ألوف الإسرائيليين يتظاهرون في 13 مدينة مطالبين بمحاكمة نتنياهو

انضم إليهم رئيس حزب العمل المعارض داعياً إلى «تفكيك الحكومة»

TT

ألوف الإسرائيليين يتظاهرون في 13 مدينة مطالبين بمحاكمة نتنياهو

تظاهر أكثر من 10 آلاف إسرائيلي، في 13 بلدة مختلفة، للأسبوع الثالث والثلاثين على التوالي، ضد المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، على خلفية «سلوكه المتساهل» في التحقيقات ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وطالب المتظاهرون المستشار بالاستقالة، وطالبوا النيابة بتقديم نتنياهو إلى المحاكمة.
وتجري المظاهرات منذ مطلع السنة ضد مندلبليت مساء كل يوم سبت، في 10 مدن في إسرائيل، هي: بيتح تكفا، وأشدود، والخضيرة، وروش بين، ونهاريا، وجبعتايم، وتل أبيب، والقدس، وعكا، ونتانيا. وقد انضمت إليها أمس حيفا وبئر السبع والعفولة، لتصبح 13 مدينة. وكان يشارك في هذه المظاهرات عشرات المواطنين في البداية، ولكنها أصبحت بالمئات منذ الأمس. وقد ضمت المظاهرة المركزية في بيتح تكفا أكثر من 5 آلاف متظاهر. وتعتبر مظاهرة مركزية لأنها تجري على مسافة نصف كيلومتر من بيت مندلبليت نفسه.
وقد انضم إليها بشكل مفاجئ، ولأول مرة، الليلة قبل الماضية، الرئيس الجديد لحزب العمل المعارض آبي غباي، ملتحقاً بسياسيين من اليسار الراديكالي، مثل رئيسة حزب ميرتس زهافا غلؤون، والنائب ميخال روزين من ميرتس. وحيا غباي المتظاهرين، واعتبرهم «مجموعة من المواطنين المسؤولين والشرفاء الذين ينتمون إلى مختلف الأحزاب من اليمين اليسار والوسط، ويأتون إلى هنا بشكل مثابر في كل أسبوع لكي يقولوا بشكل واضح إنهم ليسوا مستعدين لتقبل الفساد، لا السلطوي ولا الشخصي». وأضاف غباي أن «على رؤساء الائتلاف إظهار الشجاعة، وتفكيك الحكومة».
وتابع غباي أن «الإجراءات القانونية بطيئة بطبيعتها، ويجب أن تجري في المحكمة، لكن هناك أعمالاً وسلوكيات غير مناسبة، على المستوى الأخلاقي والرسمي. وتوجد أعمال لا خلاف عليها، ومن بينها هدايا بمئات آلاف الشواقل؛ رشى قبضها مسؤولون ومقربون من رئيس الوزراء. فهذه الحقائق والتحقيقات الكبيرة التي يغرق فيها نتنياهو وكبار مساعديه ومناصريه تجعلنا نذكر نتنياهو بما كان هو نفسه قد قاله قبل 10 سنوات لرئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، خلال التحقيقات البوليسية معه في قضايا الفساد: حتى هنا. هناك لحظات لا يمكن فيها لقادة الجمهور الاختباء وراء الإجراءات القانونية؛ رئيس الحكومة لا يستطيع أن يدير شؤون الدولة عندما يكون غارقاً في التحقيقات؛ على رئيس الحكومة أن يستقيل».
وطالب رئيس حزب العمل الإسرائيلي المنتخب آبي غباي رؤساء الكتل البرلمانية والأحزاب المنضوية في ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو بـ«إظهار الشجاعة»، على حد تعبيره، والذهاب إلى إسقاط الحكومة الحالية، عبر الانسحاب من الائتلاف.
كانت المظاهرات قد انطلقت أول مرة بمبادرة شخص يدعى ميني نفتالي، وبقيادته، وهو الذي كان يعمل مديراً لبيت رئيس الوزراء نتنياهو، لكنه اختلف معه ومع زوجته. وعندما طلب الاستقالة، رفضا منحه تعويضات، فرفع دعوى في المحكمة، وجاء الرد منهما أنه كان يسرق من البيت، فصعق الرجل وأدار معركة قضائية كبيرة انتهت بتبرئته، وبانتقادات شديدة لرئيس الحكومة وزوجته، وبأمر من المحكمة يلزمهما بدفع التعويضات له.
وخلال معركته، تعرض لملاحقات من نشطاء في اليمين، ولاعتداءات جسدية قاسية من الشرطة. ومنذ ذلك الوقت، أخذ على عاتقه ألا يرضخ للضغوط والإرهاب، وأن يدير معركة جماهيرية لإسقاط نتنياهو، وقد استقطب معه بضعة نشطاء في البداية. ومع نشر المزيد من التفاصيل عن قضايا الفساد، واكتشاف متورطين كثيرين فيها، من رئيس الوزراء إلى قائد سلاح البحرية، ومدير عام وزارة الاتصالات، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي، وكبار مستشاري رئيس الوزراء، وجنرالات، وغيرهم، بدأ عدد المتظاهرين يزداد ويتضاعف من أسبوع إلى آخر، وبلغ أوجه هذا الأسبوع.
يقول نفتالي: «في سنة 2011 (عندما خرج نحو 400 ألف متظاهر إسرائيلي إلى الشوارع يطالبون بتغيير حكم نتنياهو)، كنت في بيت رئيس الوزراء. وأنا أقول لكم إن ما تفعلونه اليوم هو ما يخيف نتنياهو والمقربين منه؛ إنه لا يخاف من الانتخابات ولا من المعارضة، لكنه يخاف جداً من الشعب. ونحن الشعب، نحن لسنا يميناً ولا يساراً ولا وسطاً، نحن الشعب الذي ملّ الفساد والفاسدين، نحن الذين أخذنا على عاتقنا محاربة الفساد».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.