عباس يؤكد التعاون مع ترمب ويربط أي اتفاق سلام بإنهاء الاحتلال والدولة المستقلة

انطلاق مباحثات «5 - 5» بين الفلسطينيين والأميركيين في القدس

TT

عباس يؤكد التعاون مع ترمب ويربط أي اتفاق سلام بإنهاء الاحتلال والدولة المستقلة

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه سيتعاون مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من أجل إحياء مفاوضات سلام، وسيبذل كل ما يمكن لإنجاح هذه الجهود. وعبّر عباس عن تقديره لجهود ترمب، لكنه ربط أي اتفاق سلام بتحقيق حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وإنهاء الاحتلال وفق قرارات الشرعية.
وأضاف عباس أثناء لقائه بولو إيلي، رئيس الجمعية البرلمانية الأوروبية لحلف شمال الأطلسي «الناتو»: «الشعب الفلسطيني بحاجة للأمن والسلام أكثر من أي طرف آخر، كونه تحت الاحتلال، ولا يملك أي قوة عسكرية». ونوه عباس إلى أن حل القضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، سيعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مشدداً على أهمية الدور الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي في دعم جهود تحقيق السلام.
جاءت تصريحات عباس مع انطلاق المباحثات الأميركية الفلسطينية المعروفة بمباحثات «5 -5»، التي تهدف إلى الاتفاق على أرضية لإطلاق مفاوضات سلام.
ويسعى الأميركيون للوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين والإسرائيليين، كل على حدة، يمكن من خلاله إطلاق عملية سلام جديدة. وقد تعلن الإدارة الأميركية عن وثيقة مبادئ تكون أساساً للمفاوضات المرتقبة. وقد بحث اجتماع فلسطيني - أميركي، في القدس، هذه التفاصيل أمس. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، إن اللقاء بحث إحياء عملية سلام هدفها التوصل إلى معاهدة. وأضاف عريقات في تصريح تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه: «أكد الجانب الفلسطيني أن مواقفه مستندة إلى القانون الدولي والشرعية الدولية، ووجوب وقف كل النشاطات الاستيطانية، بما يشمل القدس الشرقية المحتلة، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967».
وشارك في الاجتماع عن الجانب الفلسطيني، إضافة إلى عريقات، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى، وعن الجانب الأميركي، المبعوث الأميركي لعملية السلام جيسن غرينبلات، والسفير الأميركي ديفيد فريدمان، والقنصل الأميركي العام في القدس دونالد بلوم، وعقد الاجتماع في القدس بناء على طلب فلسطيني. وقالت مصادر فلسطينية، إن السلطة أرادت إيصال رسالة للأميركيين بأن السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان شخص غير مرغوب به في رام الله؛ بسبب مواقفه المتحيزة جداً لصالح إسرائيل وضد الفلسطينيين، وإصراره الكبير على نقل السفارة الأميركية إلى القدس وعمله على ذلك طيلة الوقت.
وكان غرينبلات أجرى مباحثات في إسرائيل، مع مسؤولين إسرائيليين بينهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي نصحه بالتوقف عن أي خطط من أجل عملية سلام ثنائية مع الفلسطينيين، والتوجه إلى «محور الاعتدال» من أجل تحقيق مراده.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أمس، ما وصفته بمهاترات ليبرمان، وقالت، إن «ما قاله الوزير الإسرائيلي لا يعدو كونه خريطة طريق إسرائيلية بامتياز للهروب من السلام واستحقاقاته، ومحاولة مكشوفة لوضع العربة أمام الحصان، والالتفاف على مبادرة السلام العربية والتعامل معها بشكل عكسي، ويصب أيضاً في إطار محاولات إسرائيل عرقلة الجهد الأميركي الهادف إلى إطلاق مفاوضات حقيقية وجدية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وهذا ما اعتادت إسرائيل على فعله طوال سنوات المفاوضات بأشكالها المختلفة، وما يتوافق أيضاً، مع سعي الحكومة الإسرائيلية للتسويف والمماطلة لكسب المزيد من الوقت، من أجل تنفيذ مخططاتها الاستعمارية التوسعية على حساب الأرض الفلسطينية المحتلة، بهدف إغلاق الباب نهائيا، أمام أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وذات سيادة إلى جانب دولة إسرائيل».
وأضافت «الخارجية»، أن «الرفض الإسرائيلي الدائم والمتواصل لأي جهود دولية لتحريك عملية السلام، ينبع من سياسة الاحتلال القائمة على الاستفراد العنيف بالشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه، ومبني على سلسلة طويلة من عمليات الاستيطان التهويدية، والتدابير والإجراءات القمعية العنصرية ضد الشعب الفلسطيني، الهدف منها حسم قضايا الحل الدائم من طرف واحد، بما يمنح دولة الاحتلال، وبقرار أحادي الجانب، القدرة على قطف ثمار السلام قبل أن يترجم إلى واقع حقيقي وملموس». وتابعت الخارجية الفلسطينية، أن «السلام يتحقق فقط من خلال بوابة الشرعية الفلسطينية، وأن المحاولات الإسرائيلية المكشوفة الهادفة إلى طرح بوابات بديلة سيكون مصيرها الفشل والسقوط المدوي، وعليه فإن على المجتمع الدولي أن يدرك مخاطر تلك الطروحات الإسرائيلية الالتفافية على عملية السلام. آن الأوان لتحميل الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن العراقيل والعقبات التي تضعها في طريق استئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.