انتهاء أجل اتفاق تخفيض إنتاج النفط والسعودية ترفع الإمدادات

سباق من المشترين لتخزين النفط الرخيص (أ.ف.ب)
سباق من المشترين لتخزين النفط الرخيص (أ.ف.ب)
TT

انتهاء أجل اتفاق تخفيض إنتاج النفط والسعودية ترفع الإمدادات

سباق من المشترين لتخزين النفط الرخيص (أ.ف.ب)
سباق من المشترين لتخزين النفط الرخيص (أ.ف.ب)

مع أول يوم بعد انتهاء أَجَل اتفاق تخفيض إنتاج النفط، بدأ منتجون زيادة الإمدادات، وسط سباق عالمي لشراء النفط الرخيص، جراء تراجع الطلب على النفط بسبب «كورونا»، وحرب أسعار، اشعلتها موسكو بانسحابها من اتفاق «أوبك+». ونقلت «رويترز»، أمس، عن مصدرين بقطاع النفط، قولهما إن إمدادات السعودية من النفط الخام ارتفعت، أمس (الأربعاء)، إلى أكثر من 12 مليون برميل يومياً.
كانت السعودية قالت إن صادرات النفط ستكون عند نحو عشرة ملايين برميل يومياً، لكنها لم تُعطِ مؤشرات بشأن كمية الخام التي ستؤول للتخزين في ظل تهاوي الطلب العالمي بسبب انتشار وباء فيروس «كورونا».
يأتي هذا بينما أجرى وزيرا الطاقة الأميركي والروسي محادثات نادرة بخصوص النفط بعد انهيار أسعار الخام إلى مستويات لم يشهدها العالم منذ نحو 20 عاماً، بينما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن النفط الأرخص «من الماء» يضر بالصناعة. ونزلت أسعار النفط نحو 70 في المائة من ذرى مسجّلة في يناير (كانون الثاني)، بسبب تراجع الطلب الناجم عن إجراءات العزل العام الرامية لاحتواء فيروس «كورونا» وإغراق السوق بالخام في سباق من أجل الحصص السوقية بعد انهيار اتفاقهما لكبح الإمدادات.
وتحدث وزير الطاقة الأميركي دان برويليت مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك بالهاتف عن تدهور الأسعار، واتفقا على إجراء مباحثات في المستقبل بمشاركة غيرهم من كبار منتجي ومستهلكي النفط في العالم.
جاء الاتصال بعد يوم من اتفاق ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية على أن يناقش الوزيران الاضطراب الحاصل في أسواق النفط العالمية.
وقال ترمب، أول من أمس (الثلاثاء)، إنه سينضم إلى السعودية وروسيا، إذا تطلب الأمر، لإجراء محادثات بشأن تراجع أسعار النفط، التي ستؤدي عند مستوياتها الحالية إلى تكاليف إنتاج أعلى، خاصة للنفط الصخري الأميركي. وتراجع النفط اليوم الأربعاء صوب 25 دولاراً للبرميل بعدما لامس أدنى مستوى له في 18 عاماً.
وقال ترمب: «هناك قدر كبير جداً من النفط، وفي بعض الحالات قد يكون أقل قيمة من الماء. في بعض المناطق في العالم يكون الماء أعلى قيمة بكثير. لم نشهد شيئا كهذا مطلقاً». والمحادثات بين واشنطن وموسكو منعطف جديد في الدبلوماسية النفطية منذ انهيار اتفاق خفض الإنتاج بين «أوبك» ومنتجين آخرين، بينهم روسيا، هذا الشهر.
وقالت شايلين هاينس المتحدثة باسم وزارة الطاقة الأميركية إن الوزيرين أجريا «محادثات بناءة بشأن الاضطرابات الراهنة في أسواق النفط العالمية». وأضافت: «بحث الوزير برويليت والوزير نوفاك تطورات سوق الطاقة، واتفقا على مواصلة الحوار بين كبار منتجي الطاقة ومستهلكيها، بما في ذلك عبر مجموعة العشرين، للتعامل مع هذه الفترة غير المسبوقة من اضطراب الاقتصاد العالمي».
وقالت وزارة الطاقة الروسية الأربعاء إن الوزيرين «أشارا» إلى أن هبوط الطلب وتخمة المعروض أسفرا عن ظهور مخاطر على استقرار الإمدادات للأسواق.
وتحاول إدارة ترمب إقناع السعودية، أكبر مصدّر للنفط، بخفض إنتاج الخام. وسترسل قريباً مبعوثة خاصة لشؤون الطاقة إلى المملكة، هي فيكتوريا كوتس. وقال «الكرملين» أمس إن روسيا والسعودية لا تجريان محادثات بشأن سوق النفط في الوقت الراهن، وإن الرئيس فلاديمير بوتين لا ينوي حالياً التحدث هاتفياً مع القيادة السعودية. لكنه أضاف أن مثل تلك المحادثات قد يجري الإعداد لها سريعاً إذا اقتضت الضرورة.
وقال خبراء في القطاع في مقابلات نشرها «غولدمان ساكس» إن أسعار النفط قد تواصل النزول، حتى إنها قد تصل إلى خانة الآحاد بفعل تراجع الطلب في ظل أزمة فيروس «كورونا»، التي يفاقمها صراع على الحصص السوقية بين اثنين من كبار المنتجين، بينما تنفد قدرات التخزين في العالم.
لكن البنك قال في مذكرة بتاريخ 31 مارس (آذار) إن التراجع قد يفسح المجال «لصناعة عالمية أكثر متانة»، مع حدوث انتعاش في ظل خفض الإنتاج.
وقال الخبير النفطي والكاتب الحائز على جائزة «بوليتزر»، دانيال يرجين، لـ«غولدمان ساكس»، إن الطلب قد يتراجع 20 مليون برميل يومياً، في أبريل (نيسان)، أو حتى أكثر من ذلك، مشيراً إلى «أكبر تراجع في الطلب في العصر الحديث»، بينما تخوض السعودية وروسيا حرب أسعار.
وتابع يرجين قائلاً: «إذا نفدت منا قدرات تخزين النفط ولم يكن من الممكن نقل النفط، كما حدث في 1988. سنشهد تراجعاً حادّاً في الأسعار إلى أرقام منخفضة جداً في خانة العشرات، وفي بعض الحالات إلى خانة الآحاد».


مقالات ذات صلة

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
TT

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)

كشف تقرير «مستقبل الوظائف 2025»، الذي نشره «المنتدى الاقتصادي العالمي»، أن الاضطراب سيصيب 22 في المائة من الوظائف بحلول عام 2030، وأن 170 مليون وظيفة جديدة ستخلق، في حين ستلغى 92 مليون وظيفة، مما يؤدي إلى زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة. وعدّ أن التقدم التكنولوجي، والتحولات الديموغرافية، والتوترات الجيو - اقتصادية، والضغوط الاقتصادية هي المحركات الرئيسة التي تدفع هذه التغيرات، مما يعيد تشكيل الصناعات والمهن على مستوى العالم.

وبالاستناد إلى بيانات من أكثر من ألف شركة، كشف التقرير أن فجوة المهارات تظل أكبر عائق أمام تحول الأعمال التجارية اليوم، حيث يُتوقع أن تتغير 40 في المائة من المهارات المطلوبة في الوظائف. ومن المتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، لكن المهارات الإنسانية، مثل التفكير الإبداعي، والمرونة، والقدرة على التكيف ستظل حاسمة. ويُتوقع أن يكون الجمع بين كلا النوعين من المهارات أمراً بالغ الأهمية في سوق عمل سريعة التبدل.

ومن المتوقع أيضاً أن تشهد الأدوار الأمامية والقطاعات الأساسية، مثل الرعاية والتعليم، أكبر نمو في الوظائف بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، سيؤدي تقدم الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة إلى إعادة تشكيل السوق، مما يزيد من الطلب على وظائف تكنولوجية ومتخصصة، مع انخفاض الطلب على وظائف أخرى، مثل التصميم الغرافيكي.

وقال تيل ليوبولد، رئيس شؤون العمل والأجور وخلق الوظائف في «المنتدى الاقتصادي العالمي»: «اتجاهات، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحولات التكنولوجية السريعة، تقلب الصناعات وأسواق العمل، مما يخلق فرصاً غير مسبوقة ومخاطر عميقة». وأضاف: «الوقت الآن للعمل معاً من قبل الشركات والحكومات، والاستثمار في المهارات، وبناء قوة عاملة عالمية متكافئة وقادرة على الصمود».

سوق العمل في 2030

من المتوقع أن تشهد الأدوار الأمامية والخدمات الأساسية، مثل عمال المزارع، وسائقي التوصيل، وعمال البناء، أكبر زيادة في عدد الوظائف بحلول عام 2030، كما يُتوقع زيادة كبيرة في الطلب على وظائف الرعاية، مثل الممرضين، ووظائف التعليم، مثل معلمي المدارس الثانوية، مع دفع الاتجاهات الديموغرافية لنمو الطلب في القطاعات الأساسية. وفي الوقت نفسه، سيؤدي التقدم في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وأنظمة الطاقة، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والهندسة البيئية، إلى زيادة الطلب على الأدوار المتخصصة. في المقابل، تظل وظائف، مثل أمين الصندوق والمساعدين الإداريين، ضمن الوظائف الأكثر انحداراً، بينما انضمت إليها وظائف أخرى، مثل مصممي الغرافيك، مع تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على سوق العمل.

فجوة المهارات

تستمر فجوة المهارات بوصفها أكبر عائق أمام تحول الأعمال في مواجهة التوجهات العالمية الكبرى، حيث يعد 63 في المائة من أصحاب العمل أنها التحدي الرئيس لمستقبل عملياتهم. وإذا تم تمثيل القوة العاملة العالمية من خلال 100 شخص، فمن المتوقع أن يحتاج 59 منهم إلى إعادة تدريب أو تطوير مهاراتهم بحلول 2030، مع احتمال ألا يتلقى 11 منهم هذا التدريب، ما يعني أن أكثر من 120 مليون عامل مهدد بالبطالة على المدى المتوسط. بينما يُتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، وتظل المهارات الإنسانية، مثل التفكير التحليلي، والمرونة، والقيادة، والتعاون أساسية.

الذكاء الاصطناعي وتحسين المهارات

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل نماذج العمل التجاري، حيث يخطط 50 في المائة من أصحاب العمل لإعادة توجيه أعمالهم للاستفادة من الفرص الجديدة. ويخطط 77 في المائة من أصحاب العمل لتطوير مهارات القوى العاملة، بينما يخطط 41 في المائة لتقليص العمالة بسبب أتمتة المهام. ويتوقع نصف أصحاب العمل تحويل الموظفين إلى مجالات أخرى؛ لتخفيف نقص المهارات، وتكاليف التحول التكنولوجي. ومع النمو السريع للتكنولوجيا، يجب على القادة وصنّاع السياسات والعملاء التعاون لضمان استعداد القوى العاملة، وتقليل مخاطر البطالة.

ما وراء التكنولوجيا

يعد ارتفاع تكلفة المعيشة عاملاً رئيساً في تغيير سوق العمل، مع توقع فقدان 6 ملايين وظيفة عالمياً بحلول 2030 بسبب ضغوط الأسعار والنمو الاقتصادي الأبطأ. كما يعزز التقدم العمري في البلدان ذات الدخل المرتفع من الطلب على وظائف الرعاية الصحية، بينما يعزز نمو السكان في سن العمل في المناطق ذات الدخل المنخفض من وظائف التعليم. وتثير التوترات الجيوسياسية وقيود التجارة قلق 34 في المائة من الشركات، مما يزيد الطلب على مهارات، مثل الأمن السيبراني.

ضرورة التحرك العاجل

تتطلب مواجهة التغيرات الكبيرة تحركاً عاجلاً ومشتركاً من الحكومات والشركات والمؤسسات التعليمية. تشمل الأولويات سد فجوات المهارات، والاستثمار في برامج إعادة التدريب، وتوفير مسارات للوظائف ذات النمو السريع. ومن خلال التركيز على استراتيجيات انتقال العمل العادلة والشاملة ودعم العمال، يمكن بناء قوة عاملة عالمية مرنة، وقادرة على التكيف، ومؤهلة للنجاح في وظائف المستقبل.