علّق المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الكولونيل ريان ديلون، في بيان أمس، على المعلومات الرائجة عن مقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، بالقول إن التحالف متأكد من أنه إذا كان حياً حقاً فهو غير قادر على التأثير فيما يدور حالياً في الرقة أو الموصل أو داخل تنظيمه بوجه عام. لكن مصادر أمنية عراقية مطلعة تؤكد أن البغدادي كان موجوداً في الموصل مع بدء عمليات تحريرها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وخرج منها باتجاه قضاء تلعفر الذي ما زال خاضعاً لسيطرة التنظيم.
وكشف مسؤول إعلام مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي لـ«الشرق الأوسط» أن البغدادي «كان موجوداً في قضاء تلعفر حتى 14 فبراير (شباط) الماضي. (الحشد الشعبي) كان يحاصر القضاء، لكن التنظيم شن هجوماً واسعاً بالدبابات والمدرعات والعجلات المفخخة على الخطوط الأمامية لـ(الحشد) غرب تلعفر، وتمكن بعد أكثر من 6 ساعات من المعارك المتواصلة من أن يكسر الطوق على تلعفر. فتح مسلحو التنظيم الطريق، فهرب غالبية قادة (داعش) الهاربين من الموصل والذين كانوا يوجدون في تلعفر مع عوائلهم ليلاً بعشرات العجلات، وسلكوا طريقاً في اتجاه قضاء البعاج؛ ومنه إلى سوريا، ومعلوماتنا تشير إلى أن البغدادي كان معهم وهو الآن موجود في سوريا». ولفت إلى أن تلعفر لم تشهد إصدار التنظيم أي بيان أو منشور عن مقتل البغدادي.
وفي حين نُقل عن مصادر في عشائر عربية تسكن المنطقة الغربية من الموصل تأكيدها أن البغدادي عند هروبه من تلعفر كان مصاباً بجروح إثر تعرضه لغارة من التحالف الدولي، قال المتحدث باسم العشائر العربية في محافظة نينوى الشيخ مزاحم الحويت لـ«الشرق الأوسط»، إن ذلك غير صحيح.
ومع تضارب الأنباء عمّن سيخلف البغدادي في حال تأكدت وفاته، برز اسمان من قيادات التنظيم لقيادته في المرحلة المقبلة، وكلاهما من البعثيين السابقين الذين ظهرت بصمتهم على قيادة «داعش» وعملياته منذ اللحظة الأولى لظهوره في سوريا والعراق. وقالت مصادر أمنية عراقية لـ«الشرق الأوسط» إن الترجيحات تشير إلى أن إياد العبيدي وإياد الجميلي من بين أكثر الأسماء رواجاً لخلافة البغدادي. أما الأول فهو إياد عبد الرحمن العبيدي، الملقب «أبو صالح» أو «فاضل حيفا»، وهو ضابط كبير سابق في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، تأثر بالفكر المتطرف وانضم إلى صفوف «القاعدة» بعد سقوط نظام البعث في العراق عام 2003، وكان ضمن المعتقلين السابقين في سجن بوكا. وظهر العبيدي إلى الواجهة عام 2015 حين أعلن التنظيم عن توليه رئاسة المجلس العسكري بعد مقتل «أبو مسلم التركماني» القيادي العراقي البارز في التنظيم، وأصبح في الوقت ذاته نائبا للبغدادي على العراق.
أما الشخص الثاني فهو إياد حامد خلف الجميلي، المعروف بـ«أبو عبد الرحمن الأنصاري». وتؤكد مصادر أمنية أن الجميلي، الذي ينتمي إلى مدينة الفلوجة، كان برتبة عقيد ركن في استخبارات الجيش العراقي، وأنه يشرف على الأمن الداخلي للتنظيم، وأنه من القيادات المقربة من البغدادي ويشغل منصب نائب زعيم «داعش» أيضاً.
وبحسب المعلومات الأمنية، يعتمد زعيم «داعش» في قيادة التنظيم عسكرياً وأمنياً على أكثر من مائتي ضابط عراقي من ضباط الجيش السابق (في عهد صدام حسين). وينتمي غالبيتهم إلى مدينة الموصل وأطرافها وإلى تكريت وبغداد ومدن أخرى في الأنبار. ويعود تاريخ تبني هؤلاء الضباط الفكر المتطرف إلى تسعينات القرن الماضي حين أعطى صدام الحرية لضباط الجيش العراقي في التدين خلال «الحملة الإيمانية» التي أطلقها بعد غزوه دولة الكويت.
واستفاد «داعش» كثيرا خلال السنوات الماضية من العلاقات التي تربط هؤلاء الضباط بزعماء القبائل في مناطقهم لتثبيت جذوره في هذه المناطق والسيطرة عليها، وكذلك استفاد من خبراتهم العسكرية والأساليب المخابراتية التي كانوا يتقنونها في خوض المعارك.
ضابطان من {جيش صدّام} لخلافة البغدادي
ضابطان من {جيش صدّام} لخلافة البغدادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة