إجراءات الأمن الإسرائيلية تقوم على العنصرية ضد العرب

TT

إجراءات الأمن الإسرائيلية تقوم على العنصرية ضد العرب

قالت مصادر إسرائيلية إن الإجراءات الأمنية في محطة الحافلات المركزية في تل أبيب، تكشف عن عنصرية وتمييز ضد العرب، وتخالف بذلك القوانين الإسرائيلية نفسها.
وكشفت سلسلة حوارات أجرتها صحيفة «هآرتس» مع عدد من الحراس الذين يعملون في الشركة التي تحرس المحطة المركزية، أنهم تلقوا أوامر بمطالبة كل شخص ذي ملامح عربية، بإظهار بطاقة هويته، واحتجاز كل من لا يحمل وثائق إلى حين وصول الشرطة، حتى وإن لم يُثر أي اشتباه.
وقالت الصحيفة إنه يتم انتهاج هذا الإجراء ضد المواطنين العرب، بشكل يخرق الصلاحيات التي يمنحها القانون لشركة الحراسة.
وقال أحد الحراس للصحيفة: «لقد تحولنا إلى صيادين للموجودين غير القانونيين».
وتحدثت الصحيفة عن بلاغ خطي تلقته؛ كتبه أحد المسؤولين عن حراسة المحطة المركزية، من قبل شركة «ابيدار للحراسة والخدمات»، يرفض فيه احتجاج أحد الحراس على تلك التوجيهات وانتقاده لها، ويأمره باحتجاز «كل واحد من أبناء الأقليات لا يحمل وثائق» إلى أن تصل الشرطة. وحين طلب منه الحارس فحص قانونية هذا الإجراء، رد عليه: «هذه هي الأوامر، أنا لا أحتاج إلى أي استشارة قانونية».
وقال أحد الحراس في المحطة إنه «يجري فقط فحص الناس الذين يظهرون كأبناء أقليات. المعاملة معهم مهينة ومذلة. يوجد هنا تنكيل، شماتة. هذه رياضة صيد الموجودين غير القانونيين. الجهاز كله تجند لذلك، والحراس يتنافسون فيما بينهم حول عدد الموجودين غير القانونيين الذين يلقى القبض عليهم، كما لو أنهم كانوا حيوانات». واحتج الحارس على هذه التوجيهات أمام المسؤولين عنه في شركة «ابيدار»، فتلقى بعد فترة وجيزة بلاغا بفصله من العمل، بادعاء أنه غير ملائم للوظيفة بسبب مشكلات صحية.
وقالت حارسة أخرى تركت العمل بسبب تلك الأوامر: «الأمر كان محرجا جدا بالنسبة لي. هذا كان يعني إيقافهم جانبا، ومطالبتهم بإبراز بطاقات الهوية، وإذا لم تكن معهم بطاقات، فيجب استدعاء الشرطة. كانوا يقفون هناك لمدة نصف ساعة أحيانا، وأحيانا لمدة 40 دقيقة حتى تصل الشرطة».
وأضافت: «العمل لم يتوقف على التفتيش على أبواب المحطة المركزية، بل كنت اصعد إلى الحافلات، وأتنقل بين المسافرين، وكل من يبدو لي أنه ابن أقليات، كنت أقول له إن عليه إبراز التصريح، وإذا أخرج التصريح وتبين لي أنه منتهي الصلاحية، فإنني أنزله من الحافلة وأستدعي الشرطة. كان الأمر يعني التنقل مثل الأحمق، مثل الروبوت، والنظر في الوجوه فقط. لم أنظر بتاتا إلى ما بين أرجل أي منهم. الحارس الذي يعثر على شخص من دون تصريح يعد حارسا جيدا».
وتحدث حارس آخر للصحيفة عن الفارق بين فحص اليهود والعرب، فقال: «نقوم بفحص الناس العاديين، وليس الموجودين غير القانونيين، بشكل عادي. أما من يوجد بشكل غير قانوني، فيجب أن أطلب منه التصريح لمعرفة من أين جاء. أما اليهود فيمكننا احتجازهم فقط إذا عثرنا معهم على سكاكين أو أمور كهذه. لا نفحص وثائقهم ولا أي شيء آخر».
وحسب الحارس، فإن يومي الأحد والخميس يشهدان احتجاز ما بين 15 و20 فلسطينيا من دون تصاريح، وفي بقية الأيام يتم احتجاز نحو 5 فلسطينيين. وقال الحارس إنه لا يُطلب من الحارس كتابة تقارير حول الفلسطينيين الذين يجري احتجازهم. وأضاف: «إذا كان هذا شخصا تعتقله الشرطة، فإن لديها يومياتها التي تسجل فيها بأنها اعتقلته، أما الآخرون فلا يتم توثيق أي شيء عنهم».
وتظهر هذه الإجراءات مخالفة صريحة لقانون «صلاحيات حماية أمن الجمهور» في إسرائيل، الذي ينص على أنه يحق للحراس احتجاز شخص حتى حضور الشرطة، فقط إذا ساد الاشتباه المعقول بأنه يحمل سلاحا غير قانوني، أو ينوي استخدام سلاح بشكل غير قانوني. كما يسمح للحارس باحتجاز شخص إذا قام بعمل عنيف، أو أن ثمة خطرا لإمكانية قيامه بعمل عنيف.
وفي أعقاب تلقيه شكوى من أحد الحراس، توجه مركز «عدالة» القانوني إلى المستشار القانوني للحكومة، والمحطة المركزية، وشركة الحراسة، وطالب بمنع التفتيش على أساس عرقي واحتجاز الفلسطينيين الذين لا يحملون وثائق. وكتب المحامي فادي خوري في رسالته إن «هذه السياسة مرفوضة في جوهرها، لأنها تعتمد على الانتماء العرقي أو القومي دافعا لزيادة الاشتباه».
وأضاف: «هذه السياسة والممارسات الناتجة عنها، تقوم على وجهة نظر عنصرية، يجب وقف استخدامها فورا». وقال خوري: «على أي حال، فإن حراس الأمن ليست لديهم سلطة لاحتجاز شخص فقط بسبب افتقاره إلى الوثائق».
وفي رده على هذا الموضوع، قال ضابط الأمن في المحطة المركزية إنه يجب التوجه إلى شركة «ابيدار». أما أوفير بوكوبزا، مدير الأمن في المحطة المركزية من قبل شركة «ابيدار»، فقال إن «منظومة الحراسة في المحطة المركزية في تل أبيب، تتلقى تعليمات من الشرطة الإسرائيلية باستجواب كل شخص عندما يشتبه في أنه يحمل سلاحا غير شرعي، أو على وشك استخدام السلاح بشكل غير قانوني، بغض النظر عن الدين والجنس والعرق».
وحسب أقواله، فإن «الفحص يعتمد على مظاهر السلوك المشبوهة. ويقوم مركز الأمن بتوثيق كل تقرير عن احتجاز شخص يحمل على جسده، أو بحوزته، أداة يمكن استخدامها سلاحا، أو بدلا من ذلك، شخص لا يحمل بطاقة هوية ويتبين بعد استجوابه أنه غير مقيم في البلاد ولا يحمل تصاريح مناسبة، وطبعا يتم إبلاغ الشرطة الإسرائيلية».
وقالت الشرطة إن «صلاحيات حراس الأمن في محطة الحافلات المركزية (بما في ذلك صلاحيات الاحتجاز) مستمدة من قانون الصلاحيات من أجل حماية أمن الجمهور».
وكان قد جرى تعديل للقانون في عام 2014 وتوسيع الصلاحيات التي ترافق عمل حراس الأمن بموجب قانون ترخيص الأعمال. ومن بين الصلاحيات التي جرى منحها لحراس الأمن هناك أيضا صلاحية احتجاز شخص في حال القيام بفعل عنيف، أو وجود نية لارتكاب أعمال عنف من جانبه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».