«تماضر» تجمع امرؤ القيس وطلال مداح وبدر العبد المحسن في حفل «سوق عكاظ»

خالد الفيصل: حققنا التميز والإبداع... وسلطان بن سلمان يدشن كتابه «الخيال الممكن»

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين... أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح الدورة الـ11 لسوق عكاظ (واس)
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين... أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح الدورة الـ11 لسوق عكاظ (واس)
TT

«تماضر» تجمع امرؤ القيس وطلال مداح وبدر العبد المحسن في حفل «سوق عكاظ»

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين... أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح الدورة الـ11 لسوق عكاظ (واس)
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين... أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح الدورة الـ11 لسوق عكاظ (واس)

أعاد حفل افتتاح مهرجان «سوق عكاظ» للجمهور السعودي المتعطش للفنّ والأدب، روح القصيدة العربية ممثلة بفارسها امرؤ القيس الكندي، وصوت النغم الجميل الذي طالما صدح به الفنان الرّاحل طلال المداح، مثلما أعاد الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن إلى جمهوره.
الثلاثي، امرؤ القيس وطلال المداح وبدر العبد المحسن، اجتمعوا في لوحة تمثيلية بعنوان «تماضر»، صاغها الأمير الشاعر، واقتبست روحها من نصّ «طفلة عربية» للشاعر امرؤ القيس، التي غنى جانباً منها الشاعر السعودي طلال المداح:
تَـعَـلَّـقَ قَلبِـي طَفلَـة عَـرَبِـيَّـة
تَنَعـمُ فِي الدِّيبَـاجِ والحُلِـي والحُـلَلْ
لَهَـا مُقلَـة لَـو أَنَّهَـا نَظَـرَت بِهَـا
إِلـى رَاهِبٍ قَـد صَـامَ للهِ وابتَهَـلْ
لأصبَـحَ مَفتُونـاً مُعَـنًّـى بِحُـبِّـهَا
كَأَن لَمْ يَصُـمْ للهِ يَومـاً ولَمْ يُصَـلْ
مثلت اللوحة مصافحة دافئة مع الفنّ السعودي الذي يشهد انتعاشاً ملحوظاً وتمدّداً واسعاً، بعد سنوات من الجفاء. في عرض «تماضر» نجح الأمير الشاعر في استحضار سير عدد من رواد الفنّ السعودي، أمثال طارق عبد الحكيم، وطلال المداح، وعازف القانون السعودي مدني عبادي.
نصّ «تماضر» الذي تم أداؤه داخل «خيمة» عربية، مزج بين الشعر والنثر، وبين الماضي والحاضر والمستقبل، وبين الأصالة والحداثة، على إيقاع حوار سردي بين جيلين وجنسين: (الأب وابنته)، مستحضراً الرغبة للتصالح مع الحاضر والانطلاق نحو المستقبل.
كما شمل حفل افتتاح «عكاظ» أوبريت «دهشة الورد»، من كلمات بدر العبد المحسن أيضاً، ومنها: «يا دهشة الورد... ويا شهقة الكادي» وقام بغنائها الفنان عبد المجيد عبد الله، وألحان ياسر أبو علي. وكذلك قدمت الأغنية الوطنية «يا دار» من كلمات بدر العبد المحسن ومن تلحين وأداء الفنان حسين اليامي.
كما تضمن الحفل قصيدة «عطر الناس»، من كلمات الشاعر محمد جبر الحربي، وقام بغنائها الفنان رامي عبد الله، وقد لحنها الدكتور عبد الرب إدريس.
يُستضاف مهرجان «سوق عكاظ»، في موقعه التاريخي بالعرفاء شمال شرقي مدينة الطائف، وكانت «عكاظ» التي ابتكرها العرب ضمن 3 أسواق في الجاهلية: «عكاظ، ومجنة، وذي المجاز» موسماً سنوياً للشعر والأدب والتعريف بالشعراء وإجازة النوابغ ووضع موازين للقوافي ومعايير للأدب الرفيع، وانتخاب أفضل القصائد لتصبح من المعلقات، حيث كانت تضرب للنابغة الذبياني، قبة حمراء من آدم، فتأتيه الشعراء لتعرض عليه أشعارها، وذلك قبل 70 عاما من الهجرة.
وفي دورته الـ11، التي انطلقت مساء أول من أمس تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، دشّن الافتتاح الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ.
وقال الأمير خالد الفيصل بعد اختتام حفل الافتتاح: «ما رأيته هو إبداع وتميّز ومجهود مثمر وصل لمستوى التميز والإبداع في كل شيء، ما رأيناه نقلة نوعية في مسيرة عكاظ، أرجو أن تستمر على هذا التوجه والمنحى، لأنّ هذا الوطن وهذا الشعب يستحق منّا كل شيء، والمواطن السعودي يرفع الرأس في كل مكان وفي كل مجال».
وسبق حفل التدشين تجول الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أول من أمس، في جادة عكاظ والمعارض، يرافقه الأمير بدر بن عبد المحسن والدكتور عواد العواد وزير الثقافة والإعلام وضيوف السوق من داخل وخارج السعودية، واطلعوا على عروض وفعاليات وأنشطة الجادة.
وأطلق الأمير سلطان بن سلمان مسيرة الأهالي في الجادة وتابع الأنشطة الثقافية والتاريخية والعروض والفنون الشعبية لعدد من مناطق المملكة التي تشارك للمرة الأولى، وقوافل الهجن التي ستحتضنها الجادة خلال إقامة أيام السوق.
وتشهد الجادة هذا العام تطورا من خلال عدد من الفعاليات التراثية والثقافية والعروض المسرحية، إضافة إلى فعاليات الحرف والصناعات اليدوية. كما تشارك في الجادة هذا العام 5 دول عربية هي «مصر وتونس والمغرب والأردن والجزائر».
وكان الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز قد دشن أمس كتابه «الخيال الممكن»، مهدياً نسخة منه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
وقال الأمير سلطان بن سلمان خلال مؤتمر صحافي بقاعة التشريفات في جامعة الطائف: «أهدي النسخة الأولى من الكتاب لوالدي ووالد الجميع، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ووالدتي، وأهديه أيضا للوطن الذي لن نوفيه حقه طول العمر، كما أهديه للملك فهد - رحمه الله - الذي كلفني برئاسة الهيئة، والملك عبد الله، رحمه الله، والأمير سلطان، رحمه الله الذي هو معلمي الأول ومن سميت عليه، كما أهدي نسخة للأمير خالد الفيصل وهو المدرسة الذي تعلمت منه الكثير، ونسخة إهداء لأمراء المناطق الذين كنا نعمل معهم». واستطرد: «الكتاب يحوي تجارب إدارية جريئة ومميزة، وقد عملت معظم حياتي في قطاعات الدولة والمؤسسات الخيرية، وكنت أرى كيف أن المبادرات الجديدة عندما تقدم بشكل صحيح ويكون هناك مساحات واضحة للشركاء، فإنّها ستنجح بعد توفيق الله».
وأصبح «سوق عكاظ» منذ عودته في العام 2007، موسماً للشعر والأدب والتراث والثقافة، وإجازة القصيد، وملتقى للأدب والفكر، ومكاناً تجتمع فيه نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين العرب، وتترامى حوله مسابقات الفنّ والمسرح والخط العربي والتشكيلي، وتقوم حوله النساء السعوديات يعرضن آخر منتجاتهنّ من المصنوعات اليدوية والمنسوجات والمشغولات فيما بات يعرف بمنتجات الأسر المنتجة.
ويشتمل البرنامج الثقافي للسوق هذا العام على عدد من الفعاليات، بدأت يوم الأربعاء الماضي، بإطلاق مسابقة عكاظ للإبداع المسرحي في نسختها الأولى وقيمة جوائزها 200 ألف ريال، على مسرح قاعة فهد ردة للفنون في جمعية الثقافة والفنون بالطائف.
كما أقيمت أمس أمسية شعرية لشعراء «عكاظ»: محمد التركي، والدكتور أحمد سيد نبوي، وجاسم الصحيح، وسلطان السبهان، وليلى الأحمدي، ويدير الأمسية أحمد إبراهيم البوق. وندوة بعنوان «دريد بن الصمة» ومحاضرة عنوانها «اللغة العربية في إسبانيا»، بالإضافة لورشة عمل الطفل والفنون التشكيلية في خيمة الفن التشكيلي في سوق عكاظ في العرفا.
ويتواصل البرنامج الثقافي اليوم الجمعة بمحاضرة عن «المواقع التاريخية في محافظة الطائف عبر العصور»، يشارك فيها كل من: الدكتور سعد الراشد، والدكتور محمد بن سلطان العتيبي، والدكتور عبد الله بن محمد الشارخ، والدكتور مترك السبيعي، ويديرها حماد السالمي. كما يشهد البرنامج الثقافي تنظيم ندوة عن «مستقبل الثقافة والفنون في رؤية 2030»، يشارك فيها كل من الدكتور سعيد مصلح السريحي، والدكتورة منى المالكي، وسلطان البازعي، والدكتور عبد الله الخطيب، ويديرها مسلم الرمالي.
كما تقام أمسية شعرية يحييها «شاعر شباب عكاظ»: طارق صميلي، مع مجموعة من الشعراء الشباب هم: شميسة النعماني، وخليف غالب الشمري، ومحمد عبد العزيز العتيق، ويديرها الأمسية مفرح الشقيقي. فيما تُنظّم في سوق عكاظ وضمن البرنامج الثقافي ورشة «الحرف والصناعات اليدوية الدولية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».