200 ألف مهاجر أفريقي في اليمن نصفهم وصلوا هذا العام

رغم ظروف الانقلاب ومخاطر شبكات التهريب

43 ألف مهاجر أفريقي عالقون داخل اليمن في ظروف بائسة (الأمم المتحدة)
43 ألف مهاجر أفريقي عالقون داخل اليمن في ظروف بائسة (الأمم المتحدة)
TT

200 ألف مهاجر أفريقي في اليمن نصفهم وصلوا هذا العام

43 ألف مهاجر أفريقي عالقون داخل اليمن في ظروف بائسة (الأمم المتحدة)
43 ألف مهاجر أفريقي عالقون داخل اليمن في ظروف بائسة (الأمم المتحدة)

أظهرت بيانات حديثة وزعتها الأمم المتحدة ارتفاعاً كبيراً في عدد المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن؛ إذ بلغوا نحو 200 ألف شخص وصلوا عبر البحر بهدف التسلل إلى دول الخليج بحثاً عن أعمال، وأوضحت البيانات أن نحو نصف هذا العدد وصلوا خلال الأشهر السبعة الماضية.

ووفق ما ذكره مكتب المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، فإن عدد المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إلى هذا البلد خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بلغ 86 ألفاً من أصل نحو 200 ألف هو إجمالي عدد المهاجرين الأفارقة في اليمن حيث يسعى هؤلاء عبر عصابات متخصصة إلى التسلل عبر الحدود إلى دول الخليج المجاورة بحثاً عن العمل.

يستغل المتاجرون بالبشر في اليمن المهاجرين في العمل القسري (الأمم المتحدة)

المنظمة المعنية برصد وتتبع حركة المهاجرين والنزوح الداخلي، أكدت استمرار تدفق آلاف المهاجرين من القرن الأفريقي إلى شواطئ اليمن، في حين أن عدد الذين عادوا إلى بلادهم من هؤلاء لا يزيد على خمسة آلاف خلال هذا العام، ومثلهم خلال العام الماضي ضمن برنامج العودة الطوعية؛ إذ تعمل المنظمة على دعم المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في اليمن للعودة بأمان إلى بلدانهم الأصلية.

وبحسب البيانات الأممية، فإن المنظمة الدولية للهجرة ساعدت 5.700 مهاجر على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي خلال العام الماضي 2022، كما تمكنت منذ بداية العام الحالي وحتى الآن من إعادة 5.631 مهاجراً، بينهم 5.572 إثيوبياً.

أوضاع مزرية

تشير التقديرات إلى أن عدد المهاجرين الأفارقة في اليمن يتجاوز 200 ألف مهاجر؛ بينهم 43 ألف شخص تقطعت بهم السبل، وأصبحوا غير قادرين على مواصلة رحلتهم نحو الحدود اليمنية مع دول الخليج حيث يحاولون التسلل إلى هناك، كما لم يعد بمقدورهم العودة إلى بلدانهم الأصلية، ويعيشون حالياً في أوضاع إنسانية مزرية وظروف محفوفة بالمخاطر.

وبينت المنظمة في تقريرها أن ما يقرب من 300 ألف مهاجر من الفئات الضعيفة يستفيدون من المساعدات الإنسانية والدعم الذي تقدمه المنظمة للمهاجرين في ثلاثة بلدان هي اليمن والصومال وجيبوتي. وناشدت مجتمع المانحين الحصول على 58.5 مليون دولار أميركي لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023، من أجل مواصلة تقديم الدعم الحيوي للمهاجرين في المنطقة.

ومع أن اليمن يعاني من الحرب التي فجرها الحوثيون، فإنه يواجه واقع النزوح القاسي طبقاً لتقرير آخر أصدرته المنظمة الدولية للهجرة التي ذكرت أن النصف الأول من هذا العام شهد انخفاضاً في عدد النازحين من منازلهم داخلياً؛ إذ سجلت مصفوفة تتبع النزوح أكثر من 21.066 شخصاً أُجبروا على الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان والمأوى في أماكن أخرى خلال الأشهر الستة الأولى من العام.

مأرب الأكثر تضرراً

أكدت المنظمة الأممية أن هذا العدد يمثل انخفاضاً بمقدار النصف عن نفس الفترة من العام السابق عندما تم تسجيل 42.012 حالة نزوح.

وكانت محافظة مأرب الأكثر تضرراً من هذه الأزمة، ثم محافظات تعز، والحديدة، وشبوة، ولحج، حيث شهدت مأرب أكبر عدد من حالات النزوح في النصف الأول من عام 2023؛ إذ نزحت 1.455 أسرة. ويلي ذلك تعز (572 أسرة)، ثم الحديدة (416 أسرة)، وشبوة (409 أسر)، ولحج (341 أسرة)، في حين سجلت محافظات أبين والضالع وحضرموت والمهرة الأقل في عدد النازحين.

وزير الخارجية اليمني يلتقي المدير الإقليمي لـ«الهجرة الدولية» (سبأ)

وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني أحمد عوض بن مبارك، كان التقى في العاصمة المؤقتة عدن، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عثمان البلبيسي.

وجرى خلال اللقاء - بحسب وكالة «سبأ» الحكومية - استعراض علاقات التعاون بين اليمن والمنظمة الدولية للهجرة، ومناقشة آثار تزايد أعداد الهجرة غير الشرعية أمنياً واقتصادياً، كما تمت مناقشة برامج المنظمة المختلفة في اليمن.

البلبيسي أعرب عن تطلعه لتعزيز دور المنظمة في اليمن بما ينسجم مع خطتها والاحتياجات المتزايدة، وشكر الخارجية اليمنية لتعاونها الدائم معهم، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين الأفارقة في اليمن، وفق ما ذكره الإعلام اليمني الرسمي.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.