أعرب الكرملين، (الجمعة)، عن ارتياح موسكو لنتائج جولة المحادثات المطولة التي أجراها الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، (الخميس).
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إن المحادثات بين الرئيسين كانت «شاملة وعميقة، وتناولت كل ملفات العلاقات الثنائية والمسائل التي تهم البلدين على الصعيدين الإقليمي والدولي». ووصف مجريات اللقاء الذي استمر أكثر من 5 ساعات بأنها «كانت بناءة وموضوعية».
ووفقاً للناطق الرئاسي، فقد تضمن جدول أعمال الرئيسين المسائل الخاصة بالعلاقات الثنائية، بالإضافة إلى القضايا الدولية، وناقشا بشكل مستفيض الوضع في فلسطين، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
أضاف: «لقد تم تحديد القضايا الرئيسية في الكلمات الاستهلالية للرئيسين، وقد تناولت المناقشات بشقيها الموسع بحضور وفدَي البلدين، والضيق بين الرئيسين، كل الملفات المطروحة، نحن هنا نتحدث عن علاقات ثنائية تعكس شراكة متعددة الأوجه للغاية».
ولفت الناطق إلى أن الوزراء الحاضرين في إطار الوفدين قدموا «تقارير في مجالاتهم، وتحدثوا بالتفصيل عن نقاط التقدم والتعثر في ملفات التعاون، مع التطرق إلى الحلول المتاحة، وما يجب القيام به لتسريع مزيد من التطوير والتعاون».
وعكست هذه العبارات مستوى ارتياح الكرملين لأجواء المحادثات. وكان لافتاً أن التغطيات الإعلامية الروسية توقفت مطولاً عند آفاق تطوير التعاون، في مجالَي الطاقة والبنى التحتية، وأيضاً في إطار التعاون الاقتصادي التجاري الموجه لتعزيز التنسيق في مواجهة العقوبات الغربية المفروضة على البلدين.
وكتبت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الفيدرالية واسعة الانتشار: «مع إيران، ليس لدى روسيا أي سوء فهم فيما يتعلق بصادرات النفط. والعلاقات الاقتصادية مع هذا البلد، آخذة في الارتفاع بشكل متسارع».
وأشارت الصحيفة إلى أن محادثات الرئيسين منحت دفعة قوية لمسار توقيع اتفاقية تجارة حرة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. مع إشارة إلى الأهمية الخاصة لهذه الاتفاقية التي ستحل محل اتفاقية مؤقتة مماثلة سارية منذ عام 2018. وتتضمن الاتفاقية الجديدة المتوقع توقيعها قبل نهاية العام إلغاء ما يصل إلى 90 في المائة من الرسوم الجمركية على عدد كبير من السلع، ما يعني أن تتكثف العلاقات التجارية بين الاتحاد الروسي وإيران بشكل حاد.
وكان رئيس مجلس النواب (الدوما) فياتشيسلاف فولودين، تحدّث عن جوانب عدة تهم موسكو بشكل متزايد في العلاقة مع طهران، على رأسها التبادل التجاري الذي يعوض موسكو وطهران عن نقص الأسواق؛ بسبب العقوبات المفروضة عليهما. وقد ارتفع حجم التجارة بين البلدين في عام 2022 بنسبة 70 في المائة، وبلغت نسبة الارتفاع في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي نحو 30 في المائة.
ووفقاً لخبراء تحدثت إليهم الصحيفة فإن «إيران مثيرة للاهتمام بالنسبة للاتحاد الروسي بوصفها لاعباً مهماً على الساحتين الدولية والإقليمية. وفيما يتعلق بالصراع في غزة، تتخذ طهران موقفاً صارماً مناهضاً لإسرائيل. ولكن كما أظهرت الأحداث، وعلى الرغم من خطاب التهديد الذي يلقيه المسؤولون الإيرانيون، فإن إيران لن تتدخل بشكل مباشر في مسار الأعمال العدائية». ورأوا أن هذا الموقف يعبّر بشكل مباشر عن تطلعات موسكو أيضاً، التي لا ترغب في توسيع رقعة الحرب في المنطقة.
العنصر الثالث المهم من وجهة نظر الخبراء في العلاقة الروسية حالياً مع طهران، يكمن في أن دور إيران مهم أيضاً في منطقة القوقاز، حيث تجري عمليات تؤثر بشكل مباشر في روسيا. وهذا ما عكسته تصريحات بوتين، الذي قال إن «لدينا مشروعات بنية تحتية كبيرة، لقد ناقشناها لفترة طويلة، والآن وصلنا إلى التنفيذ العملي لبناء خط السكة الحديد بين الشمال والجنوب». وهذا يعني مشروع ممر النقل بين الشمال والجنوب الذي يربط إيران والاتحاد الروسي عبر أراضي أذربيجان. ويكتسب المشروع أهمية إضافية لموسكو؛ لأن مسألة فتح طرق جديدة مهمة أيضاً في سياق العلاقات الأذرية - الأرمنية.
ورأى خبراء أنه بسبب الموقف الإيراني إلى حد كبير، تخلت باكو عن إنشاء ما يُسمى «ممر زانجيزور» عبر أراضي أرمينيا، وهو أمر يلبي أيضاً تطلعات موسكو.