مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

مثقف الأمراء وأمير المثقفين

تشرفت عندما أهداني الأمير خالد الفيصل كتابه: «إن لم، فمن»؟!
الواقع أن أول ما لفت نظري هو العنوان الفريد، الذي يبعث على التساؤل والتفكير.
والكتاب ليس مذكرات ولا قصة حياة أو تجربة أو دعوة أو عبرة، لكنه كلها مجتمعة.
بدأت منذ ولادته بمكة، وتنقلت في مراحله الدراسية إلى أن تخرج من جامعة «أكسفورد»، ويورد سؤالاً طرحه عليه أستاذ الفلسفة هناك قائلاً: ما أهم ما يجب على الدولة؟!، ويقول خالد: خشيت أن أقول «الأمن» فيقول: أنتم العرب متسلطون، فقلت «الغذاء»، فنظر لي مبتسماً وقال: لا، إنه الأمن.
وأول عمله كان في رعاية الشباب، وهو الذي أطلق فكرة «بطولة الخليج»، وكان ذلك أول تعاون خليجي تحول فيما بعد إلى عمل سياسي، تمثل في «مجلس التعاون». ثم عمل في إمارة عسير، وكان أول من طرح فكرة السياحة؛ لهذا أنشئت كلية لها، وأنشئ مشروع مراكز النمو، ومشاريع الطرق السريعة، والكهرباء، وكادت تجهض السياحة حركة «الفكر الضال».
وأورد بيتين من الشعر يقول فيهما:
عوى الذيب يا ساري عوى ذيبها حذرا
يرد الظلام عواه لضلوع صياح
ترى الليل قمارى وعقب القمر غدرا
ومن طاوله مسراه ذهب له سلاح
وبعدها انتقل أميراً لمنطقة مكة المكرمة، ويقول: حدد لي الأهالي مطالبهم في حل ثلاث مشاكل: بحيرة المسك، مرمى النفايات، انقطاع الكهرباء والماء.
فأجبتهم ممازحاً: هل هذا يعني إذا تمت أتوكل على الله وأرحل؟!
غير أنه أنجز في عهده على سبيل المثال لا الحصر: جامعة الملك عبد الله للعلوم، ميناء الملك عبد الله الاقتصادي، مطار الملك عبد العزيز، قطار الحرمين، وأخيراً وليس آخراً توسعة مكة حتى شواطئ البحر، والطائف الجديدة.
وفي سنة واحدة انتقل وزيراً للتعليم، ومن أعظم بصماته أو طموحاته، هو تركيزه على المشاريع التالية:
الاعتماد على الأسلوب الحديث للتعليم، بناء مدارس حديثة، ابتعاث خمسة وعشرين ألف معلم في دورات تدريبية في البلاد المتطورة، الانتباه للمناهج لتتوافق مع النقلة الحديثة.
وإليكم هذه الكلمات التي خطها يراعه وتستحق أن تكتب بماء الذهب، حيث يقول: يجب علينا اليوم أن نطرح نهجاً جديداً في كل يوم، فقد تغير العالم، وتغيرت أساليب الفكر والحياة، هناك فكر جديد، وتحول جديد، وعالم جديد، وصناعة جديدة، وحضارة جديدة، وسياسات جديدة، إما أن نساير الركب وإلاّ فالتخلف مصيرنا.
هناك كلام كثير من الممكن أن يقال عن هذا الكتاب الشامل، لكن دعوني أن أختم بهذه الأبيات لخالد:
الساعة خمسة وعشرين
لا تحسب الوقت بدري
من لا يسابق زمانه
يقعد والأيام تجري
يا داله ما تنبّه
الساعة خمسة وعشرين