«داعش» يلجأ لتكتيكات جديدة بعد هزائمه في سوريا والعراق

دراسة عسكرية أميركية: التنظيم ما زال قادراً على إشعال فتيل العنف

جنديان عراقيان يدعوان لمساعدة الضحايا جراء تفجير انتحاري نفذه «داعش» في الموصل (نيويورك تايمز)
جنديان عراقيان يدعوان لمساعدة الضحايا جراء تفجير انتحاري نفذه «داعش» في الموصل (نيويورك تايمز)
TT

«داعش» يلجأ لتكتيكات جديدة بعد هزائمه في سوريا والعراق

جنديان عراقيان يدعوان لمساعدة الضحايا جراء تفجير انتحاري نفذه «داعش» في الموصل (نيويورك تايمز)
جنديان عراقيان يدعوان لمساعدة الضحايا جراء تفجير انتحاري نفذه «داعش» في الموصل (نيويورك تايمز)

نفذ تنظيم داعش الإرهابي نحو 1500 اعتداء في 16 مدينة بكل من العراق وسوريا، بعد إعلان تحريرها من سيطرة عناصر التنظيم المسلحة في الشهور الأخيرة، في مؤشر واضح إلى أن جذور التنظيم الإرهابي لا تزال موجودة، وستستمر في تهديد الأمن بتلك المدن على المدى الطويل.
واستندت المعلومات إلى دراسة أعدها «مركز مكافحة الإرهاب» التابع لأكاديمية «ويست بوينت» العسكرية الأميركية، ونشرت الخميس الماضي، وحذرت من أن أي مكاسب عسكرية ستنتهي بالفشل من دون تكثيف الجهود لاستعادة الأمن، وتمكين يد الدولة، وتعزيز الاقتصاد في المناطق التي خضعت لسيطرة تنظيم داعش.
وبحسب التقرير الذي تكون من 20 صفحة، فإن «دحر (داعش) في المناطق الواقعة داخل نطاق سيطرة الحكومة لا يعد تطوراً كافياً في حد ذاته، ما ظل التنظيم قادراً على إشعال فتيل العنف مجدداً في مواجهة الأفراد في العراق وسوريا».
وأفاد القادة العسكريون والدبلوماسيون بأن الأهم من طرد عناصر تنظيم داعش من المناطق التي أعلن فيها عن قيام «دولته»، بشرق سوريا وشمال وغرب العراق، هو مواجهة التحدي الحقيقي الشاق، المتمثل في إعادة تكوين البنية السياسية والاقتصادية للبلاد في السنوات المقبلة.
وأفاد خبراء الاقتصاد بأن الدراسة سلطت الضوء على منحى جديد ظهر في الشهور الأخيرة، تمثل في تراجع قوات المشاة المدعومة من الولايات المتحدة في العراق وسوريا بوتيرة ثابتة، وخسارتها للمناطق التي استولى «داعش» عليها عام 2014، والتي استخدمتها لاجتذاب مسلمي العالم للمجيء إلى «أرض الخلافة».
لكن الآن، فإن معاقله في الموصل العراقية والرقة السورية، التي اتخذها التنظيم عاصمة بالبلدين، باتت محاصرة بعد أن فر كبار قادته مع تقدم خصومه. وفي السياق ذاته، أوضح ويليام مكانتس، زميل بمعهد بروكنغز، ومؤلف كتاب «نبوءة داعش: تاريخ واستراتيجية رؤية داعش ليوم القيامة»، أنه «توقعت (داعش) خسارة سيطرتها منذ نحو عام، لكنهم مستعدون لشن حرب في الظل لاستعادتها». وأوضح معدا التقرير، دانيل ميلتون ومحمد العبيدي، أن ما خلصا إليه يهدف إلى رسم صورة أوضح للتحديات العسكرية في العراق وسوريا، خصوصاً فيما يتعلق بإحلال الأمن في المدن الكبيرة والصغيرة التي استعادتها الدولة من تنظيم داعش.
وعلى الرغم من جميع تلك الاستنتاجات الإيجابية، فقد أثبت تحرير المدن في العراق وسوريا أن الإنجاز جاء خليطاً من عدة أشياء يتعين على المواطنين في تلك المناطق إعادة فرزها، وأن من أبرز المهام المقبلة مواجهة تحدي فترة ما بعد التحرير، حيث تعرضت المدن للتدمير، وحيث لا تزال التهديدات الأمنية قائمة. واستند التقرير إلى مدينة الفلوجة كمثال للوضع في المدن التي حررتها القوات العراقية في يونيو (حزيران) 2016.
وبعد عدة شهور، أشارت تقارير إعلامية إلى أن أهالي تلك المناطق ما زالوا يواجهون سلسلة من التحديات التي تتمثل في المباني المهدمة، والذخائر الحية التي خلفها «داعش» وسط الأنقاض، والتهديدات المستمرة التي يشكلها التنظيم.
واستند التقرير إلى مزاعم «داعش» بشأن شن 1468 اعتداء في 16 مدينة، منهم 11 مدينة في العراق و5 في سوريا، منذ طرد ميليشياتها من تلك المناطق حتى أبريل (نيسان) الماضي. وفي بعض الأحيان، كان العنف يندلع بمجرد هزيمة المسلحين الذين باتوا عاجزين عن شن المزيد من الاعتداءات، سواء باستخدام الأسلحة الخفيفة أو تنفيذ الهجمات الانتحارية، فيما استمر العنف قائماً في غيرها من المدن التي تشهد اعتداءات بين الفينة والأخرى.
وشهد شرق الموصل العدد الأكبر من الهجمات خلال الشهر، التي تعدت 130 هجوماً منذ دحر القوات العراقية لميليشيات «داعش»، وطردها خارج المدن التي سيطرت عليها. وشهدت مدينة بيجي العراقية ثاني أكبر عدد من الهجمات على مدار الشهر، بمتوسط 21 هجوماً.
كما كشف التقرير أن «داعش» لجأ إلى تكتيكات متنوعة في المدن التي سيطر عليها. ففي الهجمات التي تنفذ عن بعد، استخدم التنظيم أسلحة مثل الصواريخ وبنادق القناصة في 56 في المائة من هجماته، فيما مثلت العمليات الانتحارية 5 في المائة فقط، بحسب التقرير.
وفي مدينة الرمادي، شرق العراق، استخدم «داعش» متفجرات مرتجلة، مثل تلك التي أطلق عليها التنظيم اسم «القنابل الملتصقة»، لأن عناصره كانت تقوم بلصق القنابل في الشاحنات أو السيارات باستخدام مواد لاصقة. وتعد العمليات الانتحارية الأقل شيوعاً، وكانت تستخدم لبث الرعب في نفوس المواطنين في المناطق المحررة التي شهدت دحر «داعش» ورحيله.
واكتشف الباحثون أن «داعش» أبقى على الموارد والخبرات اللازمة لشن الهجمات في المناطق المحررة التي شهدت دحر ميليشياته، بيد أنه تحاشى العمليات التي تؤدي إلى إرهاق مصادر قوته بتلك المناطق، أو التي تؤثر سلباً على قدرته على القتال فيها في المستقبل.
وأضاف التقرير أنه لا توجد ضمانات لاستمرار الأمن حتى في حال الوصول إلى مصالحة سياسية، فحتى «المناطق التي شهدت دحر ميليشيات (داعش)، وإحلالاً للأمن نسبياً، فلا تزال التحديات السياسية قائمة».
وفي مدينة بيجي، في مارس (آذار) الماضي، تعمدت القوات الأميركية السير في الشوارع لمنع القتال بين حليفي الولايات المتحدة، الجيش التركي والمقاتلين العرب والأكراد الذين يمثلون قوام ما يعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية».
* خدمة «نيويورك تايمز»



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.