خبراء: كاتالونيا أرض خصبة للإرهاب

رغم إصلاح جهاز الشرطة وتكثيف التعاون الأمني مع فرنسا والمغرب

TT

خبراء: كاتالونيا أرض خصبة للإرهاب

رغم خبرتها الطويلة في محاربة الإرهاب، فشلت إسبانيا هذا الأسبوع في منع وقوع اعتداءين داميين في كاتالونيا التي تعد نقطة جذب رئيسية للسياح وفي الوقت نفسه أكثر منطقة إسبانية تشكل أرضاً خصبة للتطرف، بحسب محللين وخبراء في مجال مكافحة الإرهاب. واستخدم أشخاص يشتبه بأنهم متشددون مركبات لدهس المارة في برشلونة الخميس وفي منتجع كامبريلس الشاطئي القريب بعيد منتصف ليل الخميس الجمعة، مما تسبب بمقتل 14 شخصا وإصابة 140 في الهجومين اللذين تبناهما تنظيم داعش.
ولدى إسبانيا خمسة عقود من الخبرة في محاربة انفصاليي الباسك من منظمة «إيتا»، التي قتلت أكثر من 800 شخص إلى أن أعلنت وقف إطلاق النار عام 2011.
إلا أنها وجدت نفسها في مواجهة بُعد جديد من الإرهاب عام 2004 عندما كانت ضحية أسوأ اعتداء ينفذه متطرفون في أوروبا. وفي ساعة الذروة في 11 مارس (آذار) من ذلك العام، انفجرت قنابل تحوي مسامير على متن أربعة قطارات ركاب كانت متوجهة إلى مدريد، مما أسفر عن مقتل 191 شخصا وإصابة ألفين آخرين بجروح.
وفي أعقاب العملية، أدخلت مدريد إصلاحات على قواتها الأمنية.
ويؤكد ميكل بويزا، الخبير في مجال الإرهاب من «جامعة كومبلوتينز» في مدريد، أن إسبانيا عززت أجهزة شرطتها واستخباراتها عبر إجراء تعيينات جديدة واستخدام مترجمين وتكثيف تعاونها مع جارتيها فرنسا والمغرب.
وأضاف أن السلطات بدأت كذلك باعتقال مشتبه بهم بشكل دوري كإجراء احترازي وتحول التطرف عبر الإنترنت بهدف شن اعتداء إلى جريمة عام 2015، وهو ما سهل عملية إجراء اعتقالات في وقت مبكر. ومع أن بعض المحامين أشاروا إلى أن الإجراء لا يحترم دائما حقوق الإنسان، يحسب له أنه نجح في تجنيب إسبانيا الاعتداءات الإرهابية التي ضربت جيرانها الأوروبيين.
وبشواطئها التي تمتد على طول خمسة آلاف كيلومتر وسمائها التي تكاد لا تغيب عنها الشمس، جذبت إسبانيا السياح الذين فضلوها على وجهات تشهد اضطرابات على غرار تونس ومصر. لكن التهديد المتطرف ازداد منذ عام 2016، عندما أدرجت مواقع متشددة «الأندلس» كهدف، وهو الاسم الذي عرفت به الأراضي الإسبانية التي أدارها المسلمون حتى عام 1942 ويخشى الخبراء تحديدا من تركز المتطرفين في كاتالونيا، حيث توجد أعلى نسبة من المسلمين في إسبانيا.
ويبلغ عدد المسلمين 1.9 مليون في البلد الذي يقدر عدد سكانه بـ47 مليون، أي ما يعادل نحو أربعة في المائة من السكان، بحسب اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا.
ويتحدر معظمهم من شمال أفريقيا، وتحديدا المغرب.
وبما أن الكثير منهم قادمون جدد، اعتبر خطر تطرفهم حتى الآن أقل من دول أوروبية أخرى حيث تبنى مهاجرون مهمشون من الجيلين الثاني والثالث الفكر المتطرف، بحسب المتخصص في قضايا مكافحة الإرهاب خافيير زاراغوزا.
وقالت كارولا غارسيا - كالفو من معهد أبحاث «ريال انستيتيوتو إلكانو» إن عدد من غادروا إسبانيا للانضمام إلى جماعات متطرفة مثل تنظيم داعش بقي قليلا نسبيا، إذ لم يلتحق سوى 214 شخصا بصفوف المقاتلين المتطرفين في العراق وسوريا وهذا جزء صغير فقط من أكثر من ألف شخص غادروا فرنسا للانضمام إلى صفوف «الجهاديين» منذ 2012، لكن معهد الأبحاث حذر كذلك من أن «منطقة برشلونة المتنوعة هي موطن الإرهاب في إسبانيا.
وأشارت غارسيا - كالفو إلى أن «تحليلنا الأخير المنشور بداية أغسطس (آب) يظهر أن 25 في المائة من الأشخاص الذين اعتقلوا لارتباطهم بالإرهاب الإسلامي قدموا من قطاع برشلونة. وأضافت أن المنطقة جغرافيا هي المركز الرئيسي للنشاط المتطرف، ولكاتالونيا في الواقع تاريخ طويل مع النشاط المتشدد، وتم الكشف عن أول «جهادي» في إسبانيا عضو في الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية عام 1995
وكان محمد عطا الذي خطف طائرة الركاب التي يقودها لتصطدم بأحد برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، قضى بعض الوقت في كاتالونيا قبل الهجمات بفترة وجيزة.
وفي 2008، تم إحباط خطة لاستهداف قطارات في برشلونة عندما كانت في مراحل متقدمة.
وأفادت صحيفة «فانغارديا»، نقلا عن مصادر أمنية العام الماضي، أن كاتالونيا تشكل أرضا خصبة لأماكن التجمعات السلفية التي يبلغ عددها في المنطقة 50 وفقا لآخر إحصاء، وتحولت المقاطعة إلى موطن لعدد كبير من المهاجرين من الجيل الثاني. وبين هؤلاء، مجموعة من الشباب يعتقد أنهم شنوا الهجمات الأخيرة.
وكان معظمهم أبناء مهاجرين مغاربة ترعرعوا في مدينة ريبول الصغيرة على سفوح سلسلة جبال البيرينيه. وكثيراً ما يتردد السياح على المدينة التي لا تعد نسبة البطالة فيها مرتفعة نسبيا، فيما وصف الجيران المشتبه بهم بأنهم مكدون في عملهم وجديون. إلا أن الشرطة حذرت من أنهم قد يكونوا تطرفوا خلال فترة قصيرة للغاية قد لا تتجاوز عدة أشهر. وبالنسبة للقوى الأمنية، يعد ذلك مصدر القلق الأكبر إذ إنه وخلافا للعائدين من مناطق الحرب في الشرق الأوسط، يصعب الكشف عن متطرفين محتملين من هذا النوع.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».