مقتل 3 فلسطينيين واعتقال قيادات من «فتح» في «جمعة الغضب»

طعن 3 مستوطنين ولجنة إسرائيلية ـ أردنية لإعادة ترتيب المسؤوليات في الحرم القدسي

قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى اعتدائها على المصلين خارج باحة الأقصى أمس (أ.ف.ب)
قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى اعتدائها على المصلين خارج باحة الأقصى أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل 3 فلسطينيين واعتقال قيادات من «فتح» في «جمعة الغضب»

قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى اعتدائها على المصلين خارج باحة الأقصى أمس (أ.ف.ب)
قوات الاحتلال الإسرائيلي لدى اعتدائها على المصلين خارج باحة الأقصى أمس (أ.ف.ب)

بعد إصرار السلطات الإسرائيلية على محاصرة الحرم القدسي الشريف بعشرات البوابات الإلكترونية الأمنية، وإصرار الفلسطينيين على رفض الدخول عبرها، اندلعت مواجهات شعبية فلسطينية منذ فجر أمس بين المواطنين من جهة، وبين قوات الاحتلال في القدس الشرقية في البداية، قبل أن تنتقل إلى سائر المناطق الفلسطينية فيما بعد ليتحول يوم الجمعة إلى يوم غضب داخل جل الأراضي الفلسطينية.
وأسفرت عمليات قمع المظاهرات وما تبعها من اشتباكات عن إصابة نحو 200 فلسطيني، وعشرات من جنود الاحتلال، ومقتل ثلاثة شبان صغار، وإصابة عشرات الشبان الذين كانت إصاباتهم بليغة.
وأوردت قناة «سكاي نيوز» مساء أمس أن ثلاثة مستوطنين قُتلوا طعناً في مستوطنة حلميش جنوب رام الله، في حين قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية إن شخصين قُتلا طعناً في مستوطنة بالضفة الغربية.
ورغم أن إسرائيل والأردن اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة بينهما، بمشاركة دائرة أوقاف القدس، لوضع ترتيبات تنهي الخلاف، فإن السلطات الإسرائيلية أصرت على التمسك بإجراءاتها العقابية، وقد رد الفلسطينيون بعمليات احتجاج تحت شعار «يوم الغضب لحماية الأقصى».
وكانت بداية شرارة التوتر عندما انتهى مجلس الوزراء الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية اجتماعه بعد منتصف ليلة الخميس، مقررا الإبقاء على كاشفات المعادن في الأقصى، ومنح الشرطة حرية التصرف على ضوء الأوضاع الميدانية. وقد شهد الاجتماع خلافا ظاهرا بين الجيش والمخابرات اللذين اعتبرا وضع البوابات خطوة غير مجدية، ستكون أضرارها أكبر من فوائدها، وبين الوزراء اليمينيين بقيادة بنيامين نتنياهو وقادة الشرطة الذين رأوا أنه يجب اتخاذ موقف صارم يوضح للفلسطينيين أن عملية قتل الشرطيين الإسرائيليين يوم الجمعة الأسبق لن تمر دون عقاب. وعلى هذا الأساس، حشدت الشرطة طيلة ساعات فجر أمس آلافا من عناصرها، ونشرتهم في القدس الشرقية المحتلة وعلى طول الشوارع الفاصلة بينها وبين القدس الغربية، وجلبت حواجز حديدية لإغلاق باب الأسباط، الذي وقعت فيه العملية المسلحة، كما أغلقت الشوارع المركزية للمدينة في وجه السيارات، وضاعفت الحواجز داخل وحول البلدة القديمة، مما اعتبرها الفلسطينيون «حصارا خانقا وإعادة احتلال من جديد».
ولإحكام قبضتها الأمنية على المدينة، قررت الشرطة ألا تسمح للفلسطينيين ما دون سن الخمسين بدخول المسجد الأقصى لإقامة صلاة الجمعة، أو حتى دخول البلدة القديمة، ووضعت حواجز على جميع مداخل القدس لإيقاف الحافلات التي تجلب المصلين المسلمين المواطنين في إسرائيل (فلسطينيي 48) من الوصول إلى القدس، ولم تكتف بذلك فحسب، بل شنت حملة اعتقالات لقيادات ونشطاء مقدسيين من حركة «فتح» بالأساس بعد اقتحام منازلهم في المدينة، ومن بينهم حاتم عبد القادر مسؤول حركة فتح في القدس، وعدنان غيث أمين سر حركة فتح بالقدس، وأمجد أبو عصب رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين، وهاني غيث، وناصر عجاج، وموسى العباسي، ومحمد داود أبو الهوى، وناصر الهدمي، وزهير زعانين.
كما استعانت الشرطة بقوة عسكرية من الجيش قوامها خمس كتائب، تم نشرها في ضواحي القدس، إضافة إلى حالة الاستنفار التي أعلنها الجيش في الضفة الغربية. وفي مواجهة هذه التطورات، أصدرت دائرة الأوقاف الإسلامية قرارا بإغلاق جميع المساجد في أحياء وقرى وبلدات المدينة المحتلة أمس والتوجه لأداء صلاة الجمعة أمام أبواب المسجد الأقصى المبارك، رفضا للبوابات الإلكترونية، كما دعت المرجعيات الدينية والقوى الوطنية التوجه إلى المسجد الأقصى، بدلا من الصلاة في جوامع القرى والأحياء. ونتيجة لذلك احتشد المصلون وأغلقوا الشوارع خلال صلاة الفجر، وأعادوا تكرار المشهد في صلاة الجمعة ظهرا. وفيما دخل المسجد الأقصى بضع عشرات من المواطنين، الذين وافقوا على العبور بالبوابات، كان نحو 150 ألف مصل يقيمون صلاتهم في الشوارع، ومعهم مئات المسيحيين الفلسطينيين المتضامنين. وبعد انتهاء الصلوات راح المصلون يكبرون ويهتفون «بالروح بالدم نفديك يا أقصى»، فيما راحت قوات الاحتلال تحذرهم وتأمرهم بالتفرق، قبل أن تهاجمهم مستخدمة مختلف أدوات القمع، مثل قنابل الغاز المسيل للدموع والمياه العادمة، والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي، ثم الرصاص الحي. وبعد ذلك اندلعت مظاهرات احتجاج في جميع البلدات الكبرى في الضفة الغربية، وامتدت إلى الداخل الإسرائيلي لدى فلسطينيي 48.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية إصابة نحو 200 مواطن فلسطيني، بينهم 3 إصابات قاتلة، استشهد بسببهما الشبان محمد محمود خلف (17 عاما)، ومحمد شرف (17 عاما)، ومحمد أبو غنام (19 عاما)، وإصابة خطيرة أدخلت شابا ثالثا في حالة موت سريري، إضافة إلى عشرات الإصابات الحرجة. وحاولت قوات الاحتلال الإسرائيلي خطف جثماني الشهيدين بعد اقتحام مستشفى المقاصد في القدس، كما اقتحمت قسم الكلى في مستشفى الخليل، وأطلقت نارا مكثفا وقنابل الغاز والصوت صوب المرضى ورجال الأمن والأطباء، لكن ذلك لم يقف حاجزا أمام قيام الشبان بتهريب جثماني الشهيدين من بين الجنود وقواته الخاصة لتشييعهم ودفنهم، قبيل اختطاف الجثامين من قبل الجنود ونقلها لثلاجات الاحتلال. وكانت أوساط سياسية في تل أبيب قد أكدت أن لجنة مشتركة لإسرائيل والأردن، يشارك فيها أيضا مندوبو الأوقاف، ستشكل من أجل وضع ترتيبات أمنية في الحرم تكون مقبولة من كل الأطراف. وستعنى اللجنة بمسألة البوابات الإلكترونية وتطبيق الاتفاق الذي توصلت إليه إسرائيل والأردن قبل سنتين حول نصب كاميرات الحراسة في دائرة مغلقة في أجزاء من مجال الحرم، ولكن لم يطبقه رجال الأوقاف حتى الآن.
وذكرت هذه المصادر أن الاتصالات المكثفة بين إسرائيل والأردن تجري إلى جانب جهود من خلف الكواليس تشارك فيها كل من الولايات المتحدة والعربية السعودية ومصر. وقالت مصادر فلسطينية إن الرئيس محمود عباس غاضب من استثناء السلطة الفلسطينية من الاتصالات الجارية وأيضا من اللجنة المذكورة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».