موسكو تراقب التحركات الغربية حول «الاستفزاز الصاروخي المتعمد»

أكدت أن ضرباتها بعيدة عشرات الكيلومترات عن حدود بولندا

آثار الدمار الناتجة عن سقوط الصاروخ في قرية بولندية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا (رويترز)
آثار الدمار الناتجة عن سقوط الصاروخ في قرية بولندية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا (رويترز)
TT

موسكو تراقب التحركات الغربية حول «الاستفزاز الصاروخي المتعمد»

آثار الدمار الناتجة عن سقوط الصاروخ في قرية بولندية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا (رويترز)
آثار الدمار الناتجة عن سقوط الصاروخ في قرية بولندية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا (رويترز)

راقبت موسكو بارتياح الأربعاء تطورات المواقف الغربية حول مسألة سقوط صاروخ داخل الأراضي البولندية، وركزت وسائل إعلام روسية حكومية على تصريحات مسؤولين غربيين لتأكيد صحة موقف روسيا التي نفت صلتها في وقت سابق بالحادث الذي أسفر عن مقتل شخصين. وبعد مرور يوم واحد على توجيه أصابع الاتهام في بولندا إلى موسكو، جاءت تصريحات الرئيس البولندي أندريه دودا، الذي أكد أنه «لا توجد لدى وارسو معطيات تشير إلى أن سقوط الصاروخ على الأراضي البولندية كان هجوما متعمدا»، مرجحا أن يكون الصاروخ تابعا للدفاع الجوي الأوكراني، لتدفع مسؤولين في روسيا إلى استخدام الحادثة لإظهار «مستوى تسرع الغرب في كيل الاتهامات إلى موسكو» كما نقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر مسؤول. وكان دودا قال إن «ما حدث كان حادثا منفردا، ولا يوجد ما يشير إلى احتمال وقوع أحداث جديدة».

في السياق ذاته، أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، حلف الناتو والشركاء في مجموعة السبع الكبار بأن الصاروخ الذي سقط على الأراضي البولندية أطلقته الدفاعات الجوية الأوكرانية. وكان قادة دول مجموعة السبع وعدد من دول الناتو عقدوا اجتماعا طارئا على هامش قمة مجموعة «العشرين» بسبب سقوط صاروخ في بولندا. وسط ترقب روسي لاحتمال استخدام الحادقة لتصعيد تحركات الحلف الغربي ضد موسكو. وأعلن الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتواصل مع المستشار الألماني أولاف شولتس بعد «حادث الصاروخ» في بولندا.

ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» في وقت سابق عن وزارة الدفاع الألمانية قولها إن شولتس «على اتصال مع بوتين بشأن الحادث في بولندا». وكانت وزارة الدفاع الروسية شددت في بيان أصدرته صباح الأربعاء على أن تصريحات مسؤولين بولنديين حول سقوط صواريخ «روسية» في منطقة برزيودوف، هي «استفزاز متعمد».
ورأى البيان أن «التصريحات الصادرة في بولندا وعدد من العواصم الغربية استفزاز متعمد يهدف إلى تصعيد الموقف (…) لم تقم القوات الروسية بتوجيه ضربات ضد أهداف بالقرب من الحدود البولندية». وأشارت الوزارة إلى أن الحطام الذي نُشر في وسائل الإعلام من مسرح الأحداث في بولندا لا علاقة له بالأسلحة الروسية.
وأكدت الوزارة أن جميع الضربات التي وجهتها القوات المسلحة الروسية ضد الأراضي الأوكرانية كانت على مسافة لا تقل عن 35 كيلومترا عن الحدود الأوكرانية البولندية. وأشارت في التقرير اليومي للتطورات الميدانية إلى إحراز القوات الروسية تقدما مهما خلال المعارك الضارية التي جرت في الساعات الـ24 الماضية على خطوط التماس.
وقال الناطق العسكري إيغور كوناشينكوف أن القوات المسلحة الروسية «وجهت في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) ضربة كبيرة لنظام القيادة والتحكم العسكري لأوكرانيا ومنشآت الطاقة ذات الصلة، وأصابت جميع الصواريخ أهدافها بدقة، وتم تنفيذ تلك الضربات على أهداف أوكرانية على الأراضي الأوكرانية وعلى مسافة لا تقل عن 35 كيلومترا من الحدود الأوكرانية البولندية».
وأشار كوناشينكوف إلى أنه قد «تم فحص صور الحطام التي عثر عليها، من قبل الخبراء الروس في المجمع الصناعي العسكري، وتم تصنيفها كأجزاء من نظام الدفاع الجوي (إس-300) التابع للقوات الجوية الأوكرانية».
وأكدت وزارة الدفاع الروسية على أنه «خلال توجيه الضربة الضخمة عالية الدقة في 15 نوفمبر ضد أهداف على الأراضي الأوكرانية، لم يتم تنفيذ أي هجوم صاروخي ضد أهداف في مدينة كييف. وكل الدمار الذي أظهره نظام كييف في المناطق السكنية بالعاصمة الأوكرانية هو نتيجة مباشرة لسقوط وتدمير ذاتي للصواريخ المضادة للطائرات التي أطلقتها القوات الأوكرانية من أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية والأجنبية الموجودة داخل المدينة».
ميدانيا، أفادت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها الجوية أسقطت مروحية أوكرانية من طراز «مي-8» في منطقة زوباروجيا. ولفت البيان العسكري إلى أن القوات المسلحة الروسية واصلت التقدم في اتجاه بلدة كوبيانسك، وأحبطت القوات الجوية محاولات من قبل 3 مجموعات تكتيكية سرية من الألوية الآلية رقم 14 و92 التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية في اتجاه قرى بيريستوفوي كوليسنيكوفا في منطقتين على تخوم لوغانسك، حيث «تم تحييد أكثر من 80 جنديا أوكرانيا و6 دبابات و8 مركبات قتال مصفحة ومدرعتين و3 وحدات مدفعية ذاتية الدفع».

وعلى محور كراسنوليمان، قال الناطق العسكري إن نيران المدفعية والأعمال النشطة للوحدات الروسية تصدت لمحاولات من قبل مجموعات تكتيكية تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية للهجوم على مواقع روسية في اتجاه قرية كولوميتشيخا في لوغانسك. وزاد البيان أنه «نتيجة لاشتباك ناري معقد، فقد العدو أكثر من 100 قتيل وجريح من الجنود الأوكرانيين ودبابتين و4 مدرعات قتالية». وأشارت الوزارة إلى إحراز تقدم طفيف في محيط دونيتسك بعد إحباط الهجمات المضادة للقوات المسلحة الأوكرانية وزادت: «تم إيقاف العدو وتفريقه بقصف مدفعي وأعمال حاسمة من قبل القوات المسلحة الروسية، وتم تصفية أكثر من 160 جندي أوكراني، و3 دبابات، و5 مدرعات قتالية، وشاحنة صغيرة وشاحنتين ذخيرة».
في اتجاه جنوب دونيتسك أوقفت القوات الروسية هجوم كتيبة المجموعة التكتيكية للقوات المسلحة الأوكرانية في اتجاه قرية ستيبنو، وقال البيان إنه تمت «إعادة العدو إلى مواقعه الأصلية بعد تعرضه لهزيمة، مع تصفية أكثر من 65 من العسكريين والمرتزقة ومركبتي مشاة قتاليتين و5 مدرعات و3 مركبات». ووفقا للبيان، خلال الـ 24 ساعة الماضية ضرب الطيران الميداني والتكتيكي للجيش والقوات الصاروخية والمدفعية 7 مواقع قيادة تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، إضافة إلى 94 نقطة تمركز أفراد ومعدات عسكرية في 185 مقاطعة.
على صعيد آخر، دعت روسيا الأمم المتحدة والدول الأوروبية إلى البدء بعملية نقل 280 ألف طن من الأسمدة الروسية إلى إفريقيا، وهي كميات قامت عدة دول أوروبية باحتجازها في وقت سابق.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين في تصريح لصحيفة «إزفيستيا» إن «الجانب الروسي اتخذ قرارا بتقديم تلك الأسمدة مجانا إلى الدول التي تحتاج إليها، وقبل كل شيء في القارة الإفريقية».
وأكد الدبلوماسي أنه «بالتالي هذه ليست عملية تجارية، ولم تكن إطالة أمد تسوية هذه القضية لأشهر مفهومة بالنسبة إلينا، وهذه المماطلة مدانة من قبلنا. وإذا كان هناك من يتحدث عن الأمن الغذائي وضرورة محاربة الجوع، فعليه أن يتخذ القرارات فورا لتوجيه تلك الأسمدة إلى الأماكن المخصصة لها». وأضاف: «أود التأكيد على أن 80 في المائة من تلك الـ 280 ألف طن لا تزال عالقة في لاتفيا، التي لم تصدر أي إذن لبدء عملية الشحن. ولذلك ندعو الشركاء في الأمم المتحدة، وعبرهم الأوروبيين، إلى القيام بهذا العمل، خصوصا لأن الحديث يدور عن عملية مجانية لصالح بلدان أفريقية تحتاج هذه المواد». وشدد الدبلوماسي الروسي على عدم جواز تسييس هذه القضية، مشيرا إلى أنه يجب حلها بأسرع ما يمكن.


مقالات ذات صلة

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».