لجان حكومية لمعالجة الأوضاع في البصرة

فراغ في سلطاتها المحلية على خلفية اتهامات فساد

TT

لجان حكومية لمعالجة الأوضاع في البصرة

للأسبوع الثاني على التوالي، تستمر حالة الفراغ في أعلى سلطتين تنفيذية وتشريعية في مجلس محافظة البصرة (540 كيلومتراً جنوب بغداد)، بعد فرار المحافظ السابق ماجد النصراوي، على خلفيه تهم بالفساد، وبقاء رئيس مجلس المحافظة صباح البزوني رهن الاعتقال، بالتهم ذاتها. وفي خطوة تهدف إلى معالجة مجموعة من المشكلات المتفاقمة، وتلافي الخلل الناجم عن غياب المسؤولين البصريين، أمر رئيس الوزراء حيدر العبادي بتشكيل 5 لجان متخصصة لـ«مناقشة الإشكالات والتحديات التي تواجه المحافظة»، بحسب ما قالته أوساط مجلس الوزراء العراقي.
ووزع العبادي، على حسابه في «تويتر»، سلسلة تغريدات، أمس، أكد فيها أن «البصرة في عيوننا، وأهلها عزيزون علينا»، داعياً «شيوخ العشائر الكريمة للتعاون على إبعاد استخدام العشائر لتهديد المواطنين، والإخلال بالأمن العام»، ومؤكداً أيضاً أن «قواتنا الأمنية اعتقلت مثيري النزاعات العشائرية في البصرة»، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وزار ممثلون لـ5 لجان شكلتها الحكومة العراقية مدينة البصرة، أول من أمس، وعقدوا اجتماعات مع الجهات المعنية ودوائر رسمية في المحافظة، بغية «معالجة أسباب تلكؤ تنفيذ المشروعات، لا سيما الخدمية منها والاستثمارية»، بحسب ما قاله الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق، الذي أشار إلى أن اللجان الخمس «أخذت على عاتقها متابعة مهمات مختلفة تتعلق بالرقابة المالية والنزاهة وحقوق الإنسان»، وأكد أن «اللجان الخمس ستقوم بإعداد تقارير مفصلة عن واقع تلك التحديات والمعوقات والمشكلات، وسترفعها إلى مجلس الوزراء مشفوعة بالمعالجات والحلول الآنية والاستراتيجية».
وعاد إلى بغداد، أمس، أعضاء اللجان الخمس، وعرضوا نتائج جولتهم على مجلس الوزراء، الذي نقاشها وأصدر بياناً، قال فيه إن «اللجان بينت أن هناك أموراً وملاحظات فيما يتعلق بالرقابة المالية تم التوجيه بمتابعتها بشكل مكثف خلال الأيام المقبلة، لتشخيص الأخطاء ومحاسبة المقصّرين. وأظهرت نتائج تدقيق اللجان أن هناك توقفاً غير مبرر لسنوات في مشاريع البنى الخدمية في البصرة، وتم الإيعاز بتقديم جرد بها، لمعالجتها ومحاسبة المقصرين».
ودفعت الأوضاع «المقلقة» في البصرة نواباً عن المحافظة إلى «التهديد» بالاعتصام والعصيان، في حال عدم صرف مستحقاتها من الموازنة. وقال النائب زاهر العبادي، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إنه «بالنظر إلى الوضع السياسي والاقتصادي غير المستقر في البصرة، نتيجة لاستقالة المحافظ، وحجز رئيس مجلس محافظة البصرة في السجن، نلاحظ تخبطاً من الناحيتين الاقتصادية والسياسية في المحافظة»، وحذّر من «حصول كارثة في محافظة البصرة، إذا لم يكن هناك رادع من قبل مجلس الوزراء».
ودعا النائب عن البصرة، عبد السلام المالكي، أول من أمس، رئيس الوزراء العبادي إلى «فرض حالة طوارئ في البصرة لأنها تعيش فراغاً لعدم وجود محافظ ورئيس مجلس (للمحافظة)»، محذراً من أن «استمرار الحكومة الاتحادية في إهمال المحافظة سيكون له تبعات سلبية قد تخرج عن السيطرة».
لكن النائب الآخر عن محافظة البصرة، جبار العبادي، رأى أن «الأمر لا يمثّل فرقاً في حال وجود المحافظ أو رئيس المجلس في منصبيهما أو عدمه، ذلك أن وكيل المحافظ حل محله (الأول)، وكذلك الأمر مع نائب رئيس المجلس». وقال النائب العبادي لـ«الشرق الأوسط»: «الأمور معقدة في البصرة، وهناك تحديات الأمن، والخدمات والمياه بحاجة لمعالجات حقيقية». ولم يستبعد بقاء منصبي المحافظ ورئيس المجلس شاغرين لحين إجراء الانتخابات المحلية مطلع العام المقبل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».