غرامة «إكسون موبيل» من الخزانة الأميركية... بداية وليست نهاية

سجال مع الشركة منذ سنوات

TT

غرامة «إكسون موبيل» من الخزانة الأميركية... بداية وليست نهاية

فرضت وزارة الخزانة الأميركية على شركة «إكسون موبيل» غرامة قدرها مليونا دولار خلال الأسبوع الحالي بسبب مخالفتها للعقوبات المفروضة على روسيا، لكن لا يمثل هذا المبلغ سوى نقطة في بحر الأرباح التي حققتها شركة النفط العام السابق، التي بلغ حجمها 7.8 مليار دولار. مع ذلك قررت شركة «إكسون» خوض معركة قانونية قد تضع اجتماعات مجلس وزراء الرئيس ترمب في موقف محرج.
كان ريكس تيلرسون، الذي يشغل منصب وزير الخارجية حالياً، الرئيس التنفيذي لـ«إكسون» وقت القيام بتلك الأفعال التي باتت موضعاً للخلاف ومثار الجدل عام 2014. تقاضي شركته السابقة وزارة الخزانة، وستيفن منوتشين، وزير الخزانة، أملاً في التراجع عن العقوبة، واستعادة سمعة الشركة الناصعة.
تسبب هذا الصدام في ظهور علامة شيخوخة أخرى على المؤامرة، التي سيطرت على تفكير واشنطن خلال حكم ترمب، وأثارت عجب البعض وتساؤلهم عن سر خوض «إكسون» معركة حول مبلغ ضئيل تافه في ظل تصاعد الغضب السياسي تجاه روسيا.
يقول بيتر كيوسيك، مسؤول سابق في مكتب إدارة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة: «إنها دينامية مذهلة تواصل الحركة حتى النهاية. من الصعب كتابة مثل هذا الموقف».
يبدو أن التفسير المنطقي لهذه القضية يتجاوز التأثير المالي للغرامة، حيث تشعر شركة «إكسون» بأن سمعتها على المحك، وأن هناك تهديداً بفرض المزيد من العقوبات، التي قد تكون أكبر من العقوبة السابقة.
الجدير بالذكر أن وزارة الخزانة في سجال مع شركة «موبيل» لسنوات حول إمكانية قيام الشركة بأعمال مع روسيا. وقد حاولت إدارة ترمب أخيراً أن تظهر معدنها الحقيقي وشجاعتها من خلال الإعلان عن مجموعة من العقوبات وسط مخاوف من تخفيف ترمب للعقوبات التي تم فرضها بالفعل. في الوقت ذاته، يهدد الكونغرس، الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري، بزيادة العقوبات على روسيا، وهو ما يمكن أن يكلف صناعة الطاقة مليارات الدولارات.
جوهر هذا النزاع هو التساؤل عما إذا كانت شركة «إكسون» قد خالفت العقوبات من خلال توقيعها على ثمانية عقود مع شركة «روزنفت» الروسية التي تعمل في مجال النفط، في مايو (أيار) 2014 أم لا. قام بالتوقيع على العقود إيغور سيتشين، الرئيس التنفيذي للشركة الروسية، ممثلا لها، وكان قد تم إدراجه على القائمة السوداء لوزارة الخزانة قبل شهر من تاريخ التوقيع.
تقول «موبيل» إنها تلقت توجيهاً أكد أنه لا توجد أي مشكلة في توقيع سيتشين على تلك العقود بصفته الرسمية ما دامت الشركة لم تكن لها أعمال معه بصفته الشخصية. أشارت «إكسون» إلى إفادات مسؤولين في البيت الأبيض ومقالات، منها مقال نشر في صحيفة «نيويورك تايمز» ذلك العام، أعطت انطباعاً بأن وضع الشركة سليم. وصرح مسؤول في وزارة الخزانة لصحيفة «نيويورك تايمز» في أبريل (نيسان) 2014 قائلاً: «لا يحظر على المواطنين الأميركيين التعامل مع (روزنفت) بما في ذلك المشاركة في اجتماعات مع الشركة في الخارج». وناقشت الشركة الموقف مع وزارة الخزانة بشكل مباشر في عام 2015، لكن بحسب «إكسون» لم تتلق الشركة أي إفادات أخرى لمدة عام. وفي العام الماضي، أشارت وزارة الخزانة إلى تعليقات صادرة عن مسؤولين في البيت الأبيض، ووزارة الخزانة في الصحافة لم تمنح شركة «إكسون» التصريح لمواصلة العمل، بل أشارت الوزارة إلى توجيه تم نشره على موقعها الإلكتروني يحذر الشركات من إبرام تعاقدات مع الأفراد المفروض عليهم عقوبات.
ورفضت «إكسون»، اعتقاداً منها أنها التزمت بالتوجيه الذي صدر لها، الاعتراف بأنها قد خالفت العقوبات وتستحق العقوبة. وقال آلان جيفرز، متحدث باسم «إكسون»: «السؤال هو: هل وزارة العدل الأميركية ستدافع عن موقف هيئة تقول إنه لا ينبغي أن تصغي إلى البيت الأبيض؟ نشعر شعوراً قوياً بأن ما اختاروا القيام به مخالف للقانون».
من جانبها، التزمت وزارة الخزانة الصمت حيال هذا الأمر، لكنها أصدرت وثيقة نفاذ مكونة من ثلاث صفحات تذكر فيها أن المسؤولين التنفيذيين في شركة «إكسون» كانوا يعلمون وضع سيتشين حين انتهجوا سلوكاً تسبب في «ضرر بالغ» لبرنامج العقوبات.
لم تذكر الوزارة ما إذا كان منوتشين مشاركاً في القرار النهائي، وقال مساعدو تيلرسون إنه لم يكن يعلم بالأمر لأنه أعفى نفسه عن أي أمور تتعلق بشركة «إكسون».
وقال ساد ماكبرايد، محامي تجارة دولية في شركة «باس - بيري أند سيمز»: «عليك التساؤل عن المدى الذي يصل إليه هذا الأمر في سلسلة الإدارة في وزارة الخزانة»، مشيراً إلى أن اللغة الحادة بشأن وجود معرفة على مستوى قيادة رفيع بدت موجهة إلى تيلرسون. وأضاف قائلاً: «ليس من المعتاد أن تفعل وزارة الخزانة هذا». عادة ما يكون هناك تنسيق بين وزارة الخارجية، ووزارة الخزانة في الأمور المتعلق بالعقوبات. يوجد في وزارة الخارجية مكتب لسياسات العقوبات الاقتصادية يقدم استشارات إلى مسؤولي الخزانة بشأن السياسة الخارجية. كثيراً ما تعلن الوزارتان عن أي عقوبات جديدة معاً.
على الجانب الآخر، قال خبراء في العقوبات يوم الجمعة إن التفسير الأكثر اتساعاً، الذي قدمته وزارة الخزانة فيما يتعلق بالعقوبات، من شأنه أن يعرض الكثير من الصفقات الأخرى التي أبرمتها الشركات مع «روزنفت» إلى الخطر، وإن نطاق الحكم كان هو ما دفع «إكسون» نحو القتال بهذه الضراوة.
وقال سكوت فليكر، محامٍ في شركة «بول هيستينغز» المتخصصة في العقوبات التجارية، إن للعقوبة آثاراً على أي شركة أميركية تقوم بأعمال مع شركة «روزنفت» أو تفكر في القيام بأعمال معها.
وتساءل فليكر قائلاً: «كيف تقترح أن تعمل (إكسون) مع شركة (روزنفت)، هل من المفترض أن تفصل الأخيرة رئيسها التنفيذي عن العمل؟».
لدى شركة «إكسون» مشروعات في روسيا مسموح بها في إطار العقوبات الأميركية، فضلاً عن مشروعات أخرى يقدّر حجمها بمليارات الدولارات، لن تتمكن من الاستمرار إلا في حال رفع العقوبات.
فازت شركة «إكسون» بالعقد الأهم والأكبر قيمة في البلاد، وهو اتفاق لاستخراج نفط في القطاع الروسي من المحيط المتجمد الشمالي، وقبالة شواطئ البحر الأسود، بعد طرد شركة «بي بي» على خلفية دعوى قضائية أقامها رجال أعمال بارزون روس. وأشارت الحكومة الروسية إلى العقد بأنه اتفاق قيمته 500 مليار دولار.
وقد تطلب الاتفاق في مراحله الأولى من «إكسون» القيام باستثمارات في روسيا، وضخت الشركة 700 مليون دولار من أجل التنقيب في بئر في بحر كارا، التي يقال إنها بئر النفط التي يتم التنقيب فيها في أقصى الشمال.
تمنع العقوبات، التي تضع قيود على منح «روزنفت» قروضاً قصيرة الأجل، «إكسون» من القيام بالمزيد من الاستثمارات. كذلك تمنع العقوبات نقل النفط الصخري، واستخدام التكنولوجيا في التنقيب قبالة شواطئ المحيط المتجمد.
لم تلغ شركة «روسنفت» العقد، وهو ما يعني إمكانية استكمال العمل به في حال رفع العقوبات، مما يفتح مساحات تنقيب جديدة شاسعة أمام شركة «إكسون» في الجزء القريب من روسيا من المحيط المتجمد. على صعيد منفصل، هناك اتفاق مشاركة إنتاج بين «إكسون» و«روسنفت» يقضي بضخ النفط على جزيرة سخالين، قبالة الساحل الشرقي لسيبريا، ولن يتأثر بالعقوبات. وما من شأنه إحباط «إكسون»، وغيرها من الشركات الأميركية العاملة في مجال الطاقة، من المرجح فرض عقوبات أكثر صرامة رداً على التدخل الروسي في انتخابات 2016. من الممكن أن يمنع التشريع العالق في الكونغرس، في حال إقراره، الشركات الأميركية من استكمال مشروعات الطاقة المشتركة مع شركات روسية مفروض عليها العقوبات في أي مكان في العالم. في الوقت الذي قاوم فيه البيت الأبيض مثل هذا الإجراء، يحظى بدعم الحزبين، وقد يكلف شركات الطاقة مليارات الدولارات.
كذلك أثار الاشتباك بين «إكسون» والحكومة مخاوف وقلقاً في مجال الطاقة. قالت ميغان بلومغرين، متحدثة باسم «معهد البترول الأميركي»، وهي من جماعات الضغط: «تدرك الصناعة جيداً استخدام العقوبات الموجهة على الكيانات الأجنبية من أجل مصلحة الأمن القومي، لكن حين تفرض الحكومة الأميركية حظراً، يجب أن تقدم توجيه واضح يمكّن الشركات من الالتزام به. الاتساق وإمكانية التوقع عنصران مهمان لتفادي أي تأثير ضار على الاستثمار».

* خدمة «نيويورك تايمز»



الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
TT

الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)

قال نائب مدير اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية في الصين يوم السبت إن اقتصاد الصين من المتوقع أن ينمو بنحو 5 في المائة هذا العام. وأضاف هان وين شيو في مؤتمر اقتصادي أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيُسهم بنحو 30 في المائة من النمو العالمي. وأشار هان، الذي يشغل أيضاً منصب مسؤول كبير في الحزب الشيوعي الحاكم، إلى ضرورة تعزيز الاستهلاك واعتبار توسيع الطلب المحلي خطوة استراتيجية طويلة الأجل، حيث من المتوقع أن يصبح هذا الطلب القوة الدافعة الرئيسة للنمو الاقتصادي.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن خطط لزيادة إصدار الديون وتخفيف السياسة النقدية للحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستقر، استعداداً لمواجهة مزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة في ظل احتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. كما أوصى مستشارو الحكومة بالحفاظ على هدف نمو يتراوح حول 5 في المائة للعام المقبل، وفقاً لتقرير «رويترز» الصادر الشهر الماضي.

وبينما تتوقع سوق الأسهم انتعاش الاستهلاك في الصين، يراهن مستثمرو السندات على استمرار التحديات الاقتصادية. وأكد هان أن سياسة مالية نشطة إلى جانب سياسة نقدية أكثر تساهلاً ستساعد الصين على التكيف بشكل أفضل مع العوامل غير المستقرة وغير المؤكدة في الاقتصاد، مما يوفر دعماً قوياً لتحقيق الأهداف السنوية.

وفيما يتعلق بالاحتياطات المالية، أوضح هان أن احتياطيات النقد الأجنبي في الصين من المتوقع أن تظل فوق 3.2 تريليون دولار هذا العام، مع الاستمرار في استقرار مستويات العمالة والأسعار.

على صعيد آخر، أظهرت البيانات الرسمية التي أصدرها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) ارتفاعاً في القروض المقومة باليوان بمقدار 17.1 تريليون يوان (نحو 2.38 تريليون دولار) خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2024.

وأشارت البيانات، التي نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، إلى زيادة في مؤشر «إم 2»، الذي يُعتبر مقياساً واسع النطاق للمعروض النقدي ويشمل النقد المتداول وجميع الودائع، بنسبة 7.1 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 311.96 تريليون يوان بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

في المقابل، بلغ مؤشر «إم 1»، الذي يغطي النقد المتداول والودائع تحت الطلب، 65.09 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي.

أما مؤشر «إم 0»، الذي يعكس حجم النقد المتداول، فقد ارتفع بنسبة 12.7 في المائة مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 12.42 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، وفقاً للبيانات الصادرة عن البنك المركزي الصيني.

وفيما يخص القروض المستحقة باليوان، فقد بلغت 254.68 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، بزيادة قدرها 7.7 في المائة على أساس سنوي.

كما أظهرت البيانات أن التمويل الاجتماعي المستحق بلغ 405.6 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً زيادة بنسبة 7.8 في المائة على أساس سنوي.