الجيش اللبناني يمشط المناطق المحررة من الألغام

مصدر عسكري: عملية «فجر الجرود» تستعد للأصعب

جنود لبنانيون يحملون جثمان زميلهم عثمان الشديد في قريته الكويكات بعد مقتله في المعركة ضد «داعش» (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون يحملون جثمان زميلهم عثمان الشديد في قريته الكويكات بعد مقتله في المعركة ضد «داعش» (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني يمشط المناطق المحررة من الألغام

جنود لبنانيون يحملون جثمان زميلهم عثمان الشديد في قريته الكويكات بعد مقتله في المعركة ضد «داعش» (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون يحملون جثمان زميلهم عثمان الشديد في قريته الكويكات بعد مقتله في المعركة ضد «داعش» (أ.ف.ب)

لم يسجل اليوم الثالث لعملية «فجر الجرود»، التي أطلقها الجيش اللبناني، لتطهير جرود رأس بعلبك والقاع المتاخمة للحدود السورية، من تنظيم داعش، أي تقدم ميداني لوحدات الجيش، إلا أنها أبقت مواقع التنظيم تحت سيطرتها النارية، سواء بواسطة سلاح الجو، أو المدفعية وراجمات الصواريخ، وهي تفرغت أمس، إلى تمشيط المنطقة التي حررتها أول من أمس الأحد وتنظيفها من الألغام، تحضيراً للانتقال إلى المرحلة الأخيرة من العملية.
ومع صعوبة التكهن بالمدة التي ستستغرقها المرحلة الأخيرة، للقضاء على آخر تحصينات «داعش»، أكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، أن «العملية تسير حتى الآن وفق الخطة المرسومة لها، والجيش تمكن خلال يومين من إنجاز عدّة مراحل بنجاح». وكشف أن «أمام الجيش مرحلة مهمة جداً، لكنها الأصعب، بالنظر للطبيعة الجغرافية للمنطقة، ولكونها المرحلة الأخيرة، التي سيسيطر فيها الجيش على آخر التلال التي يتحصن فيها إرهابيو (داعش)، لأن تحريرها يحتاج بعض الوقت».
وقال المصدر العسكري، إن «القصف الجوي والمدفعي، شل قدرات عناصر «داعش» إلى حدّ كبير»، لافتاً إلى أن «العملية العسكرية المستمرة منذ فجر السبت، أدت إلى مقتل العشرات من (الدواعش) وتدمير تحصيناتهم وأسلحتهم الثقيلة، وتسبب الضغط الناري الكثيف في حالات فرار باتجاه الأراضي السورية»، مؤكداً أن «معنويات الجيش مرتفعة، وهو مرتاح إلى وضعه القتالي، وهو وحده من يمسك بزمام المبادرة على الأرض».
من جهتها، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام (الرسمية)، بأن وحدات الجيش «استهدفت ما تبقى من مراكز تنظيم داعش الإرهابي بالمدافع الثقيلة والطائرات». وأشارت إلى أن «فوج الهندسة في الجيش، يقوم بتنظيف المناطق المحرّرة من الألغام والعبوات والأجسام المشبوهة، وفتح الثغرات في حقول الألغام أمام الوحدات الأمامية، استعداداً لتنفيذ المرحلة الأخيرة من عملية (فجر الجرود) وفق الخطة المرسومة من قيادة الجيش».
وكانت وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في جرود القاع ورأس بعلبك، قصفت بالمدفعية الثقيلة والصواريخ، منتصف ليل الأحد الاثنين، مواقع تنظيم داعش الإرهابي على تلة الدمينة في جرود القاع. وأفادت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن «العملية العسكرية تقتصر في ساعات الليل على القصف المدفعي والصاروخي لتحصينات المسلّحين، ويتوقف التقدم البري نظراً لكثافة الألغام المزروعة، ولتفادي وقوع خسائر بشرية في صفوف جنود الجيش»، مشيراً إلى أنه «مع ساعات الصباح الأولى تبدأ عملية التقدم لقوات المشاة والمدرعات، ولكن بحذر شديد، حتى لا تقع في حقول الألغام وتتكبد خسائر».
ومهما تأخر توقيت الحسم، فإن المنطقة تعدّ ساقطة عسكرياً، بالنظر للتفوق القتالي والتسليحي لصالح الجيش اللبناني، وفق الخبير العسكري العميد الطيار المتقاعد خليل إبراهيم، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «معركة الجيش مستندة إلى بنك أهداف، وهو يحقق الهدف تلو الآخر». ورأى أن «الطبيعة الجغرافية لمنطقة وعرة جداً، تحتاج إلى سلاح غير تقليدي، أهمه سلاح الجو الذي يمهد الطريق أمام ألوية المشاة والمدرعات للتقدم على الأرض»، لافتاً إلى أن «طائرات الـ(سيسنا) تلعب دوراً مهماً في المعركة، وهي قادرة على إصابة الهدف 100 في المائة عن بعد 5 كيلومترات».
ورغم ضخ المزيد من التفاؤل بقرب انتهاء المعركة، اعتبر العميد خليل إبراهيم، أن «المعركة ستكون في الأيام القادمة شرسة جداً، لأن تنظيم داعش الذي يرفض حتى الآن إلقاء السلاح والاستسلام، يخوض عملية انتحار، لا إمكان فيها للخروج رابحاً». وقال: «مهما استشرس هذا التنظيم في القتال، لن يمنع الجيش من الحسم، لكنه قد يطيل زمن الحرب أياماً إضافية، لأن عناصره ينتشرون على مساحة كبيرة وذات تضاريس صعبة، ولأن لديه أسلحة مضادة للآليات، قادرة على عرقلة التقدم بعض الشيء».
ومن الجهة السورية، أعلن الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله»، أن قوات النظام السوري وعناصر الحزب سيطروا على «قرنة شعبة عكو» الاستراتيجية في جرود الجراجير، التي يبلغ ارتفاعها 2364 متراً، والتي تشرف على كامل المنطقة الجنوبية للقلمون الغربي، مشيرة في الوقت نفسه إلى «السيطرة على مرتفع قرنة عجلون في المحور الشمالي، وتضييق الخناق أكثر على إرهابيي تنظيم داعش من جهة القلمون الغربي، ومن الجهة اللبنانية حيث يتقدّم الجيش اللبناني».
وقال إعلام «حزب الله»، إن «غارات جوية مركزة نفذها الطيران السوري على مواقع ونقاط انتشار مسلحي (داعش) في مرتفعات القريص ومرتفعات حليمة قارة، التي تعد أهم معاقل التنظيم في جرود القلمون الغربي، إضافة إلى استهداف معبري مرطبية والروميات، حيث تتقدم قوات الجيش السوري والمقاومة»، مشيراً إلى أن «طائرات المقاومة المسيرة استهدفت نقاط ودشم وتحصينات تنظيم داعش في جرود القلمون الغربي، وحققت إصابات مباشرة». وأضاف الإعلام الحربي، أن «الجيش السوري ومجاهدي المقاومة، يسيطرون على مرتفعي (شعبة الدواب) و(شعبة بيت شكر) في المحور الشمالي لجرود القلمون الغربي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».