلد إلى "التراجع"، بخطاب تعددت أوصافه، من "مخيب إلى معلب، ومن مكرر إلى مسلوب الإرادة".
تأجل اشتباك كان مؤجلا منذ أول يوم تحالف فيه الحوثي وصالح، فلا شيء يجمع باستثناء المصالح الضيقة والشخصية.
تعقيدات المشهد في اليمن تجبر المراقب على ضرورة تعدد الآراء حتى تتضح الصورة، أو تقترب. "الشرق الأوسط" استمزجت 5 محللين وسياسيين يمنيين من الراسخين في نبش ما بين سطور الانقلاب الذي بدأ يأكل أبناءه.
"التسخين" لتجمع السبعين كان أكثر "سخونة" من "السبعين" نفسه. وباستثناء تجمع أنصار المؤتمر الشعبي العام في الرابع وحشد آخر لشركائهم الحوثيين الذي خشوا أن يطوف صنعاء حشد يفوق قواتهم، لم تشهد صنعاء ما يذكر، إلا استمرار الانقلاب وبقاء الفجوة التي أحدثتها تصريحات عبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله (الحوثية)، وردود صالح.
تلك الفجوة، برزت عبر وصف الحوثي لشريكه بعبارات حادة تخرج للمرة الأولى من زعيم التمرد، منذ تحالفه الذي ما زال يحير المراقبين مع صالح.
ولم يحتمل صالح أن يصمت لأربع وعشرين ساعة؛ فالحوثي لمز واشتكى وتساءل عن الفساد، فأخذ يسخر من "الملازم" التي استوردها الحوثي وأنصاره من "الخمينية"، وحمل الحوثيين مسؤولية الشلل الإداري". وتقاذف الطرفان عبر قيادات الصف الأول الاتهامات والشكاوى والتنكيل.
كل ذلك، نتيجة تراكمات لم يستطع أن يصمت أمامها صالح وجماعته، مقابل غطرسة الحوثيين، ليخرج في المناسبة ويرسل رسائله للجماعة التي خشيته وخضعت لمطلبه، ليس من أجله أو المؤتمر أو الشعب، بل لصالح "البقاء".
يقول علي البخيتي السياسي والكاتب اليمني "إن الحوثيين وعبر القوة أعاقوا عمل وزراء المؤتمر وأحياناً اعتدوا عليهم. كما شرع الحوثيون في تعديل المناهج الدراسية والسيطرة على وعي المجتمع كذلك مستخدمين وسائل الاعلام الحكومية إضافة الى تنظيمهم لدورات دينية لضباط الجيش والأمن لتدريسهم المنهج الطائفي السلالي الحوثي وقسم الولاء لعبد الملك الحوثي.
كل ذلك أرعب المؤتمر وأدرك أن جماعة الحوثيين تستخدمه غطاء لتمددها العقائدي. وهنا قرر المؤتمر تنظيم فعالية قوية ليقول للحوثيين نحن هنا ولا تزال لدينا شعبية جارفة، وعندما شعر الحوثيون أن هناك ملايين قد تزحف على صنعاء للاحتفال خاف من أن تكون تلك الحشود غطاء لانقلاب ينفذه الرئيس السابق صالح والمؤتمر ولذلك سعوا لإيقاف الفعالية.
- نتائج السبعين
يقول عبد الله إسماعيل المحلل السياسي اليمني "ظهر صالح في السبعين خانعا ضعيفا متراجعا عن التصعيد الذي سبق التحشيد، مكتفيا بوساطة من زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله الذي شكره في خطابه، وظهر أيضا مخيبا لآمال من احتشدوا في السبعين، ماجعل مقربين منه يؤكدون ان القادم للحوثي. الحوثيون نظموا أيضا مسيرة مسلحة طافت أرجاء المنطقة الجنوبية لصنعاء وميدان السبعين في رسالة واضحة لشريكهم مفادها، لا نقبل الندية السياسية والعسكرية".
"أراد صالح بهذه الفعالية ان يرسل رسائل عديدة للداخل والخارج بأنه مازال قوة ورقما مهما في صنعاء"، ويضيف إسماعيل: في تصوري ظهر اضعف من ان يقنع احدا، وبدلا من ان يحسن استخدام قوته الناعمة في التحشيد، والتهديد على الاقل بكشف الغطاء السياسي عن الحوثيين من خلال وزرائه في حكومة الانقلاب؛ جير كل حضور السبعين لصالح مشروع الحوثيين واستمرار تحالفه معهم".
من جهته، يقول البخيتي "بعد احتفالية المؤتمر ليس كما قبلها، فالشرخ الذي حدث بين الطرفين عميق ويصعب ترميمه وقد يؤدي الى تغير خارطة التحالفات إذا توقفت الحرب، فما يبقي على تحالف الحوثي صالح هو استمر الحرب واستهدافهم معاً من التحالف، وإذا ما تم تحييد صالح عن الصراع والعمل على إيجاد تسوية بينه وبين القوى السياسية اليمنية التي في الرياض ستتغير المعادلة كلياً، وسيحشر الحوثيون في الزاوية". وأكمل قائلا إن "الدور الذي يقوم به المؤتمر وصالح مهم لأنه يقاوم تمدد الحوثيين فكرياً وسياسياً واجتماعياً وقبلياً في المناطق التي يسطر عليها الانقلاب، بعد أن غادرت أغلب الأطراف السياسية اليمن عقب انقلاب الحوثيين وتركت الساحة لهم ولم يبق إلا المؤتمر على الأرض يقاوم وجودهم وبحذر. ولولا المؤتمر فأن الحوثيين قد يغيروا وعي وثقافة المجتمع بشكل كبير بما يصعب عملية تحرير المناطق التي تحت أيديهم ويرسخ وجودهم السياسي في المنطقة لعقود طويلة".
لكن سام الغباري الكاتب والسياسي اليمني؟ يرى غير ذلك. ويقول "بعد خطاب صالح في السبعين تألم الكثير من انصار المؤتمر الذين وجدوا في خطابه خدعة ما توقعوها بعد خطاباته الحماسية التي اعتقدوا أنه يناهض فيها الحوثيين".
- تحالف المستحيل
"جمع الحوثيون وصالح خصوما سياسيين مشتركين للطرفين"، بهذا يجاوب البخيتي على سؤال «الشرق الأوسط» حول ما يجمع النقيضين، ويقول الكاتب والسياسي (الذي طلب عدم التحرير على كامل إجاباته): "الإخوان وعلي محسن وأولاد الأحمر، وكان هذا بداية تحالفهم، ثم جمعتهم العاصفة عندما استهدفتهم معاً فاضطرا للتحالف العلني عسكرياً في البداية ثم امتد التحالف ليتحول الى شراكة سياسية استفاد الحوثيون منها أن المؤتمر وفر لهم غطاء وطنيا، واستفاد المؤتمر انه حافظ على وجود كوادره في المؤسسات الحكومية وحماية مصالحه، أي انه كان تحالفا نفعيا بامتياز، وهذه على كل حال طبيعة التحالفات السياسية وجوهرها".
نجيب غلاب الباحث السياسي اليمني ومؤلف كتاب عن "الإسلامويين في اليمن"، يقول: "لا يوجد غير مصالح انتهازية واهداف متناقضة. كل طرف أراد ان يوظف الآخر لإدارة معركته وتحقيق أهدافه، قد يكون لبعد الانتماء المناطقي والمذهبي دور في لملمة صفوف هذا التحالف لكنه ليس متحكما وسيصبح جوهر التحالف مستقبلا كلما تجذر المشروع الحوثي وضعف صالح.
وأراد صالح أن ينتقم من خصومه ومن الاخوان المسلمين (والحديث لغلاب)، كما اراد ان يدخل الحوثية في لعبة السلطة ثم ينقلب عليها ويجعلها ذراعا لمواجهة تجمع الاصلاح، ومثلما استخدم الجميع الحوثية لاضعاف النقاط استخدمها صالح لإضعافهم أنفسهم، إلا ان المشروع الحوثي تمكن من إدارة اللعبة وفق خياراته، وما زال مستمرا في توظيف تناقضات الصف الجمهوري المحذر من حكم الولاية، وكل يوم يثبت ان الاحقاد السياسية المهيمنة على جميع اطراف الصف الجمهوري هي القوة الأهم التي تزيد من قوة الحوثي وتمكن له.
- اشتباك مؤجل
يصف المحلل السياسي اليمني فهد الشرفي تحالف الحوثي وصالح بالتكتيكي المرحلي، "وكان صالح منتقما من خصومه ناجيا برأسه في ظل أحداث معقدة حدثت أثناء إسقاط عمران ثم صنعاء من قبل الحوثيين".
"ولذا، فقد كانت المواجهة مرحلة منذ اليوم الاول، إذ لا يوجد يمني ممكن ان ينسجم مع الحوثية ما لم يتحول الى إماميا جاروديا فكرا ومعتقدا"، ويضيف الشرفي " دفع صالح ومجموعته ثمنا باهضا للمغامرة بهذا التحالف الخطير مع حركة ثيوقراطية إرهابية لا تؤمن بفكرة الدولة الوطنية ولا بالنظام الجمهوري ولا بالتعددية ولا بالقيم الانسانية حتى".
ولأن الخلاف كان منذ اليوم فإن الفريقين "كانا يتحاشان تأجيجه"، والعوامل كما يقول الشرفي "معروفة"، معللا بأن "صالح كان يوصي جماعته بالصبر؛ كونه يرى أنه أصبح هدفا مشروعا لقوى الشرعية ومن خلفهما تحالف دعم الشرعية، ولا مناص من المضي في التحالف مع الحوثية مهما كانت التنازلات".
بيد أن التنازل وصل إلى حد لم يطق عليه المؤتمر صبرا. ويعدد الشرفي تجاوزات الحوثية ضد شريكهم الانقلابي المؤتمر الشعبي العام بالقول: "إن اعتداءات الحوثية على المؤتمريين ومصادرة القرار تماما من بين أيديهم، فضلا عن تسلط الحوثية على مؤسسات الدولة وهدم كل مقوماتها"، متابعا: الحوثية بالأساس ليست قادرة على الادارة ولا مؤهلة للشراكة مع احدـ فهي عصابة لصوصية لا تفقه شيئا غير الدوس على الأنظمة وإهانة الموظفين ونهب كل موارد الدولة.
وظهر الخلاف من خلال كتابات بعض النشطاء المؤتمريين الذي وصفهم الشرفي بـ"الأحرار" معتقدا أن "صالح مارس الصبر حتى اصبح الكثيرون يشعرون انه يتركهم يعيشون المهانة من اجل الحفاظ على نفسه او الخوف على حياته ولقد مثل قرار المؤتمر وصالح باحياء فعالية ذكرى التأسيس نقطة تحول مهمة في التحالف بين الطرفين".
من ناحيته، يقرأ سام الغباري اتفاق صالح مع الحوثيين بأنه يرتبط عضويًا بمستقبلهم السياسي ونفوذهم الذي هدده مشروع الرئيس هادي المتمثل في قيام الدولة الاتحادية، ويقول إن "صالح يعرف ان ذلك المشروع يلغي تمامًا نظامه السياسي وهويته الادارية وتاريخه الذي تعد الوحدة اليمنية بصيغتها الحالية أبرز ما فيها، والحوثيون يعرفون أن قيام الدولة الاتحادية سيمزق مشروعهم السلالي العنصري القائم على الولاية الدينية للهاشميين في اليمن".
يعود عبد الله إسماعيل هنا ليضيف بأنه "كان واضحا منذ البداية ان اختلاف مشروعي طرفي تحالف الانقلاب سيكون من أهم أسباب صيرورة الصراع بينهما".
وفي حين تغاضى صالح عن كثير من تصرفات حليفه، "بدأت مبكرا منهجية حوثية استهدفت تقليم أظافر صالح وسحب اوراقه، ورقة ورقة" وفقا لإسماعيل؛ الذي زاد بأن صالح "أهين وأقصي أتباعه من الوظيفة العامة، وتعرض منتسبو حزبه وصحفيوه في الداخل اليمني لشتى المضايقات والملاحقات في مقابل تهدئة عفاشية متواصلة اعطت مؤشرات عديدة على انه لم يعد يمتلك رفاهية الاعتراض او اتخاذ موقف حاد وواضح ، وان من سمح لهم وخان بهم الدولة انقلبوا عليه ايضا".
ويضيف البخيتي: "جمع الحوثيون وصالح خصوما سياسيين مشتركين للطرفين، الإخوان وعلي محسن وأولاد الأحمر، وكان هذا بداية تحالفهم، ثم جمعتهم العاصفة عندما استهدفتهم معاً فاضطرا للتحالف العلني عسكرياً في البداية ثم امتد التحالف ليتحول الى شراكة سياسية استفاد الحوثيون منها أن المؤتمر وفر لهم غطاء وطنيا، واستفاد المؤتمر انه حافظ على وجود كوادره في المؤسسات الحكومية وحماية مصالحه، أي انه كان تحالف نفعي بامتياز، وهذه على كل حال طبيعة التحالفات السياسية وجوهرها"، متابعا: ظهر الخلاف بشكل جلي بعد اعلان المجلس السياسي والحكومة المشتركة في صنعاء حيث لم يلتزم الحوثيون بالاتفاقات والتي تضمنت خروج اللجان الثورة الحوثية التي استولت على المؤسسات ورفع يدها عن صنعاء وباقي المدن وتسليمها للوحدات الرسمية.
- لماذا الآن؟
ولا يجد سام الغباري في تقاطع الحوثي وصالح أي جديد، وقال "إنه أمر طبيعي"؛ "لأن صالح رجل دولة سابق والحوثي مجرد عصابة عنصرية كانت ترى في صالح ذلك الرئيس الذي اغتصب السلطة ولم يسلمها لرجل من "آل البيت" - كما يدّعون- ، ما يجمعهم اكثر مما يفرقهم الآن".
ويضيف نجيب غلاب بالقول: الحوثية ومؤتمر صالح فعليا نقيضان لا يمكن ان يكتملا إلا بان يستتبع احدهما الآخر ويتغلب طرف على آخر، وفِي ظل جوع الحوثية للسلطة والثروة وتركيزها على إكمال تصدير الثورة الخمينية فانها تسعى لاحتواء مؤتمر صالح او كسر شوكته إن قاوم، وتدرك الحوثية ان كل اطراف الشرعية تكره وتحقد على صالح، كما تدرك ان صالح يدير حربا للتخلص من الشرعية وتستغل الوضع لخدمة قوتها.
ويتابع غلاب: الخلاف موجود منذ ان انقلبت الحوثية بإعلانها الدستوري واستيلائها على مداخل القوة؛ فصالح كان يخطط لنقل السلطة الى مجلس النواب والضربة الاستباقية للحوثية اعاقت مشاريع صالح وأصبح مجبرا على التعامل مع هذا المتحول بعد ان ضرب اهم مرتكزات المتطرفين داخل الحوثية وأغلبهم كانوا مرتبطين عضويا بايران وحزب الله، مكملا: "نتيجة تحولات كثيرة إقليمية ودولية ونتيجة طول المعركة وتراكم خسائر صالح، دفعته إلى تسويق نفسه للتحالف وللمنظومة الدولية اولا كرجل سلام وثانيا كقوة بإمكانها ان تحاصر الحوثية".
- الكيان الموازي الحوثي
يسمي نجيب غلاب المكتب التنفيذي لجماعة الحوثي "الكيان الموازي"، في حين يعرفه البخيتي بأنه "مؤسسة حوثية موازية لعمل أمانة العاصمة صنعاء، ومن خلالها يسطر الحوثي على مؤسسات الدولة داخل صنعاء، والمسؤول عن المكتب هو عبدالكريم أمير الحوثي عم عبدالملك الحوثي قائد الجماعة، وهو من كبار اللصوص المعروفين داخل الجماعة وأكثرهم بطشاً واستحواذاً على المال العام والخاص وبالقوة وبعدة وسائل أخرى. وقد غضب الحوثيون لأن المؤتمر أثار قضية المكتب وعبدالكريم الحوثي لأنه أخطر مؤسساتهم والتي توفر لهم سيولة كبيرة عبر نهب المال العام والخاص، كما أنها تسيطر على مؤسسات الدولة وتعمل كذلك بشكل موازي لها ما أفقد مؤسسات الدولة فاعليتها تماماً.
ويقول سام الغباري "الحوثيون استحدثوا مؤسسات موازية مشابهة لمؤسسات ايران، ويجعل عبد الملك الحوثي نفسه في مقام الدولة، ويعمل على حماية فكرته من خلال مؤسسات موازية تتبعه هو ولا تتبع النظام العام للدولة، بل تتوغل فيه وتشارك في القرارات والمسؤوليات".
ويستدل الغباري باللجان الثورية، التي "لديها مشرفون اداريون في كل وزارة توازي موقع المسؤول الاول في المؤسسة او الوزارة، والمكتب التنفيذي يوازي الحكومة بحيث يكون فوق الوزير مشرفًا معينا من عبد الملك الحوثي يقاسمه القرارات ويوجهه بما يسير في صالح الحوثي الذي يسمي نفسه قائد الثورة أو السيد العلم.
واللجان الثورية مشابهة وفقا للغباري "للحرس الثوري الايراني، وهي جيش آخر في مقابل القوات المسلحة النظامية، ويحمي هذا الجيش عبدالملك الحوثي من أي تغيير او تمرد عسكري حقيقي، ولو أن الأمور استقامت لهم لأنشأوا مجلس نواب موازيا للبرلمان كان يسعون لجعله مشابهًا لمصلحة تشخيص النظام الايراني".
ويشبه الغباري الحالة الحوثية بالقول "نحن أمام تطبيق حرفي لفكرة الخميني، ونظامه، ويحاول عبدالملك الحوثي تطبيقها في اليمن مقابل مشروع الرئيس هادي الذي يؤسس للحرية اليمنية لكل فرد ويعزز مبادئ الديمقراطية الحقيقية ويدعم الوحدة اليمنية بصيغتها الاتحادية الجديدة".
بينما يرى غلاب أن "الحوثية لا تحكم بالمؤسسات المختطفة وانما بكيانها الموازي الذي أصبح قويا ومتغلغلا وأقوى من المؤسسات، وهذا ما يرعب صالح لان اعتماده على المؤسسات اقوى فالحوثية لديها اللجنة الثورية ولجانها ومشرفوها وهي المتحكم بالمؤسسات".
"المكتب التنفيذي الذي يدير الحكم والتحالفات وشبكات السوق السوداء والاقتصاد الموازي والإعلام فضلا عن تحكمه بتفاصيل إدارة مناطق الانقلاب بالابعاد الرسمية وغير الرسمية" طبقا لغلاب الذي أضاف: "لديهم جبهات ميليشاوية متعددة ومجلس حكماء وعقلاء اليمن ناهيك عن الخلية المركزية التي تتعاون بشكل كامل مع حزب الله وايران ولها شبكاتها الخاصة وتمتلك الحوثية جهازا أمنيا خاصا بها وأذرعا اعلامية واجتماعية وتحالفات خفية غير معلنة وهذا ما يرهب صالح وتعمل الحوثية بكل طاقتها ليكون صالح ومؤتمره مكتملا بمشروعها ويلعب حزب الله وشبكاته في تفعيل هذا الاتجاه".
وسبق لمحمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية الحوثية أن صرح غاضبا حيال تعليق صالح ضد المكتب التنفيذي،
ويفسر الغباري ذلك، بالقول: غضب الحوثيين من أي اشارة لهم او لمكوناتهم أمر طبيعي لأنه يستهدف روح مشروعهم من البداية ، ومن يعتقد أنهم سيتراجعون عن مشروعهم بسهولة فهو واهم"، مضيفا: طبعًا لاول مرة يواجه اليمنيون ميليشيات عقدية مسلحة بهذا الترتيب التنظيمي والايديولوجيا العنصرية، وخطر الحوثي ان يهدد البيئة السياسية والاجتماعية من خلال احياء سلالته الهاشمية ليكون لكل افرادها مصالح نوعية داخل المجتمع والدولة خارج التنافس المحمود بل لأنهم ينتمون لعرق معين لا يؤمن بالانتساب الى اليمن كهوية.
- وأخيرا... سر التهدئة
قبل السبعين بأربع وعشرين ساعة، رصدت «الشرق الأوسط» من خلال خطابات الطرفين تهدئة غيرت المشهد الذي سبقها. وانعكس ذلك على خطاب صالح، وحتى كلمة رئيس اللجنة الثورية الحوثية.
يقول سام: "إن سر التهدئة برز من خلال خطاب احد قيادات المؤتمر الذي قدّم الشكر لحسن نصر الله وهو مايفسر تدخل حزب الله لدى الحوثيين بمنع أي صدام داخلي وضمان تحركات صالح التي أثارت ريبة الحوثيين واعتبروها طعنة في الظهر، ولكن مخرجات التوتر أظهرت رضوخ صالح للحوثيين بصورة مهينة ومذلة".
بينما يعتقد البخيتي "أن توصل الطرفين الى تهدئة قبل احتفال المؤتمر كان بدافع "خوف من صدام وشيك كان سيحصل بينهم، وسيؤدي الى سقوطهما معاً بحسب توقعاتهم"، ويكمل: لذلك؛ أوجدوا تسوية قبل بموجبها الحوثيون على مضض بأن تقام الفعالية مقابل أن يوقف المؤتمر الحملة السياسية والإعلامية التي عرت وفضحت الحوثيين وممارساتهم داخل الدولة ومؤسساتها".


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».