«الجيش الحر» يبحث في عمّان ربط «هدنة الجنوب» بالحل السياسي

TT

«الجيش الحر» يبحث في عمّان ربط «هدنة الجنوب» بالحل السياسي

بدأ «مركز عمان لمراقبة وقف إطلاق النار» في جنوب سوريا عمله أمس بمشاركة ممثلين من الأردن وروسيا والولايات المتحدة الأميركية.
وكانت الدول الثلاث اتفقت على إنشاء المركز ضمن الخطوات التي أقرها اتفاق دعم وقف إطلاق النار الموقع في عمان بتاريخ 7 يوليو (تموز) الماضي بهدف مراقبة وتثبيت وتعزيز وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، وصولاً إلى إقامة منطقة خفض تصعيد في الجنوب السوري.
على صعيد متصل، أنهى قادة من الفصائل السورية الجنوبية المعارضة اجتماعاتهم في عمان بعد نقاشات جادة ومعمقة استمرت أكثر من 10 أيام وعادوا إلى سوريا. وقالت مصادر مطلعة إن النقاشات التي جرت مكنت من الوصول إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة الأميركية والأردن سيتم الاتفاق عليها معهم مستقبلا ومع الأطراف الأخرى مثل إيران وروسيا والنظام.
وأضافت المصادر أن هذه النقاشات وإن كانت غير ملزمة لجميع الأطراف، فإنها استطاعت أن تتوصل إلى خلاصات، ربما سيعتمد عليها الرعاة الأساسيون لهذه الاجتماعات المعنيون بطبيعة الأوضاع في سوريا، في أي مفاوضات دولية مستقبلية لسوريا الجديدة.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا دخل حيز التنفيذ في 11 يوليو (تموز) الماضي، ويشمل محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة، بين الأطراف المتصارعة، وهي قوات النظام المدعومة بميليشيات إيرانية ومقاتلين من «حزب الله» اللبناني، وفصائل المعارضة المسلحة المنضوية ضمن الجبهة الجنوبية.
وأكدت المصادر أنه جرى في الاجتماعات استعراض للأفكار والطروحات أكثر من التوصل إلى اتفاقات «خصوصا أننا متفقون مع الأشقاء في الأردن، والولايات المتحدة، على كثير من القضايا»، مشيرا إلى أنه «تمت مناقشة الحل السياسي الذي يكون أساسه انسحاب الميليشيات المذهبية، والانتقال السياسي، والانتخابات الحرة، وديمقراطية الدولة، والحدود الآمنة».
وأضافت المصادر أن «الاجتماعات كانت عبارة عن بحث أفق لحل الأزمة السورية في كل الأراضي السورية وليس في الجنوب فقط، بيد أن تعنت الإيرانيين والنظام، وعدم قدرة الروس على فرض رؤيتهم، يحمل على عدم الاستمرار في هذه الاجتماعات».
وأوضحت أن «كل ما قام به الروس على الأرض إجراءات تجميلية، لا تتعدى بعض نقاط مراقبة خجولة. أما سياق الأعمال العسكرية، فالروس ما زالوا يشاركون النظام في العمليات العسكرية ضد الثورة وتحديدا (الجيش الحر)». وأضافت المصادر أن «الهدنة في الجنوب الغربي السوري ليست هدف النظام، وإنما وسيلة من تكتيكاته العسكرية»، مشيرة إلى أن «شبح التقسيم يكمن في الاتفاقيات المنفردة التي ستشرع للبعض إقامة إمارته الطائفية».
وقالت المصادر إن هناك «أفكارا ومقترحات حول عودة اللاجئين السوريين تم بحثها»، مبينة أن «المجتمعين بحثوا في توفير بنية تحتية لتجمعات سكنية سيتم بناؤها لاستيعاب هؤلاء اللاجئين، خصوصا أن كثيرا منهم لن يعودوا إلى قراهم لأنهم من سكان مناطق تقع تحت سيطرة النظام السوري». وأوضحت المصادر أن القادة بحثوا أيضا في تأمين مساكن للاجئين تهدمت مساكنهم في قراهم التي سيعودون إليها، بالإضافة إلى توفير مياه شرب وكهرباء لهم وللتجمعات الجديدة، وتنظيم عملية وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء اللاجئين العائدين.
كما تم بحث مشكلتي تردي قطاعي الصحة والتعليم في الجنوب السوري بسبب المعارك والحصار وهجرة الكفاءات الطبية، وأشارت المصادر إلى أنه اتفق على إعطائهما أولوية.
يذكر أن عدد اللاجئين السوريين في الأردن يبلغ نحو 1.3 مليون لاجئ.
وحسب سجلات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين السوريين في المخيمات بلغ 141.65 ألف لاجئ موزعين بين مخيم الزعتري، ويضم نحو 80 ألفا، ومخيم الأزرق ويضم 37 ألفا، ومريجيب الفهود نحو 24 ألفا، فيما يعيش نحو 516 ألف لاجئ في المدن والقرى الأردنية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».