وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي: الحوار مع إيران يتطلب تغير سلوكها في المنطقة

قرقاش أكد في تجمع خبراء في أبوظبي أن بلاده تؤمن بقرب حل سلمي في اليمن

وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش خلال إلقاء كلمته في منتدى أبوظبي الاستراتيجي الذي انطلقت أعماله أمس (وام)
وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش خلال إلقاء كلمته في منتدى أبوظبي الاستراتيجي الذي انطلقت أعماله أمس (وام)
TT

وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي: الحوار مع إيران يتطلب تغير سلوكها في المنطقة

وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش خلال إلقاء كلمته في منتدى أبوظبي الاستراتيجي الذي انطلقت أعماله أمس (وام)
وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش خلال إلقاء كلمته في منتدى أبوظبي الاستراتيجي الذي انطلقت أعماله أمس (وام)

شدد الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، على أن دول الخليج ليست ضد الحوار مع إيران، إلا أنه ربط عملية نجاح الحوار مع طهران بأن تغير إيران سلوكها في المنطقة، مشيرا إلى أن الحوارات من أجل تحقيق النجاح تحتاج إلى أساس متين ونوايا صادقة، ومضيفا أنه «بالنظر إلى السياسة الإيرانية ككل نرى أن هذه الظروف لا وجود لها حاليا».
وعبر قرقاش عن اعتقاده أنه في حال اتخذت إيران خطوات ملموسة وعملية لبناء الثقة وحل خلافاتها مع جيرانها العرب بالوسائل السلمية فإن فرص الاستقرار في جميع أنحاء العالم العربي ستزداد. وأضاف قائلا: «يمكن لإيران وقف تأجيج الصراع في اليمن والبحرين، ويمكن أن توقف التدخلات الطائفية في سوريا والعراق، ويمكن أن تنفق المال الذي تم بموجب الاتفاق النووي وهو ما مقداره 100 مليار دولار لإصلاح اقتصادها وبناء مستقبل لشبابها، بدلا من تصعيد تمويل حزب الله وأشكال مشابهة من التدخل في العالم العربي».
حديث وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي حول إيران جاء في كلمة له خلال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الذي انطلقت أعماله أمس، ردا على دعوة وزير الخارجية الإيراني لحوار إيراني خليجي. وقال قرقاش: «لسنا ضد الحوار شريطة أن تغيير إيران أولا سلوكها في المنطقة».
وحول الوضع اليمني، بين قرقاش أن الإمارات تؤمن بأنه من المحتم إمكانية التوصل قريبا لحل سلمي لهذا الصراع عندما تحترم رغبات الشعب اليمني وشرعية الحكومة اليمنية، ويتم وضع حد لمفهوم تغيير الوضع السياسي الراهن بالقوة، مؤكدا دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي في اليمن، معتقدا أن المحادثات التي من المقرر أن تجرى خلال الأسبوعين المقبلين توفر فرصة جديدة لحل هذا النزاع. وزاد: «على مدى أربعة عقود كان اليمن واحدا من أكبر الدول المستفيدة من المساعدات الإماراتية، حيث أراد لليمن أن يكون دولة قادرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا». وأضاف أنه «رغم المساعدات التي تقدمها الإمارات كان اليمن غير مستقر ومنقسما لأسباب تعود لقرون، وما تغير هذا العام هو أن النفوذ الإيراني الخارجي أدى بالحوثيين إلى تقويض الحكومة اليمنية والحط من مؤسساتها، وشرعوا في بناء دولة داخل الدولة». وأكد أن الإمارات ستستمر مع شركائها الإقليميين في العمل بجد للحفاظ على وحدة وسلامة السياسية اليمنية، وأن الحل السياسي القائم على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وقرار مجلس الأمن الدولي 2216، هو السبيل الوحيد لإنهاء هذ الصراع. وقال: «يبقى السؤال الكبير: هل ستبقى عملية إعادة السياسة اليمنية في شكلها التقليدي؟»، مضيفا: «إنه سؤال لليمنيين للرد، ولكن يجب علينا مساعدتهم».
وشدد قرقاش على أن الإمارات ستستمر في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة للشعب اليمني إلى جانب المساعدة على تعزيز وتطوير مؤسسات دولة قابلة للحياة وفعالة في هذا البلد، مؤكدا أن تحرير عدن في أعقاب مجزرة الحوثيين قد سمح للدولة بتقديم مثل هذا الدعم، وأنها ستواصل جهودها المشتركة لتخفيف معاناة الشعب اليمني. وأضاف: «سنعالج وجود (القاعدة) في اليمن، فقد تعرض جنودنا لهجمات تنظيم القاعدة في عدن مرتين، وذلك لأن الإرهابيين يعرفون أن استراتيجيتنا هناك سوف تدمرهم في نهاية المطاف»، لافتا إلى أن الإرهابيين يريدون الفوضى. وزاد «إنهم يريدون منعنا من تمكين الحكومة اليمنية الشرعية من ممارسة سلطتها في عدن، لكنهم لن يوقفونا عن ذلك مهما حاولوا».
وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أن بلاده ترى أن الآيديولوجيات المتطرفة والإرهاب وجهان لعملة واحدة، ويعززان بعضها بعضا، مما يؤدي إلى المساهمة في عدم الاستقرار، مضيفا أن المعركة ضد التطرف والإرهاب «ليست مجرد معركة مادية، ولكن لها أيضا بعدا عقائديا وفكريا ومجتمعيا وهو الأكثر تعقيدا وأهمية، وأن الشبكات الإرهابية تستمر وتستثمر إحباط الشباب العربي مما يراه متمثلا في الظلم في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني للأسف». وأوضح قرقاش أن الاستفزازات الأخيرة في المسجد الأقصى المبارك زادت من الآيديولوجيات الراديكالية والفوضى المرتبطة بها، مشيرا إلى أن حالة عدم الاستقرار والخوف والعنف التي تجتاح المنطقة يمكنها أن تنتهي فقط إذا تم حل النزاع الفلسطيني لأنه في قلب مشكلات المنطقة.
وتطرق قرقاش في كلمته إلى سوريا حيث قال إن عدم قدرة المجتمع الدولي على العمل معا وإيجاد حل حقيقي للأزمة خلق الفراغ الذي لا يزال يمكن استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية، مؤكدا أن هذه الأزمة ليست فقط لجيران سوريا ولكن أيضا بالنسبة للمجتمع الدولي وعلى نطاق أوسع. وشدد على أهمية مضاعفة الجهود وإيجاد حل سياسي يستند إلى بيان جنيف، مضيفا أنه: «على الرغم من أن الجهود الحالية لا تزال في مرحلة جنينية، فإنها تؤكد على حقيقة أن السبيل الوحيد للمضي قدما هو الحل السياسي القائم على إطار جنيف، وتبقى سوريا هدفنا المشترك لكن الطريق قدما ما زال شائكا». وتابع: «تم تهميش الأصوات السياسية السلمية من قبل الطبيعة العنيفة لهذا الصراع، وأنه من واجبنا وواجب المجتمع الدولي إعادة تلك الأصوات التي تمثل السوريين العاديين داخل العملية السياسية التي تهدف إلى إنقاذ بلدهم»، مشيرا إلى أن التدخل الأخير من قبل روسيا في سوريا أبرز الحاجة الماسة إلى تكثيف الجهود الجماعية للحد من مضاعفات هذه الأزمة بدلا من زيادتها. وأكد أن ترك الأزمة السورية دون حل ليس خيارا، وقال: «إما أن نهدي ما تبقى من سوريا إلى نظام وحشي أو المتطرفين، وإما أن نتحد معا ونجد طرقا بناءة لمنع الانهيار السياسي والثقافي والاجتماعي الكامل لسوريا».
وتابع قرقاش: «بينما يستمر العالم العربي في جهوده الرامية إلى تطوير حلول لخطر التطرف والإرهاب وعدم الاستقرار، نأمل من جارتنا إيران أن تستخدم العرض المفتوح من قبل المجتمع الدولي لتعزيز الاستقرار والنظام بدلا من الانقسامات والطائفية». واعتبر أن التحديات التي تواجه أمن العالم العربي شاقة، وأن كل المؤشرات تشير إلى خيارات وحلول صعبة في الوقت الحالي وخلال السنوات المقبلة، مؤكدا أن لدى حكومة الإمارات رؤية للمنطقة وأنها تسعى جاهدة لتعزيز أجندة الاعتدال جنبا إلى جنب مع الجهود الكبيرة والمتواصلة لدعم منطقة حيوية ومستقرة.
وأوضح أن «الرؤية ليست على غرار القومية العربية في الخمسينات، كما أنها لا تقوم على الغضب أو الاستياء، ولكن ينبغي أن تستفيد من العلاقات الثقافية والدينية والاقتصادية والسياسية التي توحد العالم العربي بدلا من محاولة محو الحدود الوطنية بالقوة، وهذه هي الرؤية التدريجية للتجارة الحرة والمشاركة البناءة بين الدول القائمة، إلى جانب التعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف». وأكد أن الإمارات ستواصل تشجيع مثل هذا البرنامج، في حين تعمل بشكل وثيق مع اثنين من الأعمدة الرئيسية في العالم العربي، وهما السعودية ومصر، لإغلاق مربع من التناقضات والفوضى التي نمت في جميع أنحاء المنطقة، مضيفا: «سنقوم معا بإعادة بناء النظام العربي والسعي للحصول على التغير التطوري الضروري للتقدم إلى الأمام».
وجدد قرقاش التأكيد على مواصلة الإمارات العمل على مسار الاعتدال السياسي والمجتمعي وتدعيمه بتمكين المرأة والتسامح الديني والثقافي والانفتاح والدينامية الاقتصادية. وأعرب عن ثقته في أن المناظرات والمناقشات التي تجرى في حوار أبوظبي الاستراتيجي ستنشط الجهود لحل التحديات السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط.
وكانت أعمال الدورة الثانية لـ«ملتقى أبوظبي الاستراتيجي» الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات بالتعاون مع وزارة الخارجية ومجلس الأطلسي انطلق أمس، ويستمر لمدة يومين بمشاركة أكثر من 300 شخصية محلية وإقليمية ودولية.
وأكدت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، في الكلمة الافتتاحية، أن ملتقى أبوظبي الاستراتيجي يحرص على استقطاب النخب المؤثرة في توجيه السياسات على المستويين الإقليمي والدولي لإفادة صناع القرار في أبوظبي من خلال ما تطرحه هذه النخب من مبادرات ومشروعات وأفكار لتبقى الإمارات طرفا فاعلا في المنظومة الدولية وبما يخدم الاستقرار والعدالة دوليا. وذكرت أن أهم ما خلصت إليه حوارات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الأول هو أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحولت إلى مركز إقليمي مؤثر، فقد أسهمت الظروف الإقليمية والمحلية التي عصفت بالبلدان العربية الرئيسة ذات الثقل الاستراتيجي مثل مصر والعراق وسوريا في تزايد أهمية دور دول المجلس ورتبت مسؤوليات إضافية عليها. وأضافت أنه في حين كانت دول المجلس تستند إلى عمق تلك الدول وقوتها من أجل حماية النظام الإقليمي العربي عموما وأمن الخليج بخاصة في مواجهة المشاريع الإقليمية الأخرى، فقد تحولت دول المجلس إلى محور ارتكاز وفاعل إقليمي ودولي تستند إليه تلك الدول وغيرها من دول المنطقة للمساهمة في حل الأزمات فيها وإعادة استقرارها.
ولفتت ابتسام الكتبي إلى أن هناك قوى فاعلة على الساحة الدولية لا توجد لها سياسات فاعلة تجاه منطقة الخليج العربي أو مساهمات ملموسة في أمنها مثل روسيا والصين مع اختلاف رؤى وأسباب كل منهما، مبينة أنه لا توجد استراتيجية أوروبية دفاعية وأمنية فاعلة تجاه دول مجلس التعاون ولا حتى اقتصادية متكاملة.
وأكدت أن «المشروع الجيوسياسي الإيراني أصبح ينتهج سياسة طائفية واضحة في المنطقة العربية عبر التدخل المباشر ودعم الحركات السياسية والميليشيات الشيعية، وتجلى هذا الاتجاه بوضوح في العراق من خلال الاستعانة بالأحزاب العراقية الشيعية لملء الفراغ الاستراتيجي فيه والهيمنة على مؤسساته وإمكاناته، وفي سوريا عبر دعم النظام السوري والمنظمات الشيعية العراقية واللبنانية التي تسانده، وفي اليمن عبر تأييد سيطرة الحوثيين على أغلبية مؤسسات الدولة وسلاحها وأخيرا عبر تشجيعها وتحريضها للأقليات الشيعية في الدول المجاورة، وبهذا عززت إيران نفوذها الإقليمي ضمن منظور (المركزية الإيرانية للشيعة) في العالم».
كما أكدت أن هناك مشروعا إقليميا مركزيا لتركيا، وهي تعتبر المنطقة العربية عمق هذا المركز، وقد اعتمدت حتى الآن على القوة الناعمة والشراكات الاقتصادية في ترويج دورها وزيادة نفوذها، معتبرة أن ما زعزع علاقاتها بالعديد من دول مجلس التعاون هو محاولاتها الاستفادة من ظروف «الربيع العربي» في دعم أحزاب وحركات دينية لتحقيق مشروعها الجيوسياسي الإقليمي.
وأوضحت رئيسة مركز الإمارات للسياسات أن الملتقى الثاني سيتناول موقع الخليج في العالم الجديد الذي يشهد تغيرات سريعة وفي منطقة تشهد تحولات عنيفة، وفهم التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية وكذلك الفرص التي تقدمها هذه التغيرات العالمية والإقليمية لدول الخليج، واستشراف السيناريوهات المتوقعة للدور الخليجي في المشهد الإقليمي خاصة بعد عملية «عاصفة الحزم» والتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.



السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
TT

السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)

أعربت السعودية، الجمعة، عن إدانتها واستنكارها قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأكدت في بيان لوزارة خارجيتها، أن إمعان قوات الاحتلال في انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي والإنساني، واستهدافاتها المستمرة للمدنيين الأبرياء «ما هي إلا نتيجة حتمية لغياب تفعيل آليات المحاسبة الدولية».

وجدّدت السعودية مطالبتها للمجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد والفعّال لوضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة والمتكررة «حفاظاً على أرواح المدنيين، وما تبقى من مصداقية الشرعية الدولية».