الفلسطينيون يرفضون العودة إلى المفاوضات الثنائية تحت رعاية أميركية

عباس تجنب لقاء غرينبلات مؤخراً بسبب ما اعتبره انحيازاً واضحاً لإسرائيل

فلسطيني يرشق سيارة عسكرية للاحتلال في مواجهات كفر كدوم بالضفة (رويترز)
فلسطيني يرشق سيارة عسكرية للاحتلال في مواجهات كفر كدوم بالضفة (رويترز)
TT

الفلسطينيون يرفضون العودة إلى المفاوضات الثنائية تحت رعاية أميركية

فلسطيني يرشق سيارة عسكرية للاحتلال في مواجهات كفر كدوم بالضفة (رويترز)
فلسطيني يرشق سيارة عسكرية للاحتلال في مواجهات كفر كدوم بالضفة (رويترز)

قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إنه لا مجال للعودة إلى المفاوضات الثنائية برعاية الإدارة الأميركية الحالية؛ وذلك بسبب انحيازها الكبير والواضح لإسرائيل، مؤكدا أن القيادة الفلسطينية تدرس سلسلة إجراءات أخرى بديلة.
وأضاف أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط» أن «26 عاما من المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة بين الجانبين تكفي... ولذلك؛ يجب فتح صفحة جديدة... نحن الذين كنا نراهن على الموقف الأميركي بتنا اليوم مقتنعين أن الولايات المتحدة لن تقدم شيئا. إنهم حلفاء المصالح المشتركة مع الاحتلال فقط».
وجاء حديث أبو يوسف في وقت ينتظر أن يصل فيه وفد أميركي رفيع للمنطقة قبل نهاية الشهر الحالي لمناقشة عملية السلام. وسيزور الوفد الذي يرأسه جارد كوشنير، مستشار وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويضم مبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، ونائبة مستشار الأمن القومي دينا باول، المملكة السعودية والإمارات ومصر والأردن، إضافة إلى وقطر وفلسطين وإسرائيل.
وأوضح أبو يوسف أن «هذا اللقاء سيكون هو اللقاء العشرين للإدارة الجديدة. وفي كل اللقاءات الـ19 السابقة لم يتم الحديث من قبلهم عن الدولة الفلسطينية، ولم يتم الحديث عن الاستعمار الاستيطاني، الذي هو أحد أهم مطالب الفلسطينيين. وهذا الأمر يكشف بما لا يدع مجالا للشك انحيازا أميركيا سافرا. إنهم يريدون الاستمرار في محاولة إدارة الصراع وليس حله». وأضاف المسؤول الفلسطيني موضحا «نحن لا نريد العودة إلى المفاوضات الثنائية برعاية منحازة من أجل تضييع مزيد من السنوات».
وردا على سؤال حول بدائل الفلسطينيين، قال أبو يوسف إن «البديل هو إرادة المجتمع الدولي. يجب أن تطبق قرارات إنهاء الاحتلال».
وكشف أبو يوسف، عن أن القيادة الفلسطينية ستعود إلى مجلس الأمن لكي تطلب منه تطبيق قراراته الدولية المتعلقة بإنهاء الاحتلال وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، كما تعمل على العودة إلى الأمم المتحدة من أجل طلب عضوية كاملة للدولة الفلسطينية. وفي هذا السياق، قال أبو يوسف إن «الفلسطينيين يخططون لوسيط دولي مختلف. وقد طلبنا مؤتمرا دوليا للسلام، نريد تكتلا دوليا من أجل البدء في عملية إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية... ومن دون ذلك لا يوجد حل. كل الطروحات الأميركية والإسرائيلية مرفوضة، ولن نقبل بسلام اقتصادي ولا حلول إنسانية، ولا سلام إقليمي كذلك... ولن نقدم تنازلات».
وبحسب مسؤولين أميركيين، يفترض أن يضغط الوفد الأميركي المنتظر من أجل بدء مفاوضات حقيقية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأن يبحث إمكانية إقامة سلام إقليمي.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي نهاية مارس (آذار) عام 2014، بعد تسعة أشهر من مباحثات رعتها الولايات المتحدة، لكنها فشلت. وعول الفلسطينيون بداية على قدرة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب على رعاية مفاوضات جادة، ووضعوا مطالب محورها أن تبدأ المفاوضات من حيث انتهت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، وأن تركز أولا على الحدود، وأن تكون محددة بسقف زمني، وضمانات لإنهاء الاحتلال، وأن تلتزم إسرائيل قبلها بوقف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى. لكن بعد جولات مباحثات فلسطينية - أميركية، اكتشف الفلسطينيون فريقا أميركيا منحازا جدا لإسرائيل، حسبما قال مصدر كبير لـ«الشرق الأوسط».
وقال المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، إن الفريق الأميركي كان يتعامل مع الفلسطينيين وكأنهم معتدون دائما ومحرضون، ويعملون على نشر ثقافة العنف، مبرزا أن همه الأساسي كان هو إرضاء إسرائيل.
وبحسب المصدر ذاته، فإن المنطق الأميركي المنحاز أزعج الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرارا، لكنه أثار غضبه بشدة خلال أزمة المسجد الأقصى حين تعامل الأميركيون مع السلطة بصفتها طرفا مسببا للعنف وليس إسرائيل.
وأوضح المصدر، أن الرئيس عباس رفض مؤخرا استقبال المبعوث الأميركي غرينبلات، وأرسل إليه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، ورئيس المخابرات العامة ماجد فرج، مضيفا أن الرئيس «أراد إيصال رسالة قوية للوفد الأميركي».
وفي مؤشر واضح على تراجع الآمال الفلسطينية هاجم مسؤولون فلسطينيون الوفد الأميركي المرتقب أكثر من مرة، إذ قال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني، إنه ليست هناك توقعات كبيرة من زيارة الوفد الأميركي. مضيفا: «إن اهتمامات الرئيس دونالد ترمب تتعلق بإيران وكوريا الديمقراطية الشعبية، ولم يعط اهتماما خاصا أو إشارة إلى القضية الفلسطينية، أو حل الدولتين أو رفضه للاستيطان الاستعماري في الأراضي الفلسطينية». وقال مسؤول آخر لصحيفة إسرائيلية إن «عباس فقد الثقة بالمبعوثين الأميركيين». بينما قال محمد شتيه، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمساعد المقرب من عباس، إن «القيادة غير متفائلة بنجاح الوفد الأميركي».
بدوره، قال أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم: إن عدم إعلان الإدارة الأميركية التسليم بحل الدولتين واتخاذ موقف من الاستيطان، يجعل زيارات الأميركيين «مجرد حديث».
وإضافة إلى الموقف الفلسطيني الرافض للأسلوب والمواقف الأميركية، ثمة سبب آخر يجعل الفلسطينيين أبعد عن بدء عملية سلام جديدة، وهو الملاحقة القضائية التي يتعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت عن مسؤول فلسطيني قوله إن السلطة الفلسطينية لا تفضل حاليا الانخراط في مفاوضات حقيقية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو: «طالما يتعرض لملاحقة قضائية، ويبدو أن مصيره ليس بيده» متسائلا: «إلى أي حد يمكن أن يذهب نتنياهو نحو اتفاق تاريخي وهو تحت الملاحقة القضائية».
ويواجه نتنياهو تعقيدات كبيرة بعدما وافق مدير طاقمه السابق آري هارو بأن يصبح شاهد دولة في قضيتين، تخص شبهات بالفساد والرشى، وخيانة الأمانة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».