الأوقاف الإسلامية تراجع الإجراءات الإسرائيلية قبل قرار الصلاة في الأقصى

بعد إزالة البوابات الإلكترونية واستبدال منظومة مراقبة حديثة بها تركب لاحقاً

المدخل الرئيسي للأقصى كما بدا بعد إزالة البوابات الإلكترونية فجر أمس (أ.ف.ب)
المدخل الرئيسي للأقصى كما بدا بعد إزالة البوابات الإلكترونية فجر أمس (أ.ف.ب)
TT

الأوقاف الإسلامية تراجع الإجراءات الإسرائيلية قبل قرار الصلاة في الأقصى

المدخل الرئيسي للأقصى كما بدا بعد إزالة البوابات الإلكترونية فجر أمس (أ.ف.ب)
المدخل الرئيسي للأقصى كما بدا بعد إزالة البوابات الإلكترونية فجر أمس (أ.ف.ب)

قالت المرجعيات الدينية في مدينة القدس إنها تراجع الإجراءات الإسرائيلية حول المسجد الأقصى، بعد إزالة إسرائيل البوابات الإلكترونية التي وضعتها قبل نحو أسبوع ونصف الأسبوع، وفجرت أزمة غير مسبوقة شهدت مواجهات، وخلفت قتلى وجرحى ومعتقلين.
وشكلت المرجعيات الدينية لجنة فنية لفحص الإجراءات الإسرائيلية داخل المسجد وخارجه، وتقديم تقرير متكامل قبل اتخاذ قرار يتعلق بالعودة إلى الصلاة داخل المسجد، أو مواصلة الصلاة على بواباته.
وصلى المسلمون لليوم الـ11، أمس، على بوابات المسجد، على الرغم من إزالة البوابات الإلكترونية بانتظار قرار المرجعيات.
وقال مفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين: «سنتخذ القرار حول الدخول إلى المسجد على ضوء تقرير اللجان الفنية التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية»، وأضاف: «القرار كبير وصعب، وننتظر الحيثيات في تقرير اللجان».
وتريد المرجعيات التأكد من أن جميع الإجراءات الإسرائيلية التي اتخذت بعد الـ14 تمت إزالتها، كما تريد فحص جميع الإجراءات التي اتخذت داخل المسجد الأقصى خلال الفترة الماضية، إذ استفرد الإسرائيليون بالمسجد، حيث لا يوجد موظفو الأوقاف، الجهة المسؤولة عن المسجد.
وأزالت إسرائيل، فجر أمس، البوابات الإلكترونية، وكذلك كاميرات كانت قد ركبتها على جسور حديدية، لكنها أبقت على الجسور والمسارات. وقالت مصادر إسرائيلية إنه سيتم تفكيكها كذلك، واستبدالها بمنظومة مراقبة متطورة، إثر قرار الكابنيت الإسرائيلي (المجلس الأمني والسياسي المصغر). وقال بيان للمجلس: «إن إسرائيل قررت إزالة أجهزة الكشف عن المعادن التي وضعتها عند مدخل الحرم القدسي في مدينة القدس القديمة يوم الثلاثاء، واستخدام وسائل مراقبة ذكية أقل لفتاً للانتباه». وأضاف البيان أن كبار الوزراء قرروا التحرك بناء على توصية أجهزة الأمن، والاستعاضة عن أجهزة الكشف عن المعادن بوسائل «فحص ذكية».
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن هناك خططاً لشراء أنظمة كاميرات مراقبة متقدمة، وإن المشروع سيستغرق 6 أشهر، وسيكلف 100 مليون شيقل (نحو 28 مليون دولار).
وعمل رجال الشرطة والأمن الإسرائيليين، منذ ساعات الفجر حتى صباح أمس، على إزالة بوابات التفتيش. وانتهت أزمة البوابات الإلكترونية تحت ضغط شعبي متواصل، ومقاطعة فلسطينية رسمية، شملت وقف التنسيق الأمني والمدني، وبوادر أزمة دبلوماسية مع المملكة الأردنية، التي تحظى بالوصاية على المقدسات في القدس.
وتدخلت الولايات المتحدة بشكل حثيث في الساعات الأخيرة، لحل مجموعة أزمات إسرائيل، بما في ذلك مشكلة سفارتها في الأردن.
وقال السفير الأميركي في تل أبيب، ديفيد فريدمان، إن الولايات المتحدة عملت بشكل حثيث لمنع تدهور الأوضاع، وأضاف: «كان لنا ضلع كبير في تهدئة الأوضاع المتفجرة»، وتابع: «من دون كثير من الضجة، ولكن مع عمل شاق كبير خلف الكواليس، توصلنا إلى حل لتهدئة الأوضاع المتفجرة».
ولم يعرف موقف المرجعيات من الدخول للأقصى حتى وقت متأخر أمس، لكن بياناً صدر عنها حث على الوحدة الوطنية، وثمن وقفة أهل القدس، ونعى «الشهداء»، وتمنى الشفاء للجرحى، وإطلاق سراح المعتقلين، أعطى إشارات حول انفراجه محتملة.
واجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع المفتي محمد حسين، ومحافظ القدس الوزير عدنان الحسيني، ورئيس الوزراء رامي الحمد الله، لبحث آخر التطورات في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك.
وقرر عباس عقد اجتماع للقيادة الفلسطينية في وقت متأخر أمس، بدل اليوم الأربعاء.
وقال الحمد الله، قبل الاجتماع، إن القيادة الفلسطينية تحمل الحكومة الإسرائيلية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن المساس بالمسجد الأقصى المبارك. ورفض الحمد الله إجراءات الاحتلال الرامية إلى تهويد معالم المدينة المقدسة بذرائع أمنية مختلفة، مؤكداً على الحق التاريخي والقانوني في المسجد الأقصى، وأعلن عن البدء بصرف 25 مليون دولار لدعم صمود المواطنين والتجار والطلاب والجامعات والمؤسسات الفلسطينية في القدس.
وقررت الحكومة، أمس، رصد مبلغ 15 مليون دولار لدعم قطاع الإسكان، وترميم وإعمار بيوت في القدس، من أصل المبلغ الذي قرره الرئيس عباس للقدس، البالغ 25 مليون دولار، وصرف مبلغ ألف دولار شهرياً لمدة 3 أشهر لتجار البلدة القديمة، ودفع الأقساط الجامعية للفصل الأول المقبل للطلاب الجامعيين في البلدة القديمة، وكذلك تغطية فاتورة الكهرباء عن مواطني القدس القديمة كافة، عن شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وصرف مكافأة مقطوعة بقيمة ألف شيقل لحراس المسجد الأقصى المبارك. كما قررت الحكومة صرف نصف مليون دولار لمراكز جامعة القدس في البلدة القديمة، إضافة إلى دعم المؤسسات الثقافية وقطاع الثقافة في القدس، وصرف 5 آلاف دولار لكل مؤسسة من مؤسسات الإسعاف والطوارئ في القدس، ودعم مشفيي المقاصد والمطلع بمبالغ تقررها الظروف الخاصة بالمدينة.
وجاءت قرارات الحكومة في جلسة عقدت هذه المرة في القدس، بدل رام الله.
وقال المتحدث الرسمي باسم حكومة الوفاق الوطني، يوسف المحمود، إن اجتماع الحكومة الأسبوعي الذي عقد في مقر محافظة القدس في الرام، جاء بتوجيهات الرئيس محمود عباس، ويشكل رسالة على مدى عمق وتجذر القدس في الوجدان والضمير الوطني والقومي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.