خنق {داعش} في الرقة بعد غلق آخر طريق للمدينة

أكراد يلوحون بورقة المعركة للضغط على واشنطن

خنق {داعش} في الرقة بعد غلق آخر طريق للمدينة
TT

خنق {داعش} في الرقة بعد غلق آخر طريق للمدينة

خنق {داعش} في الرقة بعد غلق آخر طريق للمدينة

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن قوات تدعمها الولايات المتحدة طوقت بالكامل مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش في سوريا، بعد أن أغلقت آخر طريق للمتشددين للخروج من الجنوب. وقطعت «قوات سوريا الديمقراطية»، المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، الخميس، المنفذ الأخير المتبقي للتنظيم من مدينة الرقة إلى بقية مناطق سيطرته في سوريا.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «سيطرت قوات سوريا الديمقراطية، أمس، على المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات، لتقطع بذلك آخر طريق كان يمكن لتنظيم داعش الانسحاب منه، من مدينة الرقة باتجاه مناطق سيطرته في البادية السورية ومحافظة دير الزور» في شرق البلاد.
ولوّح ناشطون أكراد باستخدام ورقة الرقة للضغط على واشنطن لحث أنقرة على التراجع عن قرارها بشن عمل عسكري ضد «الوحدات الكردية» في منطقة ريف عفرين. وفيما لم ينف مسؤول كردي نية استخدام ورقة الرقة للضغط على الأميركيين، فإنه في الوقت عينه لم يؤكد الموضوع. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما يمكن تأكيده هو أن معركة الرقة ستتأثر تلقائيا إذا ما شنت أنقرة عملية عسكرية بوجهنا في ريف عفرين. أما حجم تأثرها، فغير واضح، خصوصا أننا نعي تماما أن أحد الأهداف التركية من هذه الحركة هو عرقلة العمليات في الرقة».
ميدانيا، قالت وكالة «آرا نيوز» إن «قوات سوريا الديمقراطية»، سيطرت أمس على قرية جديدة بريف الرقة الجنوبي، ضمن تقدمها في هذا المحور بعد أن تمكنت من إغلاق آخر منافذ «داعش» باتجاه المدينة. ونقلت الوكالة عن مصادر عسكرية قولها إن قوات «غضب الفرات» تمكنت خلال الأيام القليلة الماضية من السيطرة على المنفذ الجنوبي للرقة الموازي لنهر الفرات، بعد أن أطبقت الحصار من الجوانب الثلاثة الأخرى، وبات بذلك مقاتلو «داعش» محاصرون بـ«سوريا الديمقراطية» من جميع الجهات. وأضاف المصدر: «دارت في قرية كسرة عفنان الواقعة جنوب مدينة الرقة اشتباكات ضارية بين مقاتلي (قوات سوريا الديمقراطية) ومسلحي (داعش)، منذ ليل الأربعاء واستمرت حتى صباح الخميس»، لافتا إلى أنها «أسفرت عن تحرير القوات القرية، وعن مقتل 4 عناصر من (داعش)».
أما مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، فتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن نجاح «قسد» أمس الخميس في تطويق «داعش» داخل الرقة بعد السيطرة على مناطق جنوب نهر الفرات وإغلاق آخر المنافذ في تلك المنطقة، إلا أنه أشار إلى تقدم بطيء يتم داخل المدينة. وأضاف: «كان حلم الأميركيين والأكراد أن تسقط الرقة والموصل بشكل متزامن، إلا أن رفض الروس لانسحاب عناصر (داعش) باتجاه البادية ودير الزور، حال دون ذلك».
من جهته، أكد أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» والمتخصص بشؤون «داعش» سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على المنفذ الأخير للتنظيم باتجاه الرقة، وهو المنفذ القريب من الجسر القديم بالطرف الجنوبي للمدنية، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المعارك تتركز حاليا وبشكل رئيسي في الريفين الجنوبي والغربي وبوتيرة أقل في الريفين الشمالي والشرقي». ورجّح الرقاوي أن تكون لخسارة الموصل تداعياتها على عناصر «داعش» في الرقة، وقال: «قد يستبسلون أكثر في المعارك داخل المدينة السورية مما يؤدي لطول أمد القتال».
في هذا الوقت، تواصلت المعارك في البادية السورية، حيث تخوض قوات النظام السوري معارك بوجه قوات المعارضة وأخرى بوجه تنظيم داعش. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «اشتباكات وقعت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جهة أخرى، بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس في محور طريق حمص - سلمية»، لافتا إلى مقتل أحد مقاتلي المعارضة خلال الاشتباكات في محيط مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي. وبالتزامن، تواصلت الاشتباكات، التي وصفها المرصد بـ«العنيفة» بين «المسلحين الموالين للنظام من جنسيات عراقية وإيرانية وآسيوية من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في محيط منطقتي حميمة والضليعات ببادية تدمر الشرقية والجنوبية الشرقية»، وقال رامي عبد الرحمن إن النظام حقق خلالها تقدما كبيرا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.