الأكراد يقتربون من السيطرة على معبر تل أبيض الحدودي.. وإردوغان قلق

ناشط سوري من الرقة: دخول «أباتشي» لأول مرة على خط المعارك.. و«داعش» ينكفئ

حشود النازحين السوريين اجتازت الأسوار الحدودية مع الأطفال هربا من الحرب الدائرة في تل أبيض (أ.ف.ب)
حشود النازحين السوريين اجتازت الأسوار الحدودية مع الأطفال هربا من الحرب الدائرة في تل أبيض (أ.ف.ب)
TT

الأكراد يقتربون من السيطرة على معبر تل أبيض الحدودي.. وإردوغان قلق

حشود النازحين السوريين اجتازت الأسوار الحدودية مع الأطفال هربا من الحرب الدائرة في تل أبيض (أ.ف.ب)
حشود النازحين السوريين اجتازت الأسوار الحدودية مع الأطفال هربا من الحرب الدائرة في تل أبيض (أ.ف.ب)

يقترب المقاتلون الأكراد وحلفاؤهم من الجيش السوري الحر من السيطرة الكاملة على مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا، بعد تقدمهم إلى نحو 5 كيلومترات منها، بينما أعلن ناشطون سوريون في الرقة في شمال البلاد لـ«الشرق الأوسط» أن المعارك بين تنظيم داعش من جهة، ومقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي والجيش السوري الحر من جهة ثانية (غرفة بركان الفرات)، «قاربت على النهاية مع تقدم المقاتلين الأكراد إلى محيط تل أبيض» الحدودية مع تركيا، إذ يحاول نحو 5 آلاف نازح مدني على البوابة الحدودية العبور باتجاه الأراضي التركية.
غير إن تركيا بدأت مساء أمس في استقبال لاجئين سوريين فارين من المعارك بين الأكراد وتنظيم داعش الحالية، كما أفاد مصور وكالة الصحافة الفرنسية. وبدأ عشرات اللاجئين السوريين في عبور نقطة اقجه قلعة الحدودية، فيما كان آلاف آخرون ينتظرون على الجهة الأخرى من الحدود. وقال أحد مؤسسي تجمع «الرقة تذبح بصمت» أبو محمد الرقاوي لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي تنظيم داعش ينسحبون من عدد كبير من مواقعهم داخل المدينة، بالتزامن مع تقدم القوات الكردية وقوات الجيش السوري الحر التي تقاتل إلى جانبها ضد التنظيم، وبموازاة تكثيف التحالف الدولي للحرب على الإرهاب غاراته الجوية على تلك المناطق. وأشار إلى «تحليق مروحية أباتشي أميركية في أجواء المنطقة الشرقية من المدينة، ما يعني أن سلاح الدعم الميداني للتحالف الذي يتمثل بالمروحيات الهجومية دخل على خط المعركة، لأول مرة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، علمًا بأن الغارات الجوية الكثيفة ألزمت (داعش) على الانكفاء، ومنعتهم من المقاومة».
وقال الرقاوي إن «الوضع في تل أبيض قارب على النهاية»، لافتًا إلى أن المقاتلين الأكراد «يتقدمون من الجهتين الغربية والشرقية، بينما لا يزال الخط مفتوحًا من الجهة الجنوبية باتجاه مدينة الرقة». وأضاف: «طيران التحالف لم يغادر سماء المدينة منذ 3 أيام، وقصف في شرقها وغربها وأطرافها».
وتقدمت وحدات حماية الشعب الكردي مساء السبت نحو تل أبيض وباتت على بعد 5 كلم من المدينة التي تقع في محافظة الرقة معقل التنظيم، كما تمكنت القوات من السيطرة على 20 قرية على الأقل تقع إلى جنوب غربي المدينة، بحسب المرصد السوي لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن «القوات باتت على المشارف الشرقية للمدينة»، لافتًا إلى أن «الجبهة الجنوبية الغربية هي الأصعب نظرا لاكتظاظها بالسكان». وتمكنت القوات الكردية من قطع الطريق المؤدية إلى شرق مدينة تل أبيض بعد أن قامت بطرد جهاديي التنظيم من مدينة سلوك المجاورة.
وانعكست التطورات العسكرية على رفع نسبة النزوح من المدينة باتجاه الأراضي التركية، إذ أكد الرقاوي أن «الناس تترك بيوتها، رغم تطمينات غير كافية صدرت عن المقاتلين الأكراد وقوات الجيش السوري الحر المشاركة في العملية». وأشار إلى أن قرى شرق تل أبيض «باتت خالية تماما من المدنيين، واقترب كثيرون من المعبر الحدودي، وكانوا يدخنون في الشارع، ما يعني انكفاء (داعش) من المنطقة، قبل أن يعود مقاتلو التنظيم ويجبروا المدنيين على العودة إلى المدينة ويتخذوهم دروعًا بشرية لمنع طائرات التحالف من قصف مواقعهم داخلها». وقال إن هذه الموجة الجديدة من النزوح «جاءت بعد أسبوع على نزوح آلاف المدنيين من القرى الكردية، إذ أجبر التنظيم السكان على النزوح باتجاه تدمر، مانعا إياهم من المغادرة باتجاه حلب أو الرقة». ويقيم في المدينة، التي تعرضت لسقوط 6 قذائف مصدرها المقاتلون الأكراد أمس، 40 ألف مدني. ونزح آلاف السكان الأكراد والعرب من هذه المدينة هربا من أعمال العنف، آملين بالحصول على لجوء في تركيا، لكنّ اللاجئين كانوا لا يزالون عالقين صباح الأحد وينتظرون أمام السياج الشائك، بينما تمنع الشرطة التركية اللاجئين من الاقتراب مستخدمة خراطيم المياه والطلقات التحذيرية لمنعهم من دخول الأراضي التركية حسب ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
وقضى اللاجئون من تل أبيض ليلتهم عالقين بين المعارك والسياج الشائك دون مأوى. ويمكن سماع أصواتهم من الطرف التركي وهم يطلبون المساعدة، وبعضهم يحمل زجاجات الماء الفارغة طلبا للماء بينما تجاوزت درجة الحرارة أثناء النهار منتصف الثلاثينات. وعلى الجهة الغربية الشمالية من المنطقة الحدودية، نصبت نحو 35 خيمة لإيواء العائلات النازحة بالقرب من مدينة عين العرب (كوباني) التي خرج منها التنظيم في يناير (كانون الثاني). ناشد الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا ريدور خليل المدنيين بعدم النزوح نحو الحدود التركية، ولكن باتجاه المدن داخل سوريا. وبقي قسم من السكان في مدينة تل أبيض التي لا يزال فيها نحو 150 مقاتلا من التنظيم الذين هددوا بالانسحاب ما لم يتلقوا تعزيزات من الرقة «عاصمة» الخلافة التي نصب التنظيم نفسه وليا عليها.
وأشار مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إلى أن «قادة التنظيم لن يتمكنوا من إرسال إمداداتهم لأن غارات التحالف الدولي تستهدف أرتال التنظيم».\
من جهته، أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس (الأحد)، عن قلقه من تقدم القوات الكردية في منطقة تل أبيض، شمال سوريا، مشيرا إلى أنها قد تشكل تهديدا لتركيا في المستقبل. وقال إردوغان إنه يتم استهداف عرب وتركمان خلال تقدم القوات الكردية، مؤكدا أن تركيا استقبلت نحو 15 ألفا منهم الأسبوع الماضي، قبل إغلاق الحدود.
وأضاف أن مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وحزب العمال الكردستاني يسيطرون على الأماكن التي يغادرها اللاجئون. وقال للصحافيين من بعض وسائل الإعلام التركية، على متن طائرته الرئاسية أثناء عودته من أذربيجان: «هذا ليس مؤشرا جيدا». وتابع: «قد يؤدي ذلك إلى إنشاء كيان يهدد حدودنا. على الجميع أن يأخذ بالاعتبار حساسيتنا تجاه هذا الموضوع». ولم يعلق إردوغان بشكل مباشر على إغلاق الحدود أمام اللاجئين.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.