أزمة الحدود الهندية ـ الصينية تصل لطريق مسدود

الصين تحذر من نفاد صبرها ... وخبراء قلقون من لهجتها

الرئيس الصيني مع رئيس وزراء الهند خلال قمة {بريكس} الماضية (رويترز)
الرئيس الصيني مع رئيس وزراء الهند خلال قمة {بريكس} الماضية (رويترز)
TT

أزمة الحدود الهندية ـ الصينية تصل لطريق مسدود

الرئيس الصيني مع رئيس وزراء الهند خلال قمة {بريكس} الماضية (رويترز)
الرئيس الصيني مع رئيس وزراء الهند خلال قمة {بريكس} الماضية (رويترز)

المناورات الدبلوماسية التي جرت خلف الكواليس لتهدئة التوتر بين الهند والصين في منطقة حساسة استراتيجياً في الهملايا وصلت «إلى طريق مسدود»، حسب أحد المصادر المطلعة على المحادثات بين العملاقين الآسيويين. وأضاف المصدر، أن «لا حركة على الإطلاق في الوقت الراهن». ومنذ أكثر من شهر تسود حالة توتر شديدة بين القوات الهندية والصينية المنتشرة في هضبة نائية في الهملايا، حيث تلتقي التيبت والهند وبوتان.
الهضبة تتمتع بأهمية استراتيجية؛ كونها تمنح الصين منفذا إلى معبر ضيق يطلق عليه اسم «عنق الزجاجة» يربط ولايات شمال شرقي الصين بباقي مناطق البلاد.
وتصر الصين على أن تسحب الهند جنودها من هضبة دوكلام التي تطالب بكين وحليفة الهند بوتان بالسيادة عليها. وقال مصدر على صلة وثيقة بحكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، كما جاء في تقرير وكالة «رويترز»: إن مساعي الهند الدبلوماسية لحل أزمة عسكرية مستمرة منذ سبعة أسابيع مع الصين وصلت لطريق مسدود؛ الأمر الذي دفع وسائل الإعلام الصينية المملوكة للدولة إلى الحديث عن «إجراءات مضادة لا مفر منها» في منطقة الحدود غير المرسومة. وأضاف المصدر، أن الصين لم ترد على اقتراح الهند خلال المحادثات بأن تسحب بكين قواتها 250 مترا للخلف في المقابل. وكانت قد ردت الصين باقتراح أن تتحرك 100 متر فقط للخلف. لكن لم يكن هناك أي رد منذ ذلك الحين باستثناء تحذيرات الصين المتزايدة من التصعيد في المنطقة التي تسميها دونغلانغ.
يعود انعدام الثقة بين الجارين العملاقين لعقود مضت وخاضا حربا وجيزة عام 1962 في ولاية أروناشال براديش الحدودية الهندية.
وفي بكين، لم ترد وزارة الخارجية، التي دعت الهند مرارا للانسحاب، على طلبات للتعقيب على وضع المحادثات، كما قالت «رويترز» في تقريرها أمس. ودخل جنود هنود دوكلام في منتصف يونيو (حزيران) لمنع طاقم إنشاءات صيني من العمل على طريق يقول الجيش الهندي إنه سيجعل الجيش الصيني أقرب مما ينبغي في المنطقة الشمالية الشرقية. ويقول خبراء عسكريون، إن المواجهة بينهما منذ ذلك الحين هي الأكثر خطورة منذ مواجهتهما السابقة، في حين نشر الجانبان آلاف الجنود في مناطق أخرى على طول الحدود بينهما والتي يبلغ طولها 3500 كيلومتر.
وقالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية التي تديرها الدولة أمس الثلاثاء: إن الصين نأت بنفسها عن العمل العسكري على أمل احتكام الهند للعقل. وأضافت الصحيفة، التي اتسمت مقالاتها بالعدائية «إذا واصلت حكومة ناريندرا مودي تجاهل التحذير بشأن وضع يخرج عن السيطرة فلن يكون هناك مفر من إجراءات مضادة من جانب الصين».
وحذر الأسبوع الماضي المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، رن قانغ يان، من أن بكين مارست ضبط النفس، لكن «للصبر حدودا». وقال في تصريحات نشرت على موقع الوزارة الإلكتروني «لا ينبغي أن تستخف أي دولة بعزم القوات الصينية وإرادتها في الدفاع عن سيادتها الوطنية».
وتكاد هذه التصريحات أن تكون مطابقة حرفيا لما أعلنته وزارة الخارجية ووكالة الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية وصحيفة «الشعب» اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم والموقع الإلكتروني للقوات الصينية المسلحة الذي ينشر الأخبار العسكرية الرسمية ووسائل إعلام أخرى. إذ أصدرت وزارة الخارجية وثيقة من 15 صفحة تتضمن «حقائق» عن الخلاف الحدودي، وتشمل خريطة للتوغلات المفترضة، وصورا لما قالت إنهم جنود هنود وآليات عسكرية على الجانب الصيني من الحدود. وطالبت الخارجية بانسحاب «فوري وغير مشروط» للقوات الهندية، محذرة من أن بكين «ستتخذ التدابير الضرورية كافة» لحماية مصالحها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ: إن الهند تقوم بشق طرق وتخزين سلع ونشر عدد كبير من القوات في المنطقة. وأضاف: «إنها بالتأكيد ليست لأغراض السلم».
وقال رئيس كلية الأمن القومي بجامعة أستراليا الوطنية، روري مدكالف، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن التصعيد الأخير للهجة الصين «مثير للقلق حقا». وأضاف: «إنه يلمح بأن المحادثات الدبلوماسية بما فيها تلك التي تجري بين مستشارين كبار في الأمن القومي، تفشل في التوصل لطريقة تسمح للدولتين بسحب قواتهما بطريقة لا تضر بصورتيهما». ورغم الحرب الكلامية المستعرة خفف محللون آخرون من احتمال وقوع نزاع مسلح.
وقال نائب عميد معهد الدراسات الدولية بجامعة فودان، شن دينغلي، لوكالة الصحافة الفرنسية «إن مغزى هذه التصريحات لا يعني أن الحرب وشيكة؛ بل إنها محاولة لاستكشاف سبل عدم شن حرب دون التأثير على سمعتهما». وأضاف: «أيا من الطرفين لا يريد الحرب، لكن الصين والهند تتصرفان كطفلين تعيسين».
وكانت قد أطلقت الصين برنامجا كبيرا للبنية التحتية باسم مبادرة «حزام واحد، طريق واحد» تقدمها على أنها سياسة تنمية سلمية لربط الشركات الصينية بأسواق جديدة حول العالم.
وينظر المنتقدون إلى تلك المبادرة على أنها مناورة جيوسياسية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.