... ومخاوف السوريين تتزايد على وقع المعارك

TT

... ومخاوف السوريين تتزايد على وقع المعارك

مع انطلاق معركة جرود عرسال في البقاع، على الحدود الشرقية اللبنانية، تتجه الأنظار إلى اللاجئين السوريين، وتحديدا أولئك الذي يعيشون في مخيمات خارج سيطرة الجيش اللبناني، وسط أسئلة عن مصيرهم في حال امتدت الاشتباكات إلى حيث يقيمون، إضافة إلى وضع أهالي عرسال الذين يملكون أراضي وأعمالاً في الجرود، ويترقبون مجريات المعركة.
والمخيمات التي تقع خارج سيطرة الجيش هي مخيمات منطقة وادي حميد ومنطقة الملاهي في الجرود. ومنذ أكثر من عامين باتت تلك الواقعة في وادي حميد شبه محاصرة، بعدما منع أن يدخل إليها أي منظمات دولية أو مساعدات أو حتى مواد غذائية، انطلاقا من أن حاجز وادي حميد هو المدخل إلى الجرود. ويصف أحد اللاجئين أشهر فصل الشتاء التي مرّت عليهم بـ«القاسية جدا في ظل الحصار الخانق على المخيمات، ولا سيما بعد منع النساء والأطفال من دخول عرسال للمعاينة الطبية، أو حتى لشراء الحاجيات الضرورية». ولم تسلم أيضا المخيمات من المعركة الأخيرة التي وقعت بين «جبهة النصرة» من جهة و«داعش» على مقربة منها، وقد سقط خلالها عدد كبير من القتلى المدنيين المتواجدين داخلها، وهو الواقع الذي قد يعرضها لأي توتر، أو حتى القصف في أي لحظة، علما بأن المسلحين المتواجدين على مسافة قريبة منها ينتمون إلى «سرايا أهل الشام» المحسوبين على «الجيش الحر».
من هنا، يقول الناشط فادي الخطيب لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد انطلاق معركة جرود عرسال يعيش اللاجئون السوريون حالة من الرعب والخوف من تكرار تجربة معركة عرسال السابقة في العام 2014، التي أدَت إلى احتراق بعض الخيم، وسقوط عدد كبير من الضحايا، تزامناً مع تعذر وصول المنظمات الدولية والمساعدات إلى أماكن تواجدهم؛ إذ تعتبر المساعدات التي تتخطى حاجز وادي حميد مجهولة الهدف والمصير؛ لذلك يتخوف اللاجئون من أن تكون المعركة الحالية شبيهة بسابقتها».
ويضيف: «يقطن اللاجئون في خيم عبارة عن أكياس من النايلون كفيلة بأن تتمزق من جراء أشعة الشمس، فكيف بالبراميل المتفجرة التي يلقيها طيران النظام السوري على منطقتي جرود عرسال وجرود القلمون الغربي؟ وفي حال وقعت قذيفة بعيداً عن الخيم مسافة كيلومتر واحد قد تصيب شظاياها الأهالي وتقتل عددا منهم في غياب أي جدران إسمنتية من شأنها حماية اللاجئين ولو جزئيا». ويشير إلى أن اللاجئين «عاشوا حربا نفسية قبل الحرب العسكرية نتيجة الأخبار التي كانت تتوالى بشكل يومي عن قرب انطلاقها، ولا سيما أنها أتت بعد عمليات الدهم التي نفذها الجيش اللبناني في الفترة الأخيرة، إضافة إلى حملة الاعتقالات التي حصلت في مخيمي الآرية والنور».
ويقول: «الأهالي يشاهدون بأم العين كيف ينفذ الطيران السوري صباحاً ومساءً غاراته على مناطق الاشتباكات، ويسمعون أصوات القذائف التي يطلقها بشكل واضح، إلا أنه لم ينفذ حتى اللحظة أي غارة على منطقة وادي حميد، ومعظم عمليات الطيران متمركزة على منطقة الرهوة ووادي الخيل التي تقع تحت سيطرة (جبهة النصرة). المعارك الآن متركزة في مناطق سيطرة النصرة وهي الرهوة، ووادي الخيل، ومناطق سيطرة (داعش) التي تقع بالقرب من رأس بعلبك وهي الزمراني وجرود آرا».
يذكر أن أهالي القصير الذين يشكلون الغالبية الساحقة من اللاجئين في عرسال كانوا طالبوا الأمم المتحدة بحمايتهم من ارتدادات المعارك التي تجري بالقرب من أماكن المخيمات التي يقطنون فيها، في حين اعتبرت المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، سيغريد كاغ، في السابق أن عرسال هي «خط دفاع عن لبنان وأوروبا».
وكانت وادي حميد تقع سابقاً تحت سيطرة الجيش، لكن تم عزلها عن منطقة عرسال عبر وضع حواجز للجيش على مدخلي منطقة وادي حميد ومنطقة البابين، وهما منطقتان متوازيتان، لتصبح بذلك منطقة معزولة عن الجيش، لكنها بقيت تحت مرمى نيرانه تماماً كمنطقة البابين. وتحتوي منطقة وادي حميد التي تشبه السهل بطبيعتها الجغرافية على عدد كبير من المخيمات، وقد دخل في العام 2015 قسم كبير من اللاجئين من تلك المخيمات إلى منطقة عرسال، في حين بقي القسم الأكبر في داخلها.
ويلفت الناشط في عرسال حسين عمار، إلى «أن بعض الجهات كالصليب الأحمر والجمعية الطبية الإسلامية تعمل على إدخال بعض اللاجئين السوريين الذين كانوا متواجدين ضمن المخيمات المنسية في وادي حميد إلى داخل عرسال لإبعادهم عن مناطق الصراع». وأضاف: «حالياً، يسهل الجيش اللبناني مرور المدنيين من مناطق الصراع باتجاه عرسال عبر حاجز وادي حميد، حيث يتم وضعهم داخل المدارس، في حين فضل بعض اللاجئين الخروج من عرسال إلى مناطق أخرى على الأراضي اللبنانية والمكوث عند أقاربهم».
ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة إلى أهالي عرسال الذين يترقبون مجريات معركة الجرود، حيث أملاكهم وأراضيهم بعدما كان معظمهم قد اضطر إلى هجرها نتيجة سيطرة الفصائل على المنطقة. وفي وقت لم تشهد البلدة التي تعيش حالة من حظر التجول أي تدابير عسكرية جديدة لغاية الآن، لا يزال الجيش متمركزاً في نقاطه السابقة فوق الجبال المطلة على عرسال وعلى الجرود، بحسب ما يشير الناشط في المنطقة حسين عمار.
ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه كان «يسمح لأصحاب المقالع والمناشر والكسارات من أهالي عرسال، بالذهاب إلى أماكن عملهم القريبة من منطقتي وادي الحميد والملاهي، في حين كان يمنع الأهالي الذين يملكون مقالع وكسارات بالقرب من مناطق سيطرة (داعش) و(النصرة) من الوصول إليها، لكن وقبل أيام من انطلاق المعركة قام الأهالي بإدخال وسائل النقل والمعدات التي يملكونها إلى داخل البلدة تحسباً لأي تطورات عسكرية قد تطرأ».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».