مجدلاني: الأميركيون يكتفون بنقل مطالب إسرائيلية ولا يطرحون رؤية شاملة

عباس يشدد على رفض الاستيطان... وعريقات يدعو أوروبا للاعتراف بدولة فلسطين

TT

مجدلاني: الأميركيون يكتفون بنقل مطالب إسرائيلية ولا يطرحون رؤية شاملة

اجتمع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في مكتبه في مدينة رام الله، أمس، مع المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات. وقال بيان للرئاسة الفلسطينية، نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، إن الاجتماع تناول «عددا من القضايا التي تسهم في تحقيق تقدم على صعيد العملية السلمية».
وأكد عباس، خلال اللقاء، على «الرفض الكامل للنشاطات الاستيطانية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، والإجراءات الاستفزازية والتحريضية، مثل سن القوانين التي تكرس الاحتلال وتحول دون تحقيق حل الدولتين، بهدف عرقلة وتخريب الجهود الأميركية الساعية لصنع السلام».
وكان غرينبلات قد التقى، قبل يومين، وفدا فلسطينيا برئاسة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في مدينة القدس، لبحث «إحياء عملية سلام، هدفها التوصل إلى معاهدة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
وأكد الوفد الفلسطيني للأميركيين، أن «مواقفه مستندة إلى القانون الدولي والشرعية الدولية، التي توجب وقف النشاطات الاستيطانية كافة، بما يشمل القدس الشرقية المحتلة، وصولا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967».
من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، إن إدارة ترمب «لم تطرح (على الفلسطينيين حتى الآن)، تصورا واضحا ومحددا لرعاية عملية السلام وإخراجها من حالة الجمود التي تعانيها».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن مجدلاني قوله، إن الجانب الأميركي: «لا يطرح أفكارا أو رؤية شاملة حتى الآن، بل يقتصر دوره على نقل مطالب إسرائيلية، ولا نعتقد أن هذا هو الدور المطلوب للإدارة الأميركية».
واتهم مجدلاني إسرائيل، بتعمد «طرح اشتراطات مسبقة، بغرض حرف الأنظار عن الأمر الجوهري المتعلق بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والبدء بعملية سياسية جادة، تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، ولإشغال الإدارة الأميركية وإبعادها عن جوهر المسألة».
وكان الرئيس الأميركي، قد زار إسرائيل والضفة الغربية في مايو (أيار) الماضي، وتعهد بالعمل من أجل استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ ثلاثة أعوام بين الفلسطينيين وإسرائيل، بهدف التوصل لاتفاق نهائي.
من جهة اخرى دعا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، د. صائب عريقات، أمس، أوروبا إلى الاعتراف بدولة فلسطين كما اعترفت بإسرائيل، واتخاذ خطوات جدية وملموسة بدفع مستوى وسم بضائع المستوطنات الإسرائيلية، باعتبارها إحدى أدوات مساءلة الاحتلال على استيطانه غير الشرعي، مؤكداً أن النظام الكولونيالي ومشروع إسرائيل الاستيطاني، لا يشكل عقبة في وجه أي عملية سياسية وحسب، وإنما هو السبب الرئيسي المدمر لحل الدولتين.
جاء ذلك خلال لقاء نظمته دائرة شؤون المفاوضات، بمناسبة مرور ثلاثة عشر عاماً على إصدار فتوى لاهاي، حضره عدد من الدبلوماسيين الدوليين، بمن فيهم ممثلون عن الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وتشيلي، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وجنوب أفريقيا، والسويد.
كما شارك في اللقاء، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح د. ناصر القدوة، الذي أكد بدوره، أن القرارات الدولية، ومن ضمنها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الخاصة بالاستيطان والجدار، لا يمكن إلغاؤها ولا تسقط بالتقادم، وأن المجتمع الدولي تقع عليه مسؤولية رفض التعامل مع الحقائق التي تقوم إسرائيل بفرضها على أرض الواقع، مؤكداً أن هذه القرارات، هي قرارات ملزمة ويجب احترامها والعمل على إنفاذها، وعدم السماح لإسرائيل بالتمادي في مشروعها الاحتلالي، مشدداً على مسؤولية دول العالم في الاعتراف بدولة فلسطين «للحفاظ على حقوق شعبنا الوطنية غير القابلة للتصرف».
من الجدير بالذكر، أن مستشارة السياسات لملف الحدود في دائرة شؤون المفاوضات، فاتنة هودلي، افتتحت اللقاء بتقديم شرح تفصيلي حول منظومة الجدار والسياسات الاستيطانية الإسرائيلية، وقدمت نبذة عن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وعدم مشروعيته، وشرحت أيضاً، آثار جدار الضم والتوسع المباشرة وغير المباشرة على حياة الفلسطينيين، وعلى مدينة القدس بشكل خاص، التي نجح الجدار في عزلها عن باقي أرض دولة فلسطين المحتلة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.