وزير يمني: الانقلابيون بدأوا حملة اعتقالات لقيادات حزبية

«حقوق الإنسان» تحرك ملف إطلاق الصبيحي دولياً

TT

وزير يمني: الانقلابيون بدأوا حملة اعتقالات لقيادات حزبية

كشف الدكتور محمد عسكر وزير حقوق الإنسان في اليمن، عن أن حكومة بلاده تتحرك خلال هذه الأيام في جميع الاتجاهات، لطرح قضية اعتقال وزير الدفاع محمود الصبيحي على الأمم المتحدة والصليب الأحمر بعد مرور أكثر من عامين على اعتقاله من قبل الانقلابيين، لافتا إلى حملة اعتقالات طالت قيادات حزبية.
وقال عسكر، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن تحرك الحكومة ممثلة في وزارة حقوق الإنسان، يأتي بعد تعنت ورفض الانقلابيين إعطاء أي معلومة عامة عن حالة أو مكان وزير الدفاع، للصليب الأحمر، الجهة الدولية المعنية بموضوع السجناء والمعتقلين، التي أفادت بأن هناك تعنتا كبيرا من قبل الانقلابيين في إعطاء أي معلومة في هذا الاتجاه.
وأضاف عسكر أن وزارته قامت بطرح كثير من المبادرات لإيجاد مخرج أو حل للمنظمة الدولية للوصول لأي معلومة حول مصير وزير الدفاع الذي يعد مجهولا حتى لهذه المنظمات، ومن ذلك إعطاء المنظمة معلومات عن الأسرى لدى الحكومة الشرعية، أو أن يكون هناك تبادل للأسرى الموجودين لدينا، مقابل تحرك الوسيط الدولي مع الحوثيين في هذا الشأن.
وشدد الوزير اليمني على أن ملف الصبيحي، يشكل ورقة ضغط للحكومة اليمنية على جميع المنظمات بما فيها الصليب الأحمر، والأمم المتحدة، خاصة أن اسم وزير الدفاع مدرج ضمن القرار الدولي 2216، ويتضمن إلزام الانقلابيين بإطلاق سراح الوزير المعتقل، وهو التزام دولي، ونحن نطالب المجتمع الدولي بتنفيذ هذا القرار، موضحا أن الأمم المتحدة تتحجج بأن الميليشيات لا تحترم تنفيذ القانون الدولي، موضحا أن السياسة الدولية لا بد فيها من استخدام أوراق ضغط محددة للحصول على نتائج واضحة.
ولفت عسكر إلى أن المطالب الآن من هذه المنظمات الدولية معلومات وصور حديثة لجميع المخفيين قصريا، بما في ذلك وزير الدفاع، وهو الحد الأدنى في الجانب الإنساني الذي يجب أن تتفاعل فيه المنظمات كافة، موضحا أن هناك تزايدا لأعداد المعتقلين في سجون الانقلابيين، إذ تشير آخر إحصائيات الوزارة إلى أن هناك 38 ألف مواطن يمني ما بين معتقلين ومخفيين قسريا.
وفي هذه المرحلة، والحديث لوزير حقوق الإنسان، لا بد من نقل معاناة المعتقلين للعالم وفي المحافل الدولية بجميع الأشكال والصور، التي تساعد في التخفيف من هذه المعاناة القاسية لجميع المعتقلين، الذين نبحث عن معلومات واضحة عنهم، وكذلك عن المخفيين قسرا وما مصيرهم، موضحا أن الصليب الأحمر أبدى تعاونا وتكاملا مع الحكومة اليمنية، خاصة أن الحكومة اليمنية فتحت سجونها للصليب الأحمر لتقييم الوضع، وإرسال رسالة للانقلابيين لفتح سجونهم أمام المنظمات الدولية.
وقال إن وزارته رصدت في الآونة الأخيرة «حملة اعتقالات واسعة ينفذها الانقلابيون لقيادات حزبية في كثير من المدن التي تقع تحت سيطرتهم، وهو ما حذرت منه قبل فترة وجيزة لموجة اعتقالات سينفذها الانقلابيون»، وذلك بعد خطاب زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي حينما تحدث عن الطابور الخامس، بالإضافة إلى تضييق الخناق عليه عسكريا «حتى أصبح يخشى من الأصوات المعارضة له، وبالتالي أصبح يعتقل أي شخص معارض له».
وتقوم وزارة حقوق الإنسان، بحسب عسكر، بعمل مضاعف وفي جميع الاتجاهات، خاصة مع تعدد مشكلات المعتقلين في سجون الانقلابيين، الأمر الذي يتطلب إيجاد الخيارات والحلول لهؤلاء المعتقلين، ومن ذلك ما تقوم به من رصد لهذه الانتهاكات والاعتقالات وتوثيقه توثيقا قانونيا، كما تقوم برصد مراكز هذه الاعتقالات والضغط على الصليب الأحمر للذهاب إلى هناك وإيصال بعض المستلزمات، كذلك تشجيع بعض الروابط الخاصة بأمهات المعتقلين، التي تعد إطارا لأسر هؤلاء الضحايا، وذلك من أجل تخفيف الضغوط على هؤلاء المعتقلين بالوقفات الاحتجاجية والنشرات الإعلامية، موضحا أن الوزارة تقدم مساعدات مالية لأسر المعتقلين وغيرها من المساعدات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.