اتهامات للانقلاب بمخالفات جسيمة ضد المعتقلين

رئيس الحكومة يدعو المجتمع الدولي إلى التدخل

TT

اتهامات للانقلاب بمخالفات جسيمة ضد المعتقلين

اتّهمت جهات حكومية واجتماعية جماعة الحوثي والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين، مطالبين المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بالضغط على الانقلابيين لإطلاق سراح المختطفين.
وكشفت رابطة أمهات المعتقلين لـ«الشرق الأوسط» عن أن أصناف التعذيب التي يتعرضون لها تشمل إطلاق الرصاص الحي على المعتقلين، وإصابتهم في الأطراف، وسجنهم في حفر ضيقة ليناموا وقوفا مجبرين على وضعية محددة، وحقن بعضهم بعقاقير دون استشارة طبية.
وأمام ذلك، دعا رئيس مجلس الوزراء، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى ضرورة القيام بمسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية والضغط على الميليشيات الانقلابية التابعة للتمرد الحوثي وصالح لإطلاق سراح المختطفين الأبرياء، والمعتقلين السياسيين وغير السياسيين. وندد رئيس الوزراء بالممارسات غير الإنسانية التي يتعرض لها المعتقلون داخل سجون التمرد في صنعاء وعدد من المحافظات غير الخاضعة للشرعية في اليمن، كما أدان استمرار اعتقال الآلاف من السياسيين والناشطين والإعلاميين. وقال إن الحكومة تبذل كل المساعي والجهود للتوصل إلى إطلاق سراح كل المعتقلين، مضيفا أنها سلمت الصليب الأحمر كشوفات بالأسماء وطلبت العمل على إطلاق سراحهم. وأشاد بن دغر بالجهود التي تقدمها رابطة أمهات المعتقلين، داعيا إلى بذل مزيد من القوة والصبر في مواجهة صلف الانقلابين، ونبذ كل أشكال العنف والاضطهاد.
في السياق ذاته، أكد لـ«الشرق الأوسط» وزير حقوق الإنسان في اليمن، الدكتور محمد عسكر، استمرار قوات علي عبد الله صالح والميليشيات الحوثية في ارتكاب جرائم جسيمة بحق الأبرياء، واصفا ما يقدم عليه التمرد بأنه انتهاك للقانون الدولي الإنساني. وقال إن الميليشيات الانقلابية انتهجت أساليب إجرامية في التعامل مع آلاف الأبرياء في سجونها، دون مراعاة لحالتهم الصحية، أو ظروف أسرهم النفسية الذين يبحثون عنهم قرابة عامين، ودون الحصول على معلومات تفيد بمصيرهم، أو مصير السجناء السياسيين، العسكريين والناشطين المدنيين والصحافيين والمفكرين الذي وقفوا في وجه الانقلاب. وأكد الوزير اليمني أنه حمل رسالة من أسر المعتقلين والمخفيين قسرا إلى الصليب الأحمر الدولي، مفادها بتأكيد المطالبة بالكشف عن مصير ذويهم وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، مثمنا جهود الصليب الأحمر التي يبذلها في تقديم المساعدات الطبية للجرحى في مناطق الصراع في مختلف المحافظات. ولفت إلى أن حالات الاختطاف والاعتقال التعسفي بلغت في العام الجاري ألفا و930 حالة، منها أكثر من 400 حاله إخفاء قسري، وهو ما يجعل العام الحالي الأعلى من ناحية الاختطافات، حيث كانت حصيلة الاختطافات والإخفاء القسري منذ بداية الانقلاب 18 ألفا و734 مختطفا.
كما أشار وزير حقوق الإنسان إلى أن الميليشيات أقدمت على تفجير منازل المناوئين لها، التي بلغ عددها هذا العام 64 منزلا، كانت الحصة الأكبر في محافظة إب ثم تعز والضالع علاوة على عمليات النهب والاقتحام وإغلاق متاجر. وأكد الوزير استعداد الحكومة التام لمد يد العون والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإنجاز مهامها، وتسهيل أعمال فرقها الميدانية من خلال مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العاصمة المؤقتة عدن، مشددا على أن خطوة من هذا النوع من شأنها إماطة اللثام وكشف قبح الوجوه التابعة للمخلوع والتمرد.
في هذه الأثناء، أعلن 491 صحافيا وإعلاميا من أحرار اليمن رفضهم عمليات الاختطاف والإخفاء القسري الممنهج من قبل قوات التمرد على الشرعية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وجاء في البيان أن الصحافيين اليمنيين «يتابعون بقلق بالغ استمرار اعتقال زملاء لهم منذ أكثر من عامين وإخفائهم قسرا دون الكشف عن مصيرهم، لمجرد كونهم يحملون صفة المهنة الصحافية، والذي تزامن أيضا مع تعرض كثير من الصحافيين للمضايقات المستمرة والتهديدات المتتالية، بغرض منعهم عن أداء مهامهم الوطنية، خصوصا في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها وطننا الغالي».
وركز البيان على أن «الصحافيين اليمنيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ومن مواقع أعمالهم يدينون بأشد العبارات كل تلك الإجراءات التعسفية التي تتزايد يوما بعد آخر، ويطالبون بالإفراج الفوري عن جميع الصحافيين المعتقلين وإلغاء جميع الإجراءات الظالمة بحقهم، كونهم تعرضوا للاعتقالات التعسفية والقسرية منذ مطلع 2015. كما نطالب بسرعة توفير العناية الصحية لجميع المعتقلين، ونقلهم إلى المشافي لتلقي العلاج ومنحهم الرعاية الطبية المناسبة، خصوصا بعد تداول أنباء عن تدهور صحة كثير منهم نتيجة الإهمال والتعذيب».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.