«فيلق الرحمن» يوقّع اتفاقاً مع الروس لوقف النار و«فكّ الحصار» عن الغوطة

المعارضة أعلنت إحباط هجمات للنظام في جوبر وعين ترما

أبنية مدمرة ومقابر في حي بابا عمرو في مدينة حمص (رويترز)
أبنية مدمرة ومقابر في حي بابا عمرو في مدينة حمص (رويترز)
TT

«فيلق الرحمن» يوقّع اتفاقاً مع الروس لوقف النار و«فكّ الحصار» عن الغوطة

أبنية مدمرة ومقابر في حي بابا عمرو في مدينة حمص (رويترز)
أبنية مدمرة ومقابر في حي بابا عمرو في مدينة حمص (رويترز)

أعلنت فصائل المعارضة السورية أنها أحبطت هجمات جديدة لقوات النظام على جبهات حي جوبر في العاصمة دمشق، وبلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، وكبّدت القوات المهاجمة 30 قتيلاً، في وقت كشف فيه «فيلق الرحمن» أحد أكبر فصائل «الجيش الحر» في جوبر وفي الغوطة، عن «توقيع اتفاق مع الجانب الروسي، بوقف إطلاق النار في الغوطة، اعتباراً من التاسعة مساء (أمس)، وفكّ الحصار عن الغوطة الشرقية».
وقالت وزارة الدفاع الروسية أمس إن كل فصائل المعارضة السورية المعتدلة في منطقة الغوطة الشرقية انضمت إلى «اتفاق منطقة خفض التصعيد»، مؤكدة انضمام فصيل «فيلق الرحمن» إلى الهدنة. ونقلت وكالة «تاس» عن الوزارة تصريحات قالت فيها إن هذا التطور جاء «نتيجة مفاوضات أجراها ممثلو وزارة الدفاع الروسية في نظام وقف الأعمال القتالية في منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية»، حيث وقعت وزارة الدفاع الروسية و«فيلق الرحمن» اتفاقاً على وقف الأعمال القتالية. وأوضحت أن التوقيع تم يوم أمس في جنيف، على أن يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من التاسعة مساء اليوم ذاته. وبذلك ينضم «الفيلق» إلى اتفاقية مماثلة وقعها ممثلو وزارة الدفاع الروسية في القاهرة مع «جيش الإسلام» بتاريخ 22 يوليو (تموز) الماضي.
وينص الاتفاق على وقف كل الأعمال القتالية، بما في ذلك عدم قيام المقاتلين بقصف أي ممثليات دبلوماسية في دمشق، بما في ذلك مبنى السفارة الروسية. وأكدت وزارة الدفاع أن «فيلق الرحمن» أكد خلال اللقاء مع ممثليها في جنيف استعداده لقتال «داعش» و«جبهة النصرة» بلا هوادة. كما طرح «الفيلق» جملة تدابير بهدف «تحسين الوضع الإنساني في مناطق خفض التصعيد الواقعة تحت سيطرته».
من جهته، قال «فيلق الرحمن»، في بيان، إنه «رغم الصمود الأسطوري الذي سطّره الثوار على الجبهات، كنا داعمين لوقف إطلاق النار ورفع المعاناة عن الشعب السوري، منذ البداية». وأضاف: «أسفرت مفاوضاتنا مع الجانب الروسي التي استمرت لثلاثة أيام عن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار والذي يدخل حيز التنفيذ يوم 18-08-2017. في الساعة 21:00 بتوقيت دمشق».
وأكد البيان أن الاتفاق «يشمل أيضاً، فكّ الحصار عن الغوطة الشرقية، مع الحفاظ على مستحقات العملية السياسية». وأشار إلى توقيع الاتفاق في جنيف «بين الجيش السوري الحر في جوبر والغوطة الشرقية، ممثلاً بفيلق الرحمن، وبين ممثلي دولة روسيا الاتحادية»، لافتاً إلى أن «مضمون هذا الاتفاق سيعلن للجميع، في مؤتمر صحافي حدد موعده يوم الاثنين، 21-08-2017، للتحدث عن تفاصيل الاتفاق بشكل كامل»، معاهداً الشعب السوري «على الحفاظ على مبادئ الثورة السورية في كل جهودنا السياسية ومواجهتنا العسكرية، حتى رؤية سوريا حرة وكريمة».
ميدانياً، أعلنت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، أن «قوات النظام تكبدت خلال الساعات القليلة الماضية خسائر بشرية فادحة، على جبهات حي جوبر الدمشقي وبلدة عين ترما بالغوطة الشرقية». وقالت إن «الثوار في فيلق الرحمن تمكنوا من إفشال هجمات جديدة لقوات الأسد على المنطقة».
وأفاد المكتب الإعلامي لـ«فيلق الرحمن» بأن مقاتليه «تمكنوا من قتل أكثر من 10 عناصر الفرقة الرابعة في تفجير نفق على جبهة جوبر، بالإضافة إلى تدمير جرافة عسكرية وسط اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة». وفي وقت لاحق أعلن «الفيلق» أن عناصره قتلوا 30 عنصراً من قوات «الفرقة الرابعة» على جبهتي جوبر وعين ترما.
بدوره، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن المعارك «تواصلت بوتيرة متفاوتة العنف، بين (فيلق الرحمن) من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين من جهة أخرى، في وادي عين ترما في الغوطة الشرقية وحي جوبر بأطراف العاصمة». ولفت إلى أن قوات النظام «قصفت مناطق الاشتباك في حي جوبر وعين ترما، بنحو 50 صاروخاً من نوع أرض - أرض خلال الساعات الـ24 الماضية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «أطراف مدينة دوما في الغوطة الشرقية، تعرضت لقصف من قبل قوات النظام، ما تسبب بمقتل رجل وسقوط عدد من الجرحى».
وأعلنت فصائل عسكرية معارضة في محافظة القنيطرة أمس عن تشكيل كيان عسكري جديد تحت مسمى «الفرقة 63» في الجنوب. وقال قائد «الفرقة 63» العميد الركن يحيى العبدي، في بيانٍ مُصَوَّرٍ، إن الاندماج «يهدف إلى إسقاط النظام ونصرة الشعب السوري، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، والعمل على تأمين الأمان للمدنيين وحماية المنشآت الحيوية»، مؤكداً «التزام جميع الفصائل بوحدة سوريا أرضاً وشعباً».
ويضم التشكيل الجديد 12 فصيلاً تتبع «الجيش الحر».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».