الشيخة مي آل خليفة: نعمل على إعداد ملفات لإضافة مواقع جديدة للتراث العالمي

ثلاثة أماكن على قائمة «اليونيسكو» تعزز السياحة الثقافية في البحرين

الشيخة مي بنت محمد آل خليفة خلال المؤتمر الصحافي بمتحف البحرين الوطني (هيئة البحرين للثقافة والآثار)
الشيخة مي بنت محمد آل خليفة خلال المؤتمر الصحافي بمتحف البحرين الوطني (هيئة البحرين للثقافة والآثار)
TT

الشيخة مي آل خليفة: نعمل على إعداد ملفات لإضافة مواقع جديدة للتراث العالمي

الشيخة مي بنت محمد آل خليفة خلال المؤتمر الصحافي بمتحف البحرين الوطني (هيئة البحرين للثقافة والآثار)
الشيخة مي بنت محمد آل خليفة خلال المؤتمر الصحافي بمتحف البحرين الوطني (هيئة البحرين للثقافة والآثار)

أكدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، أن تسجيل موقع «تلال مدافن دلمون» على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، وهو الموقع البحريني الثالث على القائمة؛ يؤكد حضور التراث الإنساني والحضاري للوطن العربي على المستوى الدولي.
وموقع «تلال مدافن دلمون» الذي أدرج مطلع الشهر الجاري على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، خلال اجتماع لجنة التراث العالمي الـ43 في العاصمة الأذربيجانية باكو، هو ثالث المواقع البحرينية على قائمة اليونيسكو بعد موقع قلعة البحرين الذي أُدرج عام 2005. وموقع طريق اللؤلؤ في المحرّق الذي أُدرج على القائمة عام 2012.
وفي مؤتمر صحافي أقيم أمس في قاعة مدافن دلمون بمتحف البحرين الوطني حيث تستقر مقتنيات تختزل تاريخ وتقاليد حقبة هامة من حضارة دلمون، قالت الشيخة مي آل خليفة، بأن موقع تلال مدافن دلمون سيساهم برفقة موقعي قلعة البحرين وطريق اللؤلؤ في تعزيز البنية التحتية للسياحة الثقافية في البحرين، كما أكّدت أن هيئة البحرين للثقافة والآثار تعمل حالياً على إعداد أكثر من ملف يحكي فرادة واستثناء مواقع بحرينيّة، يمكنها أن تندرج ضمن لائحة التراث الإنساني العالمي لليونيسكو.
وقالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: «اليوم نحتفي بثالث موقع بحريني على قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونيسكو، موقع تلال مدافن دلمون، الذي يكرّس كافة تفاصيله وتاريخه وامتداده الجغرافي ليستعيد ذاكرة حضارة أثرت المشهد التاريخي خلال حقبة إنسانية هامة».
وأكدت على أهمية تسجيل موقع إضافي للبحرين على قائمة التراث العالمي، موضحة أن صناعة السياحة الثقافية تقوم على توفير تجربة ثقافية رائدة ومتميزة للزوّار عبر الاستثمار في المقومات الحضارية والتاريخية. وأضافت: «البحرين تمتلك من المواقع التاريخية والمقدرّات الثقافية ما يمكّنها من تقديم نموذج ناجح وأصيل يعكس غنى وفرادة الثقافة والحضارة لمنطقتنا العربية».
من جانبه استعرض الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة مدير إدارة المتاحف والآثار ب‍هيئة الثقافة تفاصيل موقع تلال مدافن دلمون، حيث أشار إلى أن الموقع يمتد من شمال البحرين وحتى جنوبها. وقال إن مراحل تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي امتدت لنحو عشر سنوات، موضحاً أن حكومة البحرين دعمت العمل على ملف التسجيل فيما تعاونت المؤسسات والهيئات الحكومية وأهالي المناطق المحيطة بتلال المدافن الدلمونية مع هيئة الثقافة لتحقيق هذا المنجز.
وأضاف أن الهيئة تُشرك كافة الأطراف المحلية والدولية في عملية صون وحماية الموقع، فهيئة الثقافة تتعاون مع بعثات دولية في هذا الشأن، كالبعثة الدنماركية والفرنسية وغيرها، إضافة إلى إشراك المجتمع المحلي، وخصوصاً سكّان المناطق المحيطة بتلال المدافن الدلمونية في عملية الصون والحفظ والإدارة.
وتناول الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة الأجزاء المكوّنة لموقع تلال مدافن دلمون التي تعد أكبر وأكثف حقول تلال مدافن في العالم، موضحاً أن الموقع يتكون من 21 جزءاً تمتد لأكثر من 20 كيلومتراً وموزّعة على: حقل تلال مدينة حمد (بوري، كرزكان، دار كليب)، حقل تلال مدافن الجنبيّة، حقل تلال مدافن عالي الشرقي، الذي يحتوي على أكبر عدد من المدافن (4669 تلة دفن)، حقل تلال مدافن عالي الغربي، حيث تضم في مجموعها 11 ألفاً و774 تلة دفن، والتلال الملكيّة من 1 إلى 17.
وكانت لجنة التراث العالمي قد أدرجت الموقع على قائمة التراث العالمي بناء على معياريين من معايير الإدراج وهي المعيار الثالث الذي يشير إلى احتواء الموقع على شهادة فريدة واستثنائية لتقليد ثقافي وحضاري، والمعيار الرابع الذي يشير إلى كون الموقع يمثّل مثالاً بارزاً على نوعية من البناء توضح مرحلة هامة من تاريخ البشرية.
وتكمن أهمية موقع تلال مدافن دلمون في أنها تمثل شهادة على طريقة دفن فريدة من نوعها لحضارة دلمون المبكرة وهي فترة امتدت لنحو 450 عاماً (من 2200 ق.م – 1750 ق.م). وبما أن بقايا المستوطنات التي ظهرت على أرض مملكة البحرين شحيحة ومدفونة تحت طبقة سميكة من التربة، فإن تلال مدافن دلمون هي الدليل الأكثر وضوحاً على ثقافة دلمون المبكرة. وإضافة إلى ذلك، فقد مكّن الازدهار الاقتصادي المكتسب في ذلك الوقت سكان الجزيرة القدامى من تطوير تقاليد دفن أكثر تفصيلاً استوعبت كافة فئات المجتمع ومختلف أعمارهم وأجناسهم وطبقاتهم الاجتماعية، كما أنها توفر أدلة حاسمة على تطور النخب والطبقات الحاكمة.
ورغم أن تلال مدافن دلمون قد تأثرت بفعل التعرية والنهب في العصور القديمة، إلا أن عمارتها وتصميمها الداخلي بقي سليماً. وتشير الأدلة الأثرية إلى أن المدافن لم تشيد في الأصل كتلال، وإنما كأبراج أسطوانية الشكل. بينما تم بناء التلال الملكية التي تتميز بحجمها الواضح وغرف دفن مفصلة كأبراج دفن من طابقين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».